على مسافة مئات ملايين الكيلومترات من الأرض، بدأ العد العكسي لهبوط المركبة غير المأهولة «روزيتا» على المذنّب «تشوري» لتدخل هناك في سباتها الأبدي، في الحلقة الأخيرة من مغامرة فضائية فريدة من نوعها جابت الفضاء على مدى 12 عاماً. فاعتباراً من ليل أمس بدأت «روزيتا» هبوطها البطيء باتجاه سطح المذنّب، وتحديداً في الموقع نفسه الذي هبط عليه قبل عامين الروبوت «فيلاي» بعد انفصاله عنها في تشرين الثاني (نوفمبر) 2014. وتعود نشأة مهمة «روزيتا» الى العام 1993، حين أقرتها وكالة الفضاء الأوروبية، بهدف التعمق في فهم تَشَكُّل المجموعة الشمسية قبل اربعة بلايين و500 مليون سنة، وأطلق عليها هذا الاسم الذي يعني حجر الرشيد تيمناً بالحجر الذي كان له الفضل في فك رموز اللغة الهيروغليفية المصرية القديمة. وبلغت تكاليف هذه المهمة الفريدة من نوعها في تاريخ غزو الفضاء بليوناً و400 مليون يورو، وأتاحت جمع عناصر علمية غنية جداً سيعكف العلماء على درسها سنوات طويلة. وقطعت المهمة سبعة بلايين كيلومتر في الفضاء منذ اطلاقها العام 2004 من الأرض، وهي تلاحق المذنّب. وكان من ابرز مراحلها انفصال الروبوت «فيلاي» وهبوطه على سطح المذنّب الذي لا يزيد حجمه عن حجم جبل ارضي صغير، لكن مشكلات تقنية جعلته يدخل في مراحل من السبات، امتدت آخرها من تموز (يوليو) 2015. وبعدما بلغ المذنّب، والروبوت على سطحه والمركبة في مداره، ادنى مسافة له من الشمس، في رحلته الطويلة حولها في آب (اغسطس) من العام الماضي، عاد ليبتعد عنها متجهاً الى الأقاصي المظلمة للمجموعة الشمسية. وفي ظل ذلك، لن تكون الألواح الشمسية للمركبة قادرة على شحنها بالطاقة، ولذا قرر العلماء انزالها على المذنّب وإنهاء المهمة وهم ما زالوا قادرين على التحكم بها. وسيجري هذا الفصل الأخير من مغامرة «روزيتا» على مسافة 700 مليون كيلومتر عن الأرض. وما ان تستقر على سطح المذنّب ستنطفئ كل اجهزتها، وتنتهي حياتها.
مشاركة :