أوراق تطرح أسئلة المكان وتبدلات الوعي في الرواية العربية

  • 9/20/2016
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

الشارقة: غيث خوري واصل ملتقى الشارقة الثالث عشر للسرد صباح أمس فعالياته لليوم الثاني وذلك في قصر الثقافة في الشارقة، حيث عقدت جلستان بحثيتان، جاءت الأولى تحت عنوان الرواية العربية مدخل للحوار شارك فيها: إيزابيلا كاميرا، فاطمة البريكي، باربارا ميخائيل بيكولسكا، يوسف القعيد، علي أبو الريش، نبيل سليمان، فتحية النمر، أمينة ذيبان، نجم عبدالله كاظم، خالد المصري، بنجامين سميث، وأدارها ماجد بوشليبي. تناولت الجلسة محاور متعددة، حيث قدم المشاركون آراءهم حول الرواية العربية بشكل عام، وحول الرواية المهجرية والعلاقة بين الذات والآخر في الأعمال الروائية التي قدمها روائيو المهجر. تحدث المشاركون عن المشهد العربي المعاصر، والذي يشهد انفجاراً أدبياً، حيث يصدر كم غير عادي من الروايات بشكل أسبوعي، هذا الأمر الذي لم يحدث مسبقا في تاريخ الرواية العربية الحديثة، وهو ما يصعب متابعته بالنسبة للناقد أو القارئ، ورأى المشاركون أن الرواية برلمان مفتوح، وبالتالي يجب ألا تخضع لمدارس ولا تخضع لقطارات محددة المسار، فإذا أراد الإنسان أن يطرح أسئلته الروائية فعليه أن يخرج بعيدا جدا عن هذا الإطار، لأنه ليس من واجب الرواية أو الروائي أن يطرح الأجوبة وإنما هدفه الأساسي هو طرح الأسئلة بكل شموليتها وكل سعتها. وحول الرواية المهجرية اعتبر المشاركون أن اللحظة التي نعيشها دقيقة جدا لذا يجب أن نطوي صفحة أدب المهجر كما تعلمناها وعلمناها في المدارس حتى أربعين سنة مضت، ونبدأ بصياغة صفحة جديدة فيها من روح أدب المهجر والتجربة الإنسانية المهمة جداً، وذلك بالتفاعل مع كل ما جد عربيا وعالميا في مسألة الهجرة الطوعية أو كما تطرقت الجلسة إلى إشكالية النظرة المشوهة المتبادلة بين الشرق والغرب، وضرورة إزالة هذا الشك والقضاء على هذه المشكلة، عبر العمل الفكري والأدبي. وتناول المشاركون الأدب المهجري عبر النصوص التأسيسية مع جبران خليل جبران وميخائيل نعيمة وجورج حداد، فمع وصول هؤلاء الأدباء إلى أمريكا لاحظوا أن هناك نظرة دونية عند الأمريكيين تجاه الشرق، فتحملوا مسؤولية توضيح الشرق إلى الغرب عموما، وقد كتبوا بالعربية والإنجليزية، ومما يميز هذه الكتابات أنها ركزت على موضوعات عديدة، منها التمرد على التقاليد والأفكار الجامدة والاستبداد السياسي. وجاءت ثانية الجلسات تحت عنوان تبدلات الخطاب وحدود الفن، شارك فيها د. رسول محمد رسول، د.محمد قاسم نعمة، عزت عمر، د. عائشة الدرمكي، وأدارها نواف يونس. قدم رسول ورقة بعنوان زمانية الترحال في رواية المهجر، أشار فيها إلى أن المسألة في رواية المهجر ليست مكانية فحسب إنما زمانية أيضا، وعندما يلتقي هذان العنصران سيتم إنتاج لحظة المعيش اليومي على نحو إبداعي متخيل، وهي لحظة تنتج ذاتها بقوام إنساني، وتلك جوانب من الهوية الوجودية الأنطولوجية والإبداعية لما يمكن أن نطلق عليه رواية المهجر. وأضاف أن لمثل هذه الرواية تأريخ يخصها، وهو تأريخ ربما نجهل أوصاله، وكل ما نعرفه أن الكثير من المبدعين تلمسوا الكتابة خارج أوطانهم، ما يعني أنهم انزاحوا أنطولوجيا من حيث المكان والزمان لكتابة قولهم الإبداعي. وأكد قاسم في ورقته المعنونة ب الرواية العراقية العربية في المهجر.. وعي الذات أم تسريد الهوية، أن دراسة أدب المهجر تقتضي بشكل عام التمييز بين مفهومي الهجرة والاغتراب، فالمغترب هو مهاجر، وليس كل مهاجر مغتربا، فالاغتراب هو حياة الأموات على حد زعم هيجل، وهو صدام بين الذات والواقع، أو كما يرى آخرون أن الاغتراب ولا سيما الثقافي منه هو ضرب من تنازل الإنسان عن حقه الطبيعي في امتلاك ثقافة حرة متطورة، لأن الاغتراب يحدث حينما تهتز بنية أو مجموعة بنى اقتصادية واجتماعية وسياسية. وأضاف أن رواية المهجر الجديدة تحاول أن تقدم شخصيات جديدة تحمل رؤى مغايرة لجيل الآباء والأجداد، لكنها في الحقيقة تقع في دائرة إعادة إنتاج الجيل القديم، وبنظرة سريعة في أعمال الروائيين المهاجرين العرب نخرج بانطباع واضح حول وعي الهجرة، وربما كان الروائيون الفلسطينيون من أكثر الروائيين تجاهلا لمثل هذا الوعي لأنهم في الحقيقة مسكونون بموضوع الوطن (العودة، الأرض، الهوية) ولا نجانب الصواب إذا قلنا أن هذه الثمة هي الغالبة على روايات المهجر الحديثة. وتناول عزت عمر أثر المكان في تبدلات الوعي، ثلاثة أعمال للروائي اليمني حبيب سروري وهي ابنة سوسلوف والملكة المغدورة وحفيد السندباد، مشيرا إلى أن ثمة فارقا بين أن يغادر المهاجر البلاد التي نشأ فيها وهو في العشرين من العمر مثل حبيب سروري، وبين من ينشأ في مدينة أو عاصمة أوروبية ثم يكتب رواية عن بلاد ينتمي إليها ولم يرها، فكلاهما في الكتابة يعبر عن حالة اغترابية، ولكن لكل منهما خصوصيته وأسلوبه البنائي الذي سيبدو واضحا في سياق الرواية. وأضاف: من خلال أعمال سروري نلاحظ أنه أتيح له خزان كبير من الرموز والذكريات التي عاشها في وطنه، فعمل على توظيفها في سياق الأحداث باعتبارها المحطة الأولى والمركز المرجعي الحاضر في الذاكرة الذي يمكنه من إقامة المقارنات بين بلد المنشأ وبلد الاغتراب. وقالت الدرمكي في ورقتها تبدلات خطاب هوية الشخصية في نص سأم الانتظار للروائية غالية آل سعيد: تعتمد غالية آل سعيد في نصوصها بشكل عام على الإنسان الفاعل المتألم الذي يعيش حالة من الاغتراب النفسي، الذي يقارب الذات من جهة اللفظ من ناحية، والأزمنة والأمكنة من ناحية أخرى.

مشاركة :