لعلي أعشق الكتابة في هذا الموضوع، خاصة أنني من خلال دراسة متأنية للتاريخ الإسلامي والعربي جعلتني أجزم أن سبب التخلف الذي أحاطنا وزمجر بنا، طبعاً سأردد نفس العبارة بُعدنا عن الدين، لكن مع اختلاف بسيط هو بُعدنا عن الدين الحق عن أصل الإسلام، وأصل الإسلام منتهى العلم. قبل أيام قليلة طالعتنا جامعة جورج واشنطن الأميركية بنتائج صادمة تتعلق بدول العالم التي تلتزم بتعاليم الشريعة الإسلامية النصية؛ حيث أظهرت الدراسة أن دولة "أيرلندا"، رغم أنها لا تدين بالإسلام، من أكثر دول العالم التزاماً بتعاليم الشريعة الإسلامية، بينما احتلت السعودية رقم 91 بين دول العالم في تطبيق الشريعة، وجاءت مصر، بلد الأزهر الشريف، في مؤخرة الدراسة، حيث جاء ترتيبها رقم 128 بين دول العالم التي تطبق تعاليم الدين. كما احتلت دول عربية ودول اشتهرت بأنها إسلامية كذلك ذيل قائمة الدول التي تلتزم بمبادئ الشريعة الإسلامية النصية، وحسب الدراسة، جاءت الدول الأكثر التزاماً بمبادئ الإسلام النصية (أيرلندا، الدنمارك، لوكسمبورغ، السويد، النرويج)، بينما كانت السعودية في المرتبة رقم 91، وتحتل تونس المرتبة 72، وإسرائيل رقم 27، وماليزيا 33، والأردن 76، وجاءت المغرب في المرتبة 120، واليمن في المرتبة 180، وسوريا في المرتبة 168. واستندت الدراسة إلى مقارنة دساتير 218 دولة وأسس حكمها واقتصادها وتعاملها مع المواطنين، مع 113 مبدأ إسلامياً مستمداً من القرآن والسنة يتعلق بالعدالة وتوزيع الثروة والحريات والاقتصاد. وأظهرت الدراسة أن الدول الإسلامية لا تحتل المراتب الأولى في الالتزام بالقرآن، بل إن دولاً مثل أيرلندا والدنمارك ولوكسمبورغ تأتي على رأس اللائحة. هذه الدراسة رغم أنها صادمة بعض الشيء فإنها توضح بالملموس ضحالة تفكيرنا ومحدوديته، وأن ما صدعنا به العالم من إسلاميتنا ودفاعنا المنقطع النظير عن الإسلام وعن خير الأنام محمد صلى الله عليه وسلم ليس سوى انتفاضة عاطفية لم تصل بعد لحد أن تمس أفعالنا وأعمالنا وتصرفاتنا؛ لتخرج من الطابع النصي ومن القرآن الكريم إلى المتجمع، وتطبق أفعالاً على أرض الواقع. إن مشكلة الدول الإسلامية والعربية بشكل خاص هو تلكم الذاكرة الغبية التي تعشق أن تعيشنا في زمن الخلافة الراشدة والمنصور الذهبي وهارون الرشيد والفتح الأموي والسلطان سليمان العثماني، رافضة بأي شكل من الأشكال أن توقظ فينا الحمية وبعضاً من الكرامة والعزة، لنقول إننا اليوم في الحضيض، بل تجاوزنا الحضيض بالقليل. لمن يصرحون بأننا دول إسلامية فليقارنوا قليلاً بين دساتيرنا الموضوعة ودساتير بلاد الكفر، كما تدعون، بل مؤشرات الرشوة والفساد والجريمة والدعارة والقذارة في دولنا الإسلامية المنشأ والمسمى ودول الغرب، بل حتى إني أدعوكم أن ترصدوا الإحسان في أعمالنا وأعمالهم، لست هنا لاحتقار حضارتنا أو تقديس الغرب المتوحش، لكن أولسنا أدعى أن نتصدر القائمة ونصبح مسلمين أعمالاً وأفعالاً لا نصوصاً وأقوالاً. الله تعالى يحب أن يرى نعمه على عبده، ويحب أن يرى ما أمر به على عباده، لا تختزلوا الإسلام في الصلاة والزكاة وحج بيت الله، الإسلام أكبر من ذاك وذاك.لا ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.
مشاركة :