"التقشف" يوتر العلاقة بين "الفنون" و"المسرحيين"

  • 3/3/2014
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

توترت العلاقة بين عدد من المسرحيين ورئيس الجمعية السعودية للثقافة والفنون سلطان البازعي، بعد أن دعا البازعي فروع الجمعية إلى التقشف وترشيد المصروفات، نظرا للضائقة المادية التي تمر بها الجمعية. وحملت مواقع التواصل الاجتماعي ردود أفعال قاسية من قبل بعض المسرحيين الذين وصل بهم الأمر إلى مطالبة البازعي بالاستقالة، بعد تحميله مسؤولية ما وصلت إليه الجمعية. وأطلق المسرحي عبدالعزيز عسيري على صفحته في الفيس بوك، شرارة التوتر بسطور أشار فيها إلى أنه لم يكن يود أن يتحدث عن قرار إدارة الجمعية في حينه، رغبة منه بأن يكون بعيدا عن الانفعال، وقال إنه يود من رئيس الجمعية أن يعود من حيث أتى، محملا بكل الود والتقدير، فالجمعية صرح يقوم على جهود ذاتية لشباب آمنوا بالعمل الفني ومشاركة الشباب الفاعلة ولم يندموا على سنوات عمرهم التي بذلوها للجمعية، وها هم في سن الكهولة ما زالوا مؤمنين بعملهم وحلمهم في أن تبقى الجمعية مكانا آمنا لأحلام الشباب والأجيال القادمة. واتهم العسيري البازعي بأنه قد ظن أن الجمعية فسحة لكنه اصطدم بحقيقة أنها ساحة عمل دؤوب لا مكان فيها للمسترخين والمتثائبين، كما صدم بصحة ما يصرح به أبناء الجمعية من تعرضهم للتهميش والإقصاء رغم جهودهم وتجاوزهم للواقع. وقال إن البازعي رجل مثقف وواع، معتقدا أنه ضحية وحساباته هي الخاطئة، وختم حديثه لمتابعيه بقوله: "عزيزي سلطان البازعي عُد من حيث أتيت فلسنا في حاجة لك لأننا عملنا وسنعمل بدونك، دون تقشف أو بسطة يد، لأن أبناء الجمعية هم غودو". وتفاعل الكاتب المسرحي فهد ردة مع طرح العسيري وقال إنه يعتقد أن من لا يدرك أن الكادر البشري هو المهم والأهم في جمعية الثقافة والفنون لا يعي أبداً ما مر على الجمعية وفروعها لسنوات طويلة، مشيرا إلى أن الإمكانيات المادية لم تقف يوماً أمام الإنجاز، بل كانت دوما وقودا له، والمطالبة بالدعم لا يأتي عبر حرق الشباب والمتعاونين، بل له طرقه وأساليبه التي لم يدركها أبداً صانع قرار التقشف. "الوطن" طرحت حراك المسرحيين الذي شهده موقع الفيس بوك على طاولة مدير الجمعية السعودية للثقافة والفنون سلطان البازعي فقال: "أشكر بداية من دعاني للاستقالة إشفاقاً علي من هذه المسؤولية الشاقة، التي هي ليست "فسحة" كما قال، وأؤكد له أنني ولله الحمد، لم أتول مسؤولية في حياتي إلا وخططت لخروجي قبل الدخول، وللخروج حالتان: الأولى هي أن أشعر بأنني أكملت مهمتي وأنه لم يعد لدي شيء أقدمه أكثر مما قدمت، والثانية هي أن أصل إلى طريق مسدود، والطريق المسدود لم نصل إليه بعد، لا أنا ولا زملائي أعضاء وعضوات مجلس الإدارة، حتى لو بدا ذلك في الظاهر، فنحن نعمل في دولة وتحت قيادة لن تبخل في نهاية الأمر على الإنفاق على عمل ثقافي يتوجه لشباب وشابات هذا البلد لتطوير إمكاناتهم الإبداعية حتى لو استنفدنا طرق أبواب القنوات البيروقراطية الرسمية، كما أن مبدأ الشراكات الذي بدأت الجمعية بانتهاجه مع مؤسسات القطاعات الحكومية والخاصة والأهلية سيتيح مجالاً واسعاً للعمل في الأنشطة وتخفيف الضغط على موارد الجمعية". وأضاف البازعي، إنه يطمئن صاحب الدعوة على المستوى الشخصي بأنه سيحمل أجر المجتهد ويعود من حيث أتى حينما يفشل في تحقيق ثلاثة أهداف: الأول: هو إصلاح هيكل العمل بالجمعية بحيث تكون مصروفات التشغيل بما فيها الرواتب، هي النسبة الأدنى، وأن تكون مصروفات الأنشطة هي الأعلى، والثاني: هو تأمين موارد دخل ثابتة للجمعية، بما في ذلك تملكها لأصول استثمارية تعطيها صفة الاستدامة، والثالث: هو تهيئة الظروف لتحقيق التزام مجلس الإدارة لأن يكون آخر مجلس معين، وبتحقيق هذه الأهداف تكون مهمتنا انتهت كمجلس إدارة، وعلى المستوى الشخصي سأتشرف بطلب الحصول على عضوية الجمعية. وبين أنه في كل زياراته لفروع الجمعية يزداد حزنه على تواضع الإمكانات التي يعمل من خلالها هؤلاء المبدعون، بقدر ما تزداد قناعته بأن الإبداع لا يصنعه المكان ولا المال. نعم العنصر البشري هو الأساس، ولم يقل أحد بغير ذلك، لكن يجب أن ندرك أمراً هاماً، هو أن جمعية الثقافة والفنون هي معنية بالدرجة الأولى باحتضان المواهب وتطويرها، وليست جمعية لتنفيذ أعمال احترافية، فهؤلاء لهم جمعيات تقوم بشؤونهم مثل الجمعيات المهنية التي نشأت حديثاً، وأي جمعية للثقافة والفنون عملت طوال تاريخها على سد الفراغ القائم قبل نشوء هذه الجمعيات، وتعمل حالياً على إسنادها وإسناد المحترفين كلما استطاعت ذلك، بسبب من انتشارها ووجود فروع لها في مختلف المناطق، والعلاقة بين جمعية الثقافة والفنون والمحترفين هي علاقة الشراكة والاستفادة من قدراتهم في تنمية وتطوير المواهب من جانب وتفعيل الأنشطة التي تبرز هذه القدرات الناشئة للمجتمع من جانب آخر، وعلى الرغم من أن الأساس في عمل الجمعية – كمؤسسة مجتمع مدني- هو العمل التطوعي، إلا أن المكافآت التي تصرف للناشطين في اللجان سابقاً كنا نعدها تعويضاً جزئياً عن بعض الجهد والوقت اللذين يصرفهما هؤلاء المبدعون في الأنشطة. والآن وجدنا أنفسنا أمام فرصة إعادة النظر في صياغة هذا الجهد ليصب في خانة الأنشطة وتفعيل الجهود بحيث تتناسب المكافآت طردياً مع حجم الجهد المبذول كيفاً وكماً. وبشكل أكثر وضوحاً فإنني أقول إن "التقشف" لم يكن خياراً بل فرضته علينا الأزمة المالية، لكن "الترشيد" سيكون هو الخيار الاستراتيجي الذي سيصاحب عمل الجمعية مستقبلاً، والترشيد في المستقبل سيكون في الوظائف الإدارية الدائمة وليس في الأنشطة ولا في العائد الذي سيذهب للقائمين عليها. ما يجب أن يهمنا في نهاية الأمر هو أن تكون الجمعية قادرة على إنتاج فعل ثقافي وفني متطور يتناسب مع حجم الإمكانات الإبداعية لأبناء الوطن، بما في ذلك تخريج أجيال من المبدعين في كل مجالات الفنون التي نعنى بها. وأشار البازعي إلى أنه لا يستطيع التعليق على عبارات مثل "العبث الإداري" و"الهدر المالي"، لأن هذه ليست مهمته، فمن يطلق مثل هذه التهم يستطيع تقديمها مع إثباتاتها للجهات الرقابية التي تستطيع كشفها، لكن مهمته مع مجلس الإدارة والإدارة العامة هي ما نقوم به حالياً من العمل على عكس المعادلة التي ورثناها من حيث نسبة مصروفات النشاط إلى مصروفات التشغيل، وهذا يمكن أن يتم من خلال ترشيد الإنفاق على الرواتب إلى الحد الأدنى الممكن لضمان فعالية إدارة مؤسسة بهذا الحجم، وتخفيض الإنفاق على المباني المستأجرة، وعلى تأمين موارد مالية متجددة ومستدامة لأنشطة الجمعية. وليس صحيحاً أن وزارة الثقافة والإعلام صامتة تجاه هذه الأزمة، فمعالي الوزير وأركان وزارته يدركون تماماً الوضع الذي تعيشه الجمعية ويبذلون جهوداً كبيرة لزيادة الاستثمار الحكومي في قطاع الثقافة ككل وفي الجمعية بشكل خاص، ذلك أنهم يدركون أهمية مثل هذه المؤسسة لشباب الوطن ولتنمية العمل الثقافي في غياب الأكاديميات المتخصصة. وذكر البازعي أنه سيتجاوز الإغراء في الحديث عن شخصه وسيرته المهنية، ولم يدع يوماً أن العلاقات العامة لعبته لأنه لا زال يتعلم فيها، وليس صحيحاً أن الجمعية فشلت في الحصول على دعم من الشركات والمؤسسات ورجال الأعمال، مضيفاً أن هناك اتفاقات مع مجموعة الحكير، وهي نموذج لاتفاقات أخرى قائمة على مبدأ الشراكة وليس الرعاية التجارية، فمجموعة الحكير مهتمة بتطوير برامج لثقافة الطفل والأسرة لأن هذا يدعم استثماراتها في هذا الاتجاه وهو ما تستطيع الجمعية القيام به ويحقق جزءاً أصيلاً من أهدافها، ومن قبل كان لبعض الفروع جهود ناجحة في تحقيق شراكات وتأمين مقرات للفروع، وهناك مجموعة أخرى من الاتفاقات التي سترى النور قريباً تقوم على هذا المبدأ وتخدم جميع الفروع حتى تلك التي لا يتوافر في مناطقها قدرات استثمارية كبرى. ومضى البازعي مؤكداً أنه سيتجاوز محاولة الدفاع عن زميله وصديقه عبدالعزيز السماعيل لأن سيرته المهنية في مجال إدارة العمل الثقافي في بدايات الجمعية مع فرع الأحساء ومن ثم إدارة فرع الدمام إضافة إلى إنجازاته في مجال المسرح، كفيلة بتأكيد نصاعة موقفه. وهو بالتأكيد "لم يفشل" حسب التعليق في تجهيز ملف الجمعية لعرضه على الداعمين، لكنه ربما أحبطته محاولات بعض من تعاون معهم في تجهيز هذه الملفات التي لم يكتب لها النجاح، مشيراً إلى أن الملفات المشار إليها تحت الإعداد، مؤملاً بأن تظهر نتائجها قريباً. وختم حديثه بقوله: مرة أخرى لسنا في مجلس الإدارة ولا في الإدارة العامة حريصين على أماكننا، بقدر حرصنا على أن نقدم ما يؤمله الوسط الثقافي والفني منا، ونحن نجتهد في ذلك.

مشاركة :