حققت قوات النظام السوري أمس الجمعة (30 سبتمبر/ أيلول 2016) تقدماً ميدانياً في شمال ووسط مدينة حلب على حساب الفصائل المعارضة، بدعم جوي من الطائرات الروسية التي تنفذ منذ عام ضربات في سورية تسببت بمقتل أكثر من 9 آلاف شخص. ودعت منظمة «أطباء بلا حدود» أمس إلى وقف «حمام الدم» في حلب، حيث تحاصر قوات النظام السوري أكثر من 250 ألف شخص في الأحياء الشرقية تحت وابل من القصف الجوي الذي أوقع مئات القتلى والجرحى، لتضم صوتها إلى دعوات منظمات غير حكومية أخرى وحكومات والأمم المتحدة. ويأتي تقدم الجيش السوري في حلب فيما يتفاقم التوتر بين الولايات المتحدة وروسيا، حيث هددت واشنطن بوقف تعاونها الدبلوماسي مع موسكو التي اتهمت بدورها الأميركيين بحماية «جبهة فتح الشام» المتشددة. وبعد 8 أيام على إعلانه بدء هجوم هدفه السيطرة على الأحياء الشرقية من حلب الواقعة تحت سيطرة الفصائل المعارضة، تمكن الجيش السوري أمس بدعم من الغارات الروسية من التقدم على محورين في شمال ووسط المدينة. وأفاد المرصد السوري لحقوق الانسان عن سيطرة قوات النظام على منطقة المشفى الكندي في شمال مدينة حلب والذي كان تحت سيطرة الفصائل المقاتلة منذ نهاية العام 2013. وكانت هذه القوات استعادت أمس الأول (الخميس) السيطرة على مخيم حندرات (للاجئين الفلسطينيين سابقاً) الواقع شمال مدينة حلب، والذي يشهد منذ أسابيع معارك عنيفة وتقدماً من أحد الطرفين ثم تقدما مضاداً. وبحسب مدير المرصد رامي عبدالرحمن، «تتيح سيطرة قوات النظام على المنطقة التقدم أكثر إلى إحياء المعارضة وتحديداً إلى الهلك والحيدرية من جهة الشمال». في وسط المدينة، دارت معارك عنيفة أمس بين الطرفين في حي سليمان الحلبي، حيث تمكنت قوات النظام من تحقيق «تقدم بسيط»، وفق المرصد الذي تحدث عن «معارك كر وفر» تزامنت مع قصف على محطة المياه الموجودة في الحي. وقال مصدر عسكري ميداني لوكالة «فرانس برس» إن الجيش تمكن من السيطرة على عدد من الابنية في الحي ويواصل تقدمه باتجاه محطة ضخ المياه التي تغذي معظم أحياء المدينة. ويسعى الجيش السوري إلى السيطرة الكاملة على حلب، وتتقاسم قوات النظام والفصائل المعارضة السيطرة على حي سليمان الحلبي منذ العام 2012، وتسيطر الأخيرة على محطة المياه. وعمدت الفصائل الاسبوع الماضي إلى وقف العمل فيها، ما حرم سكان الاحياء الغربية من المياه، احتجاجاً على أضرار نتيجة القصف لحقت بمحطة باب النيرب التي تغذي الاحياء الشرقية، قبل أن يعاد تشغيلهما. وأفاد الإعلام السوري الرسمي أمس بمقتل 15 مدنياً وإصابة أكثر من 40 آخرين بجروح جراء قذائف أطلقتها «المجموعات الارهابية» على أحياء سليمان الحلبي والميدان والفرقان والسليمانية. وعلى رغم اشتداد المعارك، قال مراسل «فرانس برس» إن الأحياء الشرقية شهدت ليلة هادئة نسبياً بالنسبة إلى القصف الجوي. بينما أفاد المرصد وسكان عن غارات على مناطق الاشتباكات شمالاً. واحصى المرصد مقتل 216 شخصا بينهم أكثر من 40 طفلا جراء الغارات الروسية والسورية منذ بدء الهجوم. ومنذ انطلاقها قبل عام، تسببت الغارات الروسية بمقتل 9364 شخصا بينهم 3804 مدنيين، 906 منهم اطفال، وبإصابة 20 الف مدني على الاقل بجروح، وفق حصيلة للمرصد أمس. وأوضح عبدالرحمن أن «الحصيلة هي نتيجة الغارات الروسية التي تمكنا من التأكد منها»، لافتا إلى أن «العدد قد يكون أكبر لوجود قتلى لم نتمكن من تحديد هوية الطائرات التي استهدفتهم». ورفض الكرملين هذه الاتهامات. وقال الناطق باسمه ديمتري بيسكوف للصحافيين: «لا نعتبر أن المعلومات حول ما حصل في سورية والصادرة عن منظمات متواجدة في بريطانيا، موثوقة». وشدد على ان هدف التدخل الروسي في سورية «مساعدة السوريين والجيش السوري في معركته ضد الارهابيين الذين كانوا يحتلون، عند بدء العملية، القسم الاكبر من الاراضي» السورية. كما اتهم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الجمعة واشنطن «بحماية» «جبهة فتح الشام» (النصرة سابقا) قائلاً: «لدينا اسباب متزايدة للاعتقاد انه منذ البداية كانت خطة (الولايات المتحدة) حماية جبهة النصرة وإبقائها كخطة بديلة بانتظار الوقت الذي قد يحين فيه تغيير النظام». وأضاف في مقابلة مع «بي بي سي»، «لقد وعدوا بجعل الفصل بين المعارضة المعتدلة وجبهة النصرة اولويتهم... ولايزالون غير قادرين على ذلك، أو ليست لديهم الرغبة بالقيام بذلك». إلى ذلك، دعت منظمة اطباء بلا حدود أمس «الحكومة السورية وحلفاءها إلى وضع حد لأعمال القصف التي تغرق المدنيين في حمام من الدم»، محذرة من أن المدينة كلها «تحولت إلى هدف ضخم». ودعا مدير العمليات في المنظمة خيسكو فيلالونغا في بيان الحكومة السورية إلى وقف «أعمال القصف المنظمة»، معتبراً أن «روسيا، بوصفها حليفاً سياسياً وعسكرياً لا غنى عنه لسورية، تقع على عاتقها مسئولية ممارسة نفوذها لإنهاء ذلك».
مشاركة :