أنجب القرن العشرون تقنية عظيمة، فليست العبارة تجريبية تنطوي على تفسير وشرح وإمكانية، وإنما تقنية منتجة أثرت حياة الإنسان بالعلم والمعرفة ومهارات عديدة، ولا يمكن أن تجد جماعة دون تواصل أو روابط، وكيفما كان الحال فإنه من الضروري وجود معيار يحقق قيمة عليا من مهارات الاتصال التي تهيئ الإنسان لحياة واعية ثرية بالمعلومة، ومستقبل مشرق جميل يتيح للفرد علاقة مرنة مع العالم، وتواصلاً معرفياً يشيّد هرماً من المهارات داخل مجال حياة كل منا، ومن منطلق أن علم الاتصال –علم قائم بذاته - يكفل المرونة والاستعداد الجيد لكسب المعلومة واستجابة تحقق التفاعل بين الناس. يتعين علينا تأسيس هذه المهارة في مناهجنا، وتكثيف أهمية التواصل التربوي والتقني في العملية التعليمية، ولكن للأسف لم يظهر ذلك النشاط المعرفي في حياة الطلاب منذ الصفوف الأولية أو الصفوف التي تليها، لذلك لن يسهل التبادل أو تفسر الظواهر أو يتم بناء العلاقات بين الفرد والمجتمع والعالم بشكل مثالي، بل يؤخر تحقيق الانفتاح العصري، والاقتصادي، والصناعي، والثقافي مبكراً على عالم تقني تكنولوجي مرن دون عوائق، فالإنسان لا يصبح كائناً مثالياً مسالماً إلا من خلال علاقاته بالآخرين. فلن نقدم اليوم نقداً لمعيار التأخير، أو الانغلاق كقيمة تتعلق بالتواصل، وترك الناس تخوض في عشوائية معرفية معلوماتية، لذلك لا نعطي ما ليس لدينا من تفاعل، لأننا لم نستخرج الحجج المعتمدة والأعمال المختلفة من هذا العلم إلا في الجامعة ونجده مكلفاً ذهنياً، وعملياً، لم نستقبل هذه المواد الهامة والمعرفية في مناهجنا التمهيدية أو المتوسطة أو الثانوية، غير أننا نملك أسهما معرفية تفتقر إلى التميز في بنوك العلم الإستراتيجية، بينما للحياة العلمية توجه واضح نحو برهنة وصفات ومميزات وخصائص كامنة في عملية التطور، وتفاعل تقني عصري يتفوق على الوقت وسرعة الزمن، ونسب ضئيلة بين الحقيقة والخطأ، ومقاربة بين الموضوعية والمعلومة، ويقول روسو: (لا يمكن لأي مجتمع أن يوجد بدون تواصل أو تبادل). ولا يوجد بين أفعالنا ما يؤكد أننا نستطيع أن نعيش في عزلة وخاصة في الوقت الراهن، لأن الذين يعيشون حولنا لهم ذات الفكرة والعلامات والكلمات والموضوعات، فمثلاً لو قال أحدنا لا ينبغي أن يعجز الإنسان عن التواصل، وأن تكون لديه قدرة على إدراك البعد الإشكالي للعلاقة بين التواصل والخصوصية، وبين المعرفة الحقيقية ومهارات الاتصال، لقلنا إن العزله لا تحقق سوى كائن ينتظر عطف الآخرين ولديه مفاهيم مغايرة خاصة به، وممارسات قائمة على اعتقاد خاطئ لا تنسجم مع استجابة العالم من حوله. إن طبيعة الإنسان وفق العقل اجتماعي بفطرته، وأسرع استجاباته كانت ثقافة الصورة التي أثارت سلطة قوية ونقلة عجيبة في حياة الناس، كادت أن تكون جزءاً مهماً من الحياة العامة، مهما كان نوعها فهي مدهشة ومذهلة، واختراع أشياء جديدة في العالم التقني ما هي إلا تدشين لمشاريع حيوية في أذهان الناس،، تنقلهم من حياة عادية إلى أخرى أسطورية، وجسور معلقة تربط بينهم وبين الصناعة ومهارات التواصل. وإن التكنولوجيات الحديثة لشبكات الاتصال المتعلقة بالإنترنت أو بأخرى غيره، فإنها تكشف لنا علاقة الناس بها، وانقطاع خدمات الواتس أب إلى ساعات معدودة، كشف حجم صدمة الناس بهذا الانقطاع، وهذه الحادثة البسيطة تدعونا إلى دراسة الواقع الافتراضي، وتأثر المجتمع به، مما جعلنا نتساءل عن طبيعة العلاقة التي تجمع بينهما، ونرجو تكليف الترفيه بعضا من فائدة تعود على تطوير استخدام التقنية وتمدينها.
مشاركة :