كتب: عمار عوض مستخدماً ذكاءه السياسي، ورغبته بحماية الأمن القومي الأمريكي، بحسب ما قال في رسالته المكونة من ثلاث صفحات، أبلغ الرئيس الأمريكي باراك أوباما اعتراضه فيتو على قانون العدالة ضد الإرهاب، بعد أن استنفذ الأيام العشرة الممنوحة له بموجب الدستور، التي عمد من خلالها إلى خلخلة المواقف داخل مجلسي الشيوخ والنواب، حيث غير الكثير من الداعمين السابقين للقانون، والمتحمسين له مثل: رئيس مجلس النواب الجمهوري العتيد بول ريان، إلى جانب أعضاء من مجلس الشيوخ البارزين مثل: بوب كوركر، وليندسي جراهام، اللذان عبرا عن ندمهما لدعم القانون في السابق. ورغم أن النواب الذين اقترحوا القانون من قبل يصرون على الدفع به إلى المجلسين لتخطي فيتو الرئيس أوباما على القانون، إلا أن كثيراً من النواب يرون هذا التخطي تحفه المخاطر، حيث إن النواب بعد أسبوعين سيضطرون للعودة إلى دوائرهم الانتخابية، للاستعداد للانتخابات البرلمانية والرئاسية، ورغم أن مرشحي الرئاسة (هيلاري - ترامب) أبديا استعدادهما للتوقيع على القانون متى ما وصلوا إلى البيت الأبيض، إلا أن المراقبين يرون أنه إذا فشل مقدمو القانون في تخطي فيتو الرئيس أوباما عبر الحصول على نسبة الثلثين، سيكون من الصعب إعادة الدعم للقانون في عهد الرئيس القادم، ذلك أن الانتخابات ستفرز وضعاً جديداً، بالتغيير في تركيبة مجلس النواب ومجلس الشيوخ، وهو ما يعني دخول النواب الجدد الذين ربما يكونون غير متحمسين للقانون. وكان الرئيس أوباما استخدم دهاءه السياسي بإرسال رفضه للقانون إلى المجلس، آخر الأسبوع الماضي، وقال في رسالته الرافضة للتوقيع على القانون، نسبة ل سماح القانون بإجراء عمليات قضائية ضد الدول التي لم تدرجها السلطات التنفيذية الأمريكية في قائمة البلدان الممولة للإرهاب. كما اعتبر أوباما، في البيان، أن مشروع القانون يعارض أسلوب العمل الذي التزمت به الولايات المتحدة في الساحة الدولية على مدى عقود، محذراً من أن هذه الوثيقة قد تدمر مفهوم الحصانة السيادية، التي تدافع عن المواطنين الأمريكيين منذ زمن طويل. وأضاف أن مشروع القانون هذا قد يلحق أضراراً بالمصالح الوطنية للولايات المتحدة على نطاق أوسع، وهو يهدد أيضاً بتعقيد علاقاتنا مع أقرب شركائنا. ولهذه الأسباب، يجب علي أن أفرض الفيتو على مشروع القانون. حيث جاء الفيتو في اليوم الأخير من المهلة الممنوحة للرئيس أوباما بموجب الدستور، الذي يعطيه 10 أيام ما عدا أيام الآحاد، لاستخدام حق النقض ضد مشروع القانون، بل إنه يصبح نافذاً، وكان البيت الأبيض قد تماطل لكسب الوقت لتغيير العقول في الكونغرس. وهو ما حدا بزعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ ميتش ماكنويل، للتعبير عن امتعاضه لتكتيك الرئيس أوباما في تضييق الفترة الزمنية بين الفيتو والانتخابات التي ستجري خلال شهر نوفمبر/تشرين الثاني، لكنه قال نحن مستعدون لنظر القانون، وتخطي حق النقض الذي فرضه الرئيس، وأن النواب سيدلوا بأصواتهم الأسبوع القادم، وتخطي الفيتو عبر نصاب الثلثين من مجلسي الشيوخ والنواب. لكن يبدو هذا بعيد المنال، خاصة إذا نظرنا لتصريحات رئيس مجلس النواب الجمهوري العتيد بول ريان، الذي