عمل البيت الأبيض، وراء الكواليس، على منع التصويت في مجلس النواب، الأسبوع الماضي الأسبوع الثاني من سبتمبر/أيلول 2016، على قانون مشترك من الحزبين الديمقراطي والجمهوري يسعى لفرض عقوبات على نظام الرئيس السوري بشار الأسد لارتكابه جرائم حرب وفظائع ضد المدنيين. واستجابت قيادة الحزب الديمقراطي لضغط البيت الأبيض وسحبت دعمها للتصويت على مشروع القانون في الوقت الراهن، حسب تقرير لصحيفة الأميركية. سوري هارب وكان النواب وأعضاء مجلس الشيوخ قد عكفوا على الإعداد لطرح قانون قيصر سوريا لحماية المدنيين، هذا الأسبوع، ومن ثم تمريره على المجلس بسهولة نسبية. وقد حصل المشروع، الذي سمي على اسم السوري الهارب، الذي قدم للعالم 55 ألف صورة توثق التعذيب والقتل الجماعي الذي يمارسه الأسد على المدنيين في الحبس، حصل على تأييد أكثر من 50 نائباً، معظمهم من الديمقراطيين. وكان النائب الديمقراطي المرموق، عن ولاية نيويورك، في لجنة الشئون الخارجية بمجلس النواب، إليوك إنجيل، المؤلف الرئيسي لمشروع القانون، إلى جانب نظيره إد رويس (النائب الجمهوري عن كاليفورنيا). حتى الديمقراطيين اللبراليين مثل النائب جان شواكوسكي (النائب الديمقراطي عن إلينوي) وقعوا على المشروع. لكن في وقت متأخر من مساء الجمعة 16 سبتمبر/أيلول 2016، قبل إصدار الأجندة التشريعية للأسبوع القادم، بدأ العاملون بالبيت الأبيض للشئون التشريعية بالاتصال بالقيادات في كلا الحزبين وحثوهم على تأجيل القانون. وقد أخبر مكتب المتحدث باسم مجلس النواب، بول ريان (النائب الجمهوري عن وسكنسون) الصحيفة أن البيت الأبيض قد ضغط على القيادة الديمقراطية في المجلس من أجل سحب دعمهم للدفع بالمشروع، وقد استجاب الديمقراطيون مكرهين. وقال السكرتير الصحافي لريان، آشلي سترونج: "بعد الطريقة الكارثية التي تعامل بها الرئيس باراك أوباما مع الوضع في سوريا، فإنه الآن يزيد الطين بلة عن طريق الضغط على ديمقراطيي المجلس من أجل القضاء على مشروع قانون مشترك يهدف إلى إنهاء تلك الفوضى. نأمل أن يكون لدى الأعضاء فرصة للتصويت على ذلك القانون المهم قريباً" كان من شأن ذلك القانون أن يفرض عقوبات جديدة على نظام الأسد وداعميه، والتحفيز على إجراء تحقيقات تهدف إلى تسريع وتيرة الملاحقة القضائية لجرائم الحرب في سوريا، وتشجيع عملية إيجاد حل تفاوضي للأزمة. إيران وروسيا وكان ذلك القانون يتطلب، على وجه الخوص، من الرئيس أن يفرض عقوبات جديدة على أية هيئة تتعامل تجارياً أو مالياً مع الحكومة السورية أو جهاز مخابراتها، بما في ذلك روسيا وإيران. كما يتطلب المشروع عقوبات جديدة على أي كيان يتعامل تجارياً مع العديد من الصناعات التي تتحكم فيها الحكومة السورية، بما في ذلك قطاعات الطيران والاتصالات والطاقة. وقد كان هناك اتفاق بين الجمهوريين والديمقراطيين لجلب المشروع إلى مجلس النواب لمناقشته هذا الأسبوع تحت بند القوانين المعلقة، وهو ما يتيح سلاسة الإجراءات، لكنه يتطلب أيضاً موافقة ثلثي الأعضاء لتمرير المشروع. وبمجرد تراجع القيادة الديمقراطية عن ذلك الاتفاق، تزايدت العقبات أمام تمريره بشكل ضخم. وقد ألقى رويس، الذي وافقت لجنته على المشروع في شهر يوليو، باللائمة أيضاً على إدارة أوباما. وقال رويس: "إنني أشعر باليأس من أن الإدارة تبدو كما لو كانت تلقي بالعراقيل في طريق الجهود المشتركة من الحزبين الديمقراطي والجمهوري لقطع موارد الأسد المستخدمة في إبادة شعبه، وسوف أستمر في العمل على إيجاد طريق لتمرير هذا القانون المهم" وقال أحد المصادر في الإدارة الأميركية لواشنطن بوست أن من العادي للبيت الأبيض أن يكون على تواصل مع المسئولين في الكونغرس في كلا الحزبين حول أي تشريع يصدر. وقال المصدر إن ديمقراطيي المجلس آثروا عدم المضي قدماً في ذلك التشريع بمحض إرادتهم. ما السبب؟ وقد عارض العديد من المسئولين في الكونغرس هذا التأكيد قائلين إن الإدارة جادلت بأن الكونغرس لو صوت على مشروع قانون العقوبات على سوريا، فإن ذلك قد يؤثر سلباً على اتفاق وقف الأعمال العدائية الهش الذي جاء لعد تفاوض وزير الخارجية الأميركي جون كيري مع روسيا. وقال أحد المسئولين الكبار في الكونغرس، الذي تلقى اتصالاً من الإدارة: "كانت رغبة مجلس الأمن القومي ألا يتحرك المشروع. وقال مسئول الشئون التشريعية بالبيت الأبيض إن التوقيت لم يكن جيداً". وقال إنجل، في تصريح له، أنه اتفق مع البيت الأبيض أن تأجيل المشروع فكرة ملائمة وأنه على الرغم من تشككه حول وقف إطلاق النار، فإنه ينبغي إعطاؤه فرصة للنجاح. لكنه وعد بالعمل على التأكيد على تأمين التصويت على القرار في مجلس النواب عاجلاً أو آجلاً. وقال: "كان تطبيق وقف الأعمال العدائية في سوريا قد بدأ لتوه نهاية الأسبوع الماضي. ومن ثم كان سيكون من قصر النظر ـبل حتى عدم المسئوليةـ أن يمضي المجلس قدماً في النظر في مشروع قانون قيصر سوريا لحماية المدنيين كما لو أن شيئاً لم يتغير. ولكن الأشياء قد تتغير بسرعة، وإذا حدث ذلك، ينبغي للكونغرس أن يتحرك بسرعة.. لو حدث ذلك، فسوف أعمل ليل نهار على تحريك ذلك المشروع في المجلس". ولا يتفق إنجل والإدارة حول السياسة السورية. فقد كان إنجل داعماً قوياً لإنشاء منطقة حظر جوي/ من أجل حماية المدنيين، كما كان مؤيداً للمزيد من الدعم القوي للمعارضة السورية المسلحة. لكن إنجل عمل مع الإدارة في صياغة المشروع في محاولة لإقناعها ومنع البيت الأبيض من معارضة التشريع. ويعتقد بعض مسئولي الكونغرس، الذين عملوا على مشروع القرار، أن الإدارة تحاول عامدة تأجيل المشروع لأن البيت الأبيض يعارض فرض ضغوط قوية على الرئيس السوري بشار الأسد. حتى مكميلان، الذي عمل على مشروع القرار عندما كان مدير السياسة لرويس، ثم في مؤتمر ديمقراطيي المجلس، ويخوض الآن انتخابات الرئاسة بصفته المستقلة، يعتقد الأمر ذاته. وقال مكميلان: "كافحت الإدارة بقوة في 2014 من أجل منع قيصر من الإدلاء بشهادة أمام الكونغرس والجمهور على جرائم الأسد، وكل ذلك تحت ذريعة الأمن. والآن، حشدوا بشكل مشابه ضد مشروع قانون العقوبات، وهو الشيء الذي نحتاجه أكثر من غيره من أجل إجبار الأسد على وقف القتل". هل أوباما جاد في وقف الأسد؟ وقال مكميلان إنه لو كانت الإدارة الأميركية جادة في منع الأسد من ارتكاب جرائم حرب، وتسعى لمحاسبة نظامه، فينبغي عليها أن ترحب بالتأثير الذي يحاول الكونغرس بكل ما أوتي من قوة أن يعطيها إياه عن طريق ذلك المشروع. وقال معاذ مصطفى، الناشط السوري الذي ساعد الكونغرس على صياغة مشروع القانون، ممثلاً عن التحالف من أجل سوريا ديمقراطية، وهي مظلة تشمل منظمات غير حكومية تدعم المعارضة السورية المعتدلة، إن تأخير المشروع يساوي تأخير العدالة لضحايا فظائع الأسد وتأخير المنع المحتمل للفظائع المستقبلية. وقال: "إن هذا الإجراء من الحزبين يسعى لوسائل غير عنيفة من أجل إجبار النظام على وقف قتل المدنيين، وقد قامت الإدارة الأميركية بوقفه فيما لا يمكن وصفه إلا بأنه تخريب للعملية الديمقراطية. ألا يستحق ضحايا جرائم الحرب تصويتاً على الأقل؟" يمكن فهم رغبة الديمقراطيين بألا يظهروا بمظهر المتدخل في وقف إطلاق النار، الذي مثل، الأسبوع الماضي، بارقة أمل للتقدم. لكن هذا الأسبوع، مع انهيار وقف إطلاق النار واستئناف الأسد القصف العشوائي للمدنيين بالبراميل في حلب، فلم يعد هناك المزيد من الأعذار. ورأى تقرير الواشنطن بوست ينبغي للكونغرس أن يحرك مشروع العقوبات على سوريا لطرحه للتصويت، وينبغي على الإدارة أن تتبناه بوضوح أو ترفضه مع شرح حججها للجمهور. لو أن البيت الأبيض لا يعتقد أن ذلك المشروع يمثل الطريقة المثلى لمحاسبة نظام الأسد على فظائعه العديدة، فينبغي عليه أن يشرح الخطط البديلة التي يعتزم تطبيقها للوصول لتلك النتيجة. هذا الموضوع مترجم عن صحيفة The Washington Post الأميركية. للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط .
مشاركة :