دعا مشاركون في لقاء الخطاب الثقافي الثامن للحوار الوطني الذي نظمه مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، واختتم أعماله أمس، إلى أهمية الخروج برؤية وطنية شاملة لتجنّب التصنيفات الفكرية السلبية والإقصائية التي تمس السلم الاجتماعي ومعوقات الوحدة الوطنية، معتبرين أنها تعمل على إشاعة قيم الوسطية والاعتدال والتسامح بين جميع مكونات المجتمع السعودي، على أن يتم تكوين فريق عمل من المفكرين والمهتمين بالشأن العام بإشراف المركز لصياغة هذه الرؤية. وأثارت جلسة "التصنيفات بين الإيجابية والسلبية" جدلا واسعا، فهناك من أكد بإلزامية إيجاد التصنيفات الفكرية للمواطنين أسوة بالمذاهب الفقهية "المالكية والحنبلية والشافعية والحنفية"، مشيرا إلى أنها منهج علمي يصنف العلوم والمعارف، وهناك من اتهمها بأنها سبب لتكوين تكتلات وتحزبات مرفوضة، كما يستخدم كأداة لمحاكمة الآخرين والحكم عليهم بدلاً من مناقشة أفكارهم، مشددين على ضرورة تفعيل قرار اعتماد وجود المذاهب الثمانية الذي يسهم في تأصيل احترام كل الفئات والتوجهات الفكرية، مؤكدين أن وسائل الإعلام سبب انتشار التصنيفات المتعددة. وقال الدكتور فهد سلطان السلطان نائب الأمين العام لمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني: "إنه لا يتناسب مع قواعد الشريعة السمحة ولا مع متطلبات الوحدة الوطنية أن يقوم البعض بجهل أو بسوء نية بتقسيم المواطنين إلى تصنيفات ما أنزل الله بها من سلطان، فهذا علماني وهذا ليبرالي، وهذا منافق، وهذا إسلامي متطرف، وغيرها من التسميات، والحقيقة هي أننا لا نشك في عقيدة أحد أو وطنيته حتى يثبت بالدليل أن هناك ما يدعو للشك". وأشار إلى أن المملكة تعمل منذ تأسيسها على تحقيق الاندماج والسلم الاجتماعي لجميع مكونات وأطياف المجتمع السعودي في إطار الوحدة الوطنية التي ترتكز على قيم الإسلام وسماحته. فيما أكد مشاركون إلى ضرورة تصحيح المسار وتصويب المفاهيم التي اختلط فيها الصواب بضده لكيلا تسفر هذه التصنيفات عن تكوين تكتلات وتحزبات يبغض بعضها بعضاً بما قد يقود إلى التصادم بين أبناء المجتمع الواحد الذي يشكل خطراً على مصالح الوطن والمواطنين. وأبدوا أهمية الخروج برؤية وطنية شاملة لتجنّب التصنيفات الفكرية السلبية والإقصائية على أن يتم تكوين فريق عمل من المفكرين والمهتمين بالشأن العام بإشراف المركز لصياغة هذه الرؤية ضمن منطلقات وأهداف وآليات يمكن تحقيقها على أرض الواقع، خاصة أن المرأة في المجتمع السعودي أصبحت كرة مضرب بين التيارات المتصارعة فصارت تخطو خطوة للأمام وأخرى للوراء. وشدد المشاركون على ضرورة إقامة الحملات الوطنية "الإعلامية والتوعوية" التي تهدف إلى نشر ثقافة الحوار الإيجابي وأدب الاختلاف، وأن يقوم المركز بتنسيق ذلك مع وزارات التربية والتعليم والشؤون الإسلامية والثقافة والإعلام، معبرين عن عدم ارتياحهم مما تتداوله وسائل التواصل الاجتماعي من تراشقات واتهامات تصل إلى لغة غير مقبولة بين مختلف أطياف ومكونات المجتمع السعودي. وأكدوا أن تهذيب لغة الحوار عبر هذه الوسائل هو مسؤولية أسرية تربوية إعلامية مجتمعية مشتركة، مع التوصية بسن تنظيم يقنن إجراءات جزائية ضد الكراهية والعنصرية والتعدي على حقوق وحرمات الآخرين.
مشاركة :