قال: أنا لا أعتقد أن عدد الأصوات اللازمة لتجاوز -الفيتو - متوافرة، ليس هذا فحسب، إذ إن رايان أعرب أيضاً عن شكوكه الخاصة حول القانون لمراسل سي إن إن دان ماريكا، والآثار المترتبة عليه عبر الدعاوى القضائية التي يمكن أن تحدث للأمريكيين في الخارج، بقوله أنا قلق بشأن المسائل القانونية، كما أنني قلق من محاولات المحاميين، الذين يريدون أن يصبحوا أغنياء عبر هذه الدعوى. ولفتت سي إن إن إلى أن رئيس مجلس النواب ليس وحده الذي غير نظرته للقانون، فهناك العديد من النواب البارزين الذين أعربوا عن الندم لدعمهم القانون في السابق، مشيرة إلى اثنين من أعضاء مجلس الشيوخ البارزين في الحزب الجمهوري، مثل: بوب كوركر من تينيسي، وليندسي جراهام من كارولينا الجنوبية، اللذان أعلنا علناً دعوتهما لإعادة النظر في القانون. وكان المعارضون لمشروع القانون حصلوا على دعم كبير وغير منظور، يتمثل في بيان الاتحاد الأوروبي، الذي بعث برسالة، يوم الأربعاء الماضي، على شكل احتجاج لوزارة الخارجية الأمريكية، تحذرهم من خطورة الإقدام على هذا القانون، كما حصلوا أيضاً على دعم كبير تمثل في الرسالة المفتوحة إلى المشرعين، التي حذر من خلالها مجموعة من المسؤولين من الجمهوريين والديمقراطيين، من بينهم وزير الدفاع السابق، وليام كوهين، والرئيس السابق لوكالة الاستخبارات الأمريكية سي آي إيه، مايكل موريل، ومستشار الأمن القومي للرئيس السابق جورج بوش، ستيفن هيدلي، من أن التشريع سيضر بمصالح الولايات المتحدة. وهو ما جعل أعضاء عدة في الحزبين (الديمقراطي - الجمهوري) في الكونغرس، يقومون بدعوة لتأجيل التصويت من أجل تخطي فيتو أوباما حتى يتمكن النواب من التفاوض مع البيت الأبيض حول مشروع القانون، بحسب رئيس لجنة الخدمات العسكرية ماك ثورنبيري. وأشارت واشنطون بوست إلى أن التغير حيال القانون بين النواب الديمقراطيين البارزين كان واضحاً جداً في الحديث الذي أدلى به ديان فينشاين رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ عن الحزب الديمقراطي، الذي وصف الجهود الحالية لتجاوز فيتو الرئيس بأنه خطأ. بينما قال المتحدث باسم البيت الأبيض جوش أرنست في تعليق لصحيفة نيويورك تايمز إن الإدارة قدحصلت على إشارات متضاربة من أعضاء الكونغرس حيال القانون، وأنه ليس متأكداً مما إذا كانت مخاوفهم هذه من شأنها أن تقود النواب للتصويت ضد تخطي فيتو الرئيس على القانون، لكنه عاد وقال نحن بالتأكيد أجرينا اتصالات ومحادثات عدة مع أعضاء الكونغرس من الحزبين ومجلسي النواب والشيوخ، لزحزحة مواقفهم للحيلولة دون تصويتهم بتخطي فيتو الرئيس، بما في ذلك أعضاء عدة وافقوا على انفراد على موقف أوباما حول مشروع القانون، الذي أكد أن التصويت ضده سيضر بآفاق السياسة الأمريكية. في وقت رأى فيه رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ بوب كوركر، الذي أعرب عن مخاوف بشأن التشريع، صعوبة تخطي الفيتو بالقول القانون سيكون أمام الأمر الواقع إذا أخضع للتصويت الأسبوع القادم، ما لم يكن هناك 34 شخصاً - كنائب - على استعداد للسقوط على سيوفهم من أجله مع أنه على الأرجح، الأمر لا يستحق السقوط على السيف من أجله.
مشاركة :