التنمية.. «الثابت السعودي» في مواجهة المتغيرات

  • 9/23/2016
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

يأتي اليوم الوطني السعودي الـ86 في ظل مرحلة مفصلية تعيشها المنطقة المحيطة وفي القلب منها المملكة، غير أن الثابت الوحيد للمملكة هي التنمية المستمرة والمتصاعدة منذ تأسس الكيان على «ذرى» صحراء مقفرة وواسعة، أصبحت في ما بعد بفضل سياسات التنمية واحة عمرانية حديثة وحافلة بالتقدم الصناعي والتنموي في المجالات الحياتية كافة. فعلى الجانب الأمني تتمتع السعودية بسمعة كبيرة في هذا المجال، بعد أن اعتمدته خطط الدولة عضداً وجناحاً في رحلتها باتجاه التنمية الشاملة، وتنبهت السعودية لهذه الحقيقة والمعادلة وانطلقت مساعيها في هذا الإطار منذ بدايات إنشائها، وأولت المسألة جل اهتمامها ممثلة في وزارة الداخلية التي تضطلع بالدور الأساس والرئيس في حفظ الأمن والعمل على تعميمه، والمحافظة على راحة وطمأنينة المواطنين والمقيمين، فضلاً عن الجانب العسكري والقتالي التي سجلت السعودية في إطاره بأرقام متقدمة في الإنفاق على التسلح بين دول العالم الـ200، وتبدّى هذا الاستعداد السعودي في مناسبات مختلفة، توجت بنجاح غير مسبوق لضربات الأمن في وجه ميليشيات وخلايا تنظيم داعش في كل مرة، والنجاح المبهر لموسم حج هذا العام على رغم المكائد الإقليمية، فضلاً عمّا تعيشه حدود البلاد من أمن واستقرار وتأهب في شمال المملكة وجنوبها على هامش الحرب التي يخوضها التحالف العربي بقيادة السعودية ضد ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح لاستعادة الشرعية في الأراضي اليمنية جنوب المملكة. وتحظى الرعاية الصحية في المملكة باهتمام كبير، وتحديث مستمر للتقنية العلاجية، إذ تبني وتتوسع في تشييد مرافقها الخاصة لتدريب الأطباء والممرضين وغيرهم من العاملين في مجال الرعاية الصحية، وتمتد هذه الخدمات الآن إلى كل المناطق النائية في المملكة. وتوسع القطاع الخاص، الذي يشارك مشاركة حيوية في الخدمات الصحية خلال السنوات الأخيرة، وهو يدير عدداً من المستشفيات والعيادات المرموقة وعالية التأهيل. وشهدت الخدمات الصحية كذلك تقدماً مرموقاً في جميع جوانبها، الوقائية والعلاجية ورعاية الأمومة والطفولة وغيرها، وذلك في مدة زمنية قياسية تحقق خلالها تقدم مميز في مؤشرات الحال الصحية. أما التعليم، فإنه يملك تاريخاً طويلاً من الجهد والمكابدة الطويلة لإرساء نظام تعليمي متقدم على رغم الظروف الثقافية والاجتماعية التي تمنعت كثيراً ضد التحديث، ويحتفظ التعليم في السعودية بجهود راعي التعليم الأول بين عهد (الوزير فهد) وعهد (الملك فهد) منذ توليه وزارة المعارف عند تأسيسها عام 1373هـ، ويمثل سنوات التطوير المتصل والنمو المستمر بمستوى ومعدل لم تعرفهما كثير من الأمم للتعليم والمتعلمين والمؤسسات التعليمية ومعاهده، وهذا «السعي الدائم» الذي يشير إليه خادم الحرمين الشريفين دائماً في عباراته الموجزة لتطوير برامج التعليم ومناهجه يحتاج إلى تفصيل طويل ودراسات مختصة توضح المراحل التي مر بها نظام التعليم في المملكة، والارتقاء بالنوعية والتوسع في العدد الذي طرأ على هذا النظام. تقدر بعض الإحصاءات غير الحكومية نسبة القادرين على القراءة والكتابة في السعودية بـ89.1 في المئة للذكور و79.4 في المئة للإناث. نظام التعليم في المملكة يتضمن نحو 24 جامعة عامة، وسبع جامعات أهلية وعدد من الكليات والمعاهد المستقلة (الخاصة)، إضافة إلى أكثر من 33.5 ألف مدرسة تدار في معظم بقاع البلاد، ويصرف للطالب الجامعي مكافأة شهرية تقدر بـ267 دولاراً أي ما يعادل 1000 ريال. وفي مجال الصناعة التي أولته الدولة أهمية كبيرة وأسهمت إسهاماً أساسياً بشكل واضح خلال خطط التنمية الخمس الماضية، إذ ازدهر القطاع الصناعي، بما أعان على تضاعف نسبة إسهام القطاع الصناعي في الناتج المحلي، وتعزى هذه القفزة في حصة النشاط الصناعي في الناتج الوطني إلى دعم الدولة لهذا القطاع، إذ صرفت الدولة ولا تزال قروضاً داعمةً للنشاط الصناعي، وأنشأت لهذا الغرض صندوق التنمية الصناعي السعودي، الذي أسهم في دعم المشاريع الصناعية في القطاع الخاص. وتمتعت التجارة بالعائد الإيجابي من تطور ونمو الصناعة، سواء تجارة الصادرات أم الواردات. فالمقارنة هائلة جلية بين الحركة التجارية في المملكة عند تأسيسها وما وصلت إليه اليوم، إذ تحولت التجارة في هذه البلاد من تجارة محدودة موسمية (تعتمد بشكل كبير على موسم الحج مثلاً)، إلى تجارة تقوم على أسس اقتصادية ثابتة هي بالأصح ثمرة لما وصلت إليه المملكة من تنمية شاملة في شتى المجالات الصناعية والزراعية والبشرية، ويلاحظ نمو الصادرات بشكل مضطرد في الـ25 عاماً الماضية أي منذ بداية خطة التنمية الأولى. مجلس اقتصادي يرسم ملامح المستقبل  رغبةً من المملكة في استمرار عقود التنمية وتوسيع أثرها وتجاوزاً لأثقال البيروقراطية التي تعاني ضعفاً في الاستجابة لمتطلبات العصر المتسارع الحركة والنمو، أنشأت المملكة مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، وهو مجلس تابع لمجلس الوزراء السعودي ويختص بالأمور الاقتصادية والتنموية، أنشأ بقرار من الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود في 29 كانون الثاني (يناير) 2015، ويرأس المجلس الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود . ويعتبر مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية هو الأول من نوعه على مستوى البلاد، فالاقتصاد ليس بمعزل عن التنمية، ولن تكون هنالك تنمية بلا اقتصاد سليم، يرسم ملامح المستقبل، ويجعل هنالك روافد مالية جديدة تعتمد عليها البلاد خلال السنوات المقبلة، بخلاف صادراتها من النفط. وسيجعل هنالك مزيداً من الارتباط بين الوزارات المعنية في الشأن الاقتصادي، والمالي، والاجتماعي، والتعليم، مما يعني أن السعودية ستنتقل من خلال هذه الرؤية إلى مرحلة الاقتصاد المعرفي، وتنويع مصادر الدخل من خلال الإبداع والابتكار، إضافة إلى أنه من الممكن أيضاً الاستفادة من الموارد المالية الموجودة عبر استثمارات جديدة وآمنة بحسب ما نص إعلان المجلس. وأقر المجلس خطة التحول الوطني، وأعلنها خلال مؤتمرات صحافية يومية مع الوزراء المعنيين، وكانت عقدت سلسلة اجتماعات على مدى أشهر، في ظل السعي لرسم ملامح خطة إعادة هيكلة الاقتصاد لتحضير الاقتصاد السعودي للتنوع وعدم الاعتماد على النفط حصراً. وبرنامج التحول الوطني أحد البرامج التنفيذية التي تشملها «رؤية السعودية 2030»، التي كشف النقاب عنها الأمير محمد بن سلمان أواخر نيسان (أبريل) الماضي، وهي خطة طموحة تهدف إلى تحويل المملكة إلى قوة استثمارية عالمية، وتنهي اعتمادها على النفط كمحرك رئيس للاقتصاد. وفي أيار (مايو) من هذا العام أبدى صندوق النقد الدولي تأييده لخطة الإصلاح الاقتصادي الواسعة النطاق التي أعلنتها السعودية، وقال: «إن خطة الإصلاح تهدف إلى إجراء تحول للاقتصاد السعودي واسع النطاق وجريء بما يلائم الوضع».

مشاركة :