الدكتور أحمد الربعي - رحمة الله عليه - قال في لقاء تلفزيوني «إذا استمر نخر الفساد في المجتمع الكويتي٬ فسيأتي اليوم الذي لن نستطيع فيه أن ننقذ هذا البلد»... ماذا يعني الفساد؟ وهل هو ملموس بمعنى هل له مظاهر تشير إلى ظهور ممارساته؟ الفساد هو خروج عن القانون والنظام أو استغلال غيابهما من أجل تحقيق مصالح للفرد أو لجماعة معينة٬ وقد عرفته منظمة الشفافية العالمية بأنه «كل عمل يتضمن سوء استخدام المنصب العام لتحقيق مصلحة خاصة ذاتية لنفسه أو لجماعته». ومن مظاهره: الرشوة٬ المحسوبية٬ المحاباة٬ الواسطة٬ نهب المال العام والابتزاز. أما التساؤل حول إن كان هو بالفعل ملموس ظاهر للعيان، فالإجابة عنه في متناول الجميع. وكما قيل «الشمس ما يغطيها المنخل». والشمس هنا تعني: الحقيقة، أي الوقائع التي يقرأها أو يسمعها الفرد من مصدر موثوق به. خذ عندك الخبر المنشور في «الراي» عدد الاثنين الماضي «المكتب الصحي بواشنطن يرفض تمديد علاج مريضين رغم موافقة (العلاج بالخارج)». ولاحظ هذا النموذج من مظاهر الفساد الإداري الذي أوقع الضرر الكبير بصحة الإنسان التي لا نقبل بأي حال من الأحوال أن تمس ولو من باب إنساني في بلد الإنسانية. ويأتي الرفض رغم تأكيد وزير الصحة وسمو رئيس مجلس الوزراء عدم عودة المريض من الخارج«إلا بعد استكمال علاجه». وقس عليه حالات المرضى في الخارج! وخذ عندك ما قيل عن الإيداعات المالية والشبهات التي أثيرت حول بعض الصفقات والمناقصات وتكييف وتجهيز المدارس وقضية«الحصى المتطاير»، وحديث الدكتور الربعي في اللقاء نفسه، عن موظف مجدٍ ملمٍ في عمله يأتي في اليوم الثاني، وإذا بشخص آخر تم تعيينه مديراً عليه بفضل آفة الواسطة. نحن أمام أمرين لا ثالث لهما: فإما أن ما ينشر وما تعرضه تقارير ديوان المحاسبة، غير صحيح، وإما اننا نعلم بصحة ما ينشر ولا نعيره أي اهتمام. لنأخذ التفسير الثاني، وهو ان ما يثار صحيح، لأن الشواهد على صحته كثيرة، حيث لا خدمات ترقى إلى المستوى المطلوب٬ ولا تعليم وتجهيز له ولا محاربة للفساد، بدليل انه لا يوجد مسؤول تمت إقالته ولا يوجد فاسد تمت محاكمته بالسجن، ولا أعني من قريب ولا بعيد منهج الإحالة على التقاعد أوالاستقالة، لأنها ليست حلاً ناجعاً للتجاوز المرتكب! إذا مات المريض وهو يتلقى العلاج في الخارج أو ساءت حالته، فمن هو المسؤول؟ إذا غابت الأموال ولا يعرف عن سبب اختفائها و مصيرها، فمن هو المتضرر؟ إذا خطف المنصب عبر التساقط والتعيين بـ«الباراشوت»، فما هو ذنب المنظومة الإدارية والمخلصين لعملهم فيها؟ فما هو الحل يا سادة وسيدات المجتمع الكويتي؟ الخوف من موت الضمير يدفعنا إلى بسط تساؤل حول قول الدكتور الربعي:«هل نخر الفساد بالبلد؟» وهل بالفعل أصبحنا على حد تعبيره«لن نستطيع أن ننقذ هذا البلد؟»أخشى إننا بالفعل وصلنا إلى هذه المرحلة ما لم نقف وقفة رجل واحد في وجه مظاهر الفساد بكل أشكاله رأفة بالبلد والعباد... والله المستعان. terki.alazmi@gmail.com Twitter: @Terki_ALazmi
مشاركة :