كلّما أروح للطائف أتمنّى ألّا أجيء منه منتقداً ما فيه، وأن أكتفي بترداد ما غنّاه طلال مدّاح يرحمه الله: جينا من الطائف.. والطائف رخا!. والساقيّة تسقي.. يا سما سما!. لكني جئت منه هذه المرّة، ككلّ مرّة، مُضطرّاً للكتابة عنه، لعلّ حاله تنصلح ويتحوَّل لمدينة متطورة يقصدها السُيّاح السعوديون لذاتها لا لكونها غصباً عليهم لا بديل لهم بسبب عدم سفرهم للخارج!. والطائف فقد معظم جماله المشهور به في الماضي، وتحوّل أهله من زُرّاع بساتين غنّاء إلى تُجّار عقار لغابات أسمنتية صمّاء، وفقدت محاصيله الزراعية جودتها العالية وكثرتها، وربّما لقلّة الأمطار وسوء إدارة المياه دور في ذلك، لكنّ المحصّلة هي أنّ الطائف كان تاريخياً الامتداد السياحي للمجتمعات العربية في الجاهلية والإسلام، ولم يعد كذلك الآن!. والمنشآت السكنية هي جسد السياحة، وتواضعها في الطائف مع غلائها يُمْرِض روح السياحة كما الجسد، بما في ذلك فنادق الأسماء العالمية التي تمتلكها وزارة المالية، إذ رغم قدمها وعدم ترميمها إلّا أنّ أسعارها نار، وبعضها غير مؤهل لسياحة محلية فضلاً عن الدولية، وصباح الخير يا هيئة السياحة!. وتاهت آثار الطائف وسط عواصف الإهمال، حتى أنّ أثراً مثل «الكُوع» الذي استراح فيه النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بعد دعوته لأهل الطائف يجهل مكانه معظم السُكّان ناهيك عن السُيّاح، فضلاً عن عدم تجديد مسجد عبدالله بن العبّاس التاريخي رغم حاجته لذلك وزيارته من الحُجّاج والمعتمرين، وهي فقط سوق عكاظ التي أُضيفت بامتياز للطائف لكنها موسمية ولأيام قلائل!. والمطلوب الآن هو تطوير خطط تطوير الطائف، وتحويله لمصيف ومشتى عالمي، ليُودّعه الناس كلّما جاءوا منه وهو رخا، وساقيّته تسقي وليست جافة، وسياحته سما سما مثل جباله الهدا والشفا!. @T_algashgari algashgari@gmail.com
مشاركة :