صراحة نواف العايد : بدأت اليوم بمقر الأمانة العام للجامعة العربية بالقاهرة أعمال الاجتماع غير العادي لمجلس الجامعة العربية على مستوى المندوبين الدائمين برئاسة تونس وذلك لبحث الأوضاع المتأزمة في مدينة حلب بسوريا. وحذر الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط في كلمته خلال الاجتماع من تفاقم الأوضاع المتدهورة في مدينة حلب، مؤكدا أنه وضع بالغ الخطورة حتى بمعايير الحرب الأهلية السورية بكل ما شهدته من فظائع وانتهاكات. ووصف أبو الغيط ما يجري في مدينة حلب بأنه مذبحة ، داعيا إلى وقفة عربية حازمة إزاء ما يجري من قتل عشوائي وحصار وتجويع للمدنيين في حلب، ومعلنا التضامن الكامل مع الشعب السوري الذي يواجه واحدة من أصعب المآسي في التاريخ العربي الحديث. وقال أبو الغيط إن ما يجري في حلب منذ إنهيار ترتيبات الهدنة في التاسع عشر من سبتمبر الماضي هو مذبحة بالمعنى الحرفي للكلمة، ويتعين العمل بصورة عاجلة لإقرار وقف إطلاق النار في حلب وفِي عموم سوريا من أجل إدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية للسكان المحاصرين، والعمل من أجل تفادي وقوع أزمة إنسانية مروعة تفوق في ضراوتها ما جرى من مجازر. وأشار إلى أن هناك أطرافا دولية وإقليمية متورطة في هذا الهجوم الوحشي على المدينة وينبغي أن تتحمل هذه الأطراف مسئوليتها إزاء الخروقات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني التي ارتكبت خلال الأيام الماضية من قصف متعمد وممنهج للمستشفيات، مشددا على أن الأزمة السورية تظل عربية تقع تبعاتها على دول المنطقة وشعوبها وليس مقبولا أن يتم ترحيل الأزمة برمتها إلى الأطراف الدولية التي ظهر أنها عاجزة عن الاتفاق أو التوصل إلى تسوية يمكن فرضها على الأرض. وأكد أهمية أن يكون للجامعة العربية رأي ودور في معالجة الأزمة السورية حيث تتعاظم الحاجة للدور العربي والتواجد العربي للسوريين اليوم أكثر من أي وقت مضى. وأكد أبو الغيط أن الحل العسكري لن يحسم الصراع وأن أي طرف يتصور إمكانية تحقيق الحسم العسكري واهم ومخطئ في قراءته للموقف ويتعين عليه مراجعة هذا التصور الذي لن يقود سوى لمزيد من سفك دماء السوريين دون جدوى حقيقية. من جانبه أعرب معالي سفير خادم الحرمين الشريفين لدى جمهورية مصر العربية ومندوب المملكة الدائم لدى جامعة الدول العربية عميد السلك الدبلوماسي العربي أحمد بن عبد العزيز قطان، عن استنكاره للمذابح التي ترتكب في مدينة حلب السورية، واصفا إياها بأنها فضيحة تحدث أمام أعين العالم. ودعا معالي السفير قطان في كلمته خلال الاجتماع الطارئ لمجلس الجامعة العربية على مستوى المندوبين الدائمين، الدول العربية إلى الوقوف بجانب الشعب السوري، وبذل كل الجهود الممكنة على المستوى الدولى لتوفير ممرات أمنة لتوصيل مواد الإغاثة إلى المواطنين، مشددا على ضرورة تضافر الجهود لمنع الرئيس بشار الأسد وحلفائه من إبادة الشعب السوري. وانتقد معاليه، صمت المجتمع الدولى على جرائم نظام الأسد، ما ساعده على مواصله نهجه الدموي بحق أبناء شعبه وتساءل : أين الحل السلمى للأزمة السورية وكيف نحققه. واستنكر لجوء النظام إلى حلفائه لإبادة الشعب، بعد فشله في القضاء على الثورة، ما يؤكد أنهم يسعون إلى الحل العسكري ويتحججون بوجود تنظيمات إرهابية، وكأن الشعب السوري أصبح بأكمله إرهابيا. وشدد قطان على ضرورة إجبار كل الأطراف على العودة إلى طاولة المفاوضات، وتطبيق قرارات مؤتمري جنيف (1 و2)، مشدداً على مواصلة المملكة جهودها في دعم سوريا. وقال في كلمته: لسنا دعاة حرب ولا نسعى لها، والصراع المسلح لا يحسم الأمور، بل سعينا للوصول إلى حل سلمي للأزمة، مؤكدًا في الوقت ذاته أن المملكة لا يمكن أن تقف مكتوفة الأيدي، كما أنها ما تزل تسعى إلى أن تبقى سوريا موحدة. بدوره أكد مندوب تونس لدى جامعة الدول العربية السفير نجيب المنيف ضرورة تعزيز دور الجامعة العربية في الأزمة السورية وفي الجهود الرامية لتحقيق الحل السياسي ، مثمناً الاتصالات المكثفة التي يجريها الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط في الصدد. وقال المنيف بوصفه رئيس الدورة الحالية لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين في كلمة له في افتتاح اجتماع غير عادي للمجلس لبحث الوضع في حلب إن هذا الاجتماع يهدف لسرعة التحرك لإنهاء الأزمة في حلب. وأشار إلى أن مختلف أنحاء سوريا تشهد تصعيداً خطيراً للأعمال القتالية وسقوط عدد كبير من القتلى والجرحى وتفاقم الأوضاع الإنسانية ، لاسيما ما يتعرض له شرق مدينة حلب منذ ما يقل عن أسبوع من استهداف للمدنيين وقصف للمستشفيات وحصار للمواطنين والصعوبات في ادخال المساعدات. وأكد ضرورة الدفع باتجاه استئناف الحوار والتوصل لوقف النار وتثبيت الهدنة وإنهاء الأزمة الإنسانية للشعب السوري، معرباً عن التقدير لجهود الدول العربية المضيفة للاجئين السوريين والدول العرببة المساهمة في إغاثة الشعب السوري وعلى صعيد متصل طالبت دولة الإمارات، مجموعة الدعم الدولية بضرورة مضاعفة جهودها لوقف التصعيد العسكري وإعادة الأزمة السورية إلى المسار السياسي، ورأت أن هذا سيؤدي لتوفير البيئة المناسبة لتقديم الجهود والمساعدات الإنسانية للسوريين وجهود إعادة الأعمار. وقال مندوب الإمارات الدائم لدى الجامعة العربية السفير جمعه مبارك الجنيبي في كلمته إن الحل العسكري لن يكون في مصلحة السوريين، والحل السياسي سيظل هو الحل الوحيد والمخرج المناسب لهذه الأزمة، والذي يجب أن يتضمن حوار سياسي جاد بين كل السوريين، يبنى على أسس تضمن الحفاظ على وحدة سوريا واستقلالها، ويدعم طموحات السوريين في العيش بدولة آمنة ومستقرة، مشدداً على أن هذا لن يتحقق بالحلول التصعيدية والعسكرية التي لطالما أدت لأزمات إنسانية تزيد من معاناة الشعب السوري الشقيق. وأعرب عن قلق بلاده البالغ نتيجة للتصعيد العسكري في مدينة حلب ونتيجة للقصