تفرّغتُ خلال اليومين الماضيين للاطِّلاع على قرارات الأمم المتحدة منذ إنشائها، وحتى تاريخه، والصادرة حيال النزاعات الدوليَّة، ومدى تأثير تلك القرارات، ولم أجد أثرًا لكلِّ النداءات، أو حتَّى التهديدات التي صدرت بحقِّ الدول (الباغية).. فقط يكون التأثير على الدول الضعيفة التي ليس لها إلاَّ أن تستجيب مُجبرَة. وخرجتُ بمحصلة، أو نُسمِّيها نتيجة، تظهر بأنَّ بعض «قوى الشر» هي التي أدركت بأنَّ قرارات الأمم المتحدة غير حاسمة، وأنَّه لا بأس في أن لا تنصاع لها، بل وتتمرَّد عليها؛ لتكسب قضيَّتها بالقوة. قوى الشر هي: (إسرائيل، وإيران، وكوريا الشماليَّة). بالنسبة لإسرائيل، فإنَّ قرار الأمم المتحدة الشهير رقم 242، الصادر عام 1967، القاضي بانسحاب إسرائيل من الأراضي الفلسطينية التي احتلتها عام 1967، الذي لم يتم تطبيقه إلى يومنا هذا، جعلها تواصل تحدِّيها لكافة القرارات التي تلت ذلك القرار، دون أيِّ اهتمام، مُدركةً بأنَّ الأمم المتحدة التي لم تتحرَّك أثناء اغتيال وسيطها في فلسطين «الكونت فولك برادو» من قِبل إسرائيل، ولم تتحرَّك أثناء المجازر التي ترتكبها بحقِّ الفلسطينيين العُزَّل، لن تتحرَّك من أجل إجبارها على الانسحاب من الأراضي الفلسطينيَّة المحتلة. وعلى نفس النهج سار الإيرانيون غير آبهين يالقرارات الدوليَّة، ولذلك هم يسرحون ويمرحون في كل بقاع الأرض، يزرعون الفتن، ويغذُّون الحروب المشتعلة في كل مكان، ولذلك فهم مستمرون في تخصيب اليورانيوم في مفاعلاتهم النوويَّة، أمَّا الكوريون فإنَّهم لا يكتفون بعدم الانصياع لتهديدات الأمم المتحدة، بل ويستهزئون بقراراتها، وبدا الأمر وكأنَّ الأمم المتحدة لم تُؤسَّس سوى لدول العالم الثالث، الذي يعتمد أكثر دوله على حماية الدول الكبرى له، والذي لم ينحُ نفس النهج الذي سارت عليه كوريا عبر تطبيق نظامها المُسمَّى (الزوتشيه)، وهي أيدولوجيا تحثُّ على الاعتماد على النفس، وعدم الاعتماد على الآخر، هذه الأيدولوجيا أوصلتها إلى أن تُهدِّد الولايات المتحدة بمسحها من على الخارطة، وجعلتها قوية أمام عدم تنفيذ قرارات الأمم المتحدة الصادرة حول تجاربها النوويَّة، فكلَّما صدرت إدانة من قبل منظمة الأمم ترد بتجربة نوويَّة جديدة، حتَّى بلغت التجارب خمس تجارب، ولم يفلح الحصار الاقتصادي عليها في كبح جماح تطلّعاتها النوويَّة، واستطاعت، وهي التي لم تنل استقلالها إلاَّ عقب الحرب العالميَّة الثانية من اليابان، استطاعت أن تقارع الكبار، ولا يمكن لمجلس الأمن أن يصدر عليها قرارًا تحت البند السابع؛ لأنَّ قوتها لا تقلُّ عن قوة كلِّ دولة من الدول الخمس الكبرى الدائمة العضويَّة. رجاءً لبني يعرب، فكّوا الاشتباك، واعتمدوا على أنفسكم عبر تطبيق (زوتشيه)، لتُصبحوا أكبر من الكبار. hnalharby@gmail.com
مشاركة :