صدر عن «دار الهلال» في القاهرة، أخيراً، كتاب «الغناء المصري... أصوات وقضايا» للدكتور نبيل حنفي محمود. يرى المؤلف أن الغناء ارتبط عبر التاريخ بقضايا كثيرة انقسمت بدورها إلى قسمين: الأول، نشأ في ظل علاقة الغناء بأحداث سياسية، مثلاً، وامتد ذلك عبر تاريخ الغناء في مختلف الدول العربية، فضلاً عن مخاطبة المغني فئات بعينها من المجتمع. أما القسم الثاني، فينتشر نتيجة التنافس المحتدم في الوسط الغنائي بين الأصالة والمعاصرة والتغريب وصراع الأجيال. ويشير المؤلف إلى أن المدقق في تاريخ الغناء وسير أعلامه يستطيع أن يلاحظ أن تلك القضايا تظهر في مشوار بعض الأصوات الغنائية، أو في مواقف وحوادث شاركت فيها أصوات أخرى. ويؤرخ الكتاب بفصوله العشرة لمجموعة من أهم القضايا التي عبرت عنها السيرة الذاتية لعشرة من أجمل الأصوات الغنائية في العصر الذهبي للغناء المصري، وهو العصر الذي امتد نحو نصف قرن، بين عشرينات القرن الماضي وسبعيناته، وهم: «كوكب الشرق» أم كلثوم، و»موسيقار الأجيال» محمد عبدالوهاب، و»أميرة الغناء العربي» أسمهان، و»ملك العود» فريد الأطرش، و»العندليب الأسمر» عبدالحليم حافظ، و»رائد أغاني الأطفال» محمد فوزي، إضافة إلى نجاة الصغيرة وعباس البليدي وفايدة كامل وكمال حسني. ولما كانت العلاقة بين الغناء والسياسة أقدم تلك القضايا وأهمها، عالجت بعض فصول الكتاب مظاهر تلك العلاقة وأسبابها، وكذلك نتائجها في مسيرة ثلاثة من الاصوات الغنائية، والتي كانت جميعها - من دون قصد - أصواتاً نسائية. واختلف أسلوب معالجة تلك القضية مع الأصوات الثلاثة، باختلاف تداخل عناصر القضية في مراحل مسيرتهن مع فن الغناء. واعتمد الفصل الأول من الكتاب على تفنيد مقولة منع أم كلثوم من الغناء في الإذاعة المصرية بعد نجاح «ثورة 23 يوليو» (تموز) 1952، ما تطلب أيضاً كشف ملابسات علاقة العمل السياسي بتطور غنائيات أسمهان وفايدة كامل، بل بمدى تأثير ذلك على مسار حياتهما الشخصية. ويرصد الكتاب خطاب الغناء في ذلك العصر، دارساً توجهه إلى فئات معينة داخل المجتمع، مثل الأغنيات التي تتوجه إلى الطبقات الشعبية والعمال والفلاحين والبدو والأطفال. ويدرس الكاتب تجربة الفنان محمد فوزي في الغناء للأطفال خصوصاً. أما في القسم الثاني من قضايا الغناء، فثمة من نادى بالتجديد في مواجهة أولئك الذين نادوا بالحفاظ على الأصالة. ويرى المؤلف أن «هناك صلة لا يخطئها عقل بين التكوين والأصالة. فعلى قدر ما احتوته عناصر التكوين من لبنات ثقافية وحضارية، يجيء رصيد الموهبة من الأصالة. وتستوي في ذلك المواهب في كل فن، وكذلك المعايير الحقيقية للخلود، إضافة إلى معارك التنافس أو ما يسمّى صراع الأجيال». الغناء المصري
مشاركة :