قرر القضاء البرازيلي الثلثاء محاكمة الرئيس السابق لويس ايناسيو لولا دا سيلفا بتهم فساد وتبييض اموال في اطار فضيحة مجموعة «بتروبراس» النفطية العامة. وقال القاضي سيرجيو مورو في بيان: «نظراً الى وجود عناصر مادية كافية تثبت مسؤوليته، أوافق على التهم» التي وجهتها النيابة العامة الاسبوع الماضي الى الرئيس اليساري السابق (2003-2010). وبعد أقل من ثلاثة أسابيع على إقالة الرئيسة ديلما روسيف المثيرة للجدل، يشكل اتهام لولا رسمياً ضربة جديدة لحزب العمال اليساري الذي يخشى هزيمة تاريخية في الانتخابات البلدية التي ستجرى في تشرين الأول (أكتوبر) المقبل، وانتهاء حكمه الذي استمر 13 سنة على رأس البرازيل. وكان المدعون المكلفون التحقيق اتهموا في 14 الجاري لولا بأنه كان «المستفيد المباشر» من امتيازات قدمتها مجموعة الأشغال العامة «او آ اس» تبلغ قيمتها 3.7 مليون ريال (1.1 مليون دولار بالسعر الحالي). وأتى في محضر الاتهام أن هذه المجموعة دفعت للولا «جزءاً من مبالغ حصلت عليها بطريقة غير مشروعة لدى إبرام صفقات تنطوي على غش من قبل بتروبراس» المجموعة النفطية الحكومية العملاقة، مؤكداً ان لولا كان على علم بمصدر هذه الأموال. وذكرت النيابة أن مجموعة الأشغال العامة منحت على ما يبدو هذه الامتيازات من خلال هبات عينية «عبر شراء وتجديد وتزيين» شقة من ثلاثة طوابق في منتجع غواروجا في ولاية ساو باولو جنوب شرقي البلاد. وكان لولا دفع مبلغاً مقدماً لشراء الشقة التي كانت قيد البناء، قبل ان يتخلى عن ملكيتها. وما زالت الشقة باسم مجموعة الاشغال العامة وينفي لولا رسمياً ان يكون مالكها الفعلي. ووجهت اتهامات ايضاً الى زوجة الرئيس السابق ماريا ليتيسيا وستة اشخاص آخرين بينهم ليو بينييرو الرئيس السابق لمجموعة الاشغال العامة، وباولو اوكاموتو رئيس معهد لولا. وكان المدعي ديلتان دالانيول وصف لولا بانه «القائد الأعلى» لشبكة الفساد في «بتروبراس» من دون ان يقدم أدلة، مما اثار رداً عنيفاً من الرئيس الاسبق وانتقادات حتى في صفوف اليمين الحاكم بما في ذلك شخصيات عديدة تخشى ان يطاولها التحقيق. وفي أول رد فعل له الثلثاء، وصف لولا في مؤتمر عبر الدائرة المغلقة مع محامين في نيويورك الاتهامات الموجهة اليه بـ «المهزلة» و «المشهد الذي يشبه الالعاب النارية». وقال لولا: «أثق بالقضاء ولدينا محامون جيدون. سنكافح لنرى ماذا سينتج عن ذلك». وكان لولا رفض باستمرار التهم الموجهة اليه. وهو يدين الطابع السياسي لهذه القضية التي تهدف الى إقصائه من السباق الى الرئاسة في 2018. ويؤكد لولا دا سيلفا انه ضحية مؤامرة «نخب» تشكل استمراراً لـ «انقلاب» برلماني على الرئيسة ديلما روسيف التي أقالها مجلس الشيوخ في الأول من الشهر بتهمة التلاعب بالحسابات العامة. وأكد القاضي مورو في قراره أن «الوقائع والأدلة كافية لقبول اتهامات» النيابة «من دون الحكم مسبقاً على نتيجة جدل واسع سيمنح فيه المتهمون بمن فيهم الرئيس السابق، كل الفرص اللازمة للدفاع عن انفسهم». وأضاف أن المبلغ الزهيد للامتيازات التي يبدو ان الرئيس السابق استفاد منها «مقارنة بحجم نظام الفساد الذي استشرى في بتروبراس، لا يبرر بحد ذاته رفض التهمة». وتابع: «يجب ألا ننسى ان تحقيقات أخرى تجري حالياً حول امتيازات مفترضة تلقاها الرئيس السابق». ودعم قاضي مكافحة الفساد المدعي دالانيول الذي اتهم لولا بلا أدلة بأنه كان يقود عمليات اختلاس الأموال في «بتروبراس» لمصلحة حزب العمال والأحزاب المتحالفة معه، بما في ذلك حزب الحركة الديموقراطية البرازيلية الذي يتزعمه الرئيس الحالي ميشال تامر. وكتب دالانيول ان «لهذا تبريراً منطقياً هو ان هذا الشق من التحقيق بات حالياً لدى المحكمة الفيديرالية العليا لأنه يشمل اشخاصاً يتمتعون بالحصانة البرلمانية». ولولا مستهدف بثلاثة تحقيقات في إطار فضيحة «بتروبراس» التي كلفت هذه المجموعة العملاقة أكثر من بليوني دولار استفاد منها عشرات المسؤولين السياسيين والأحزاب ومتعهدون في مجموعة الاشغال العامة ومديرون في الشركة.
مشاركة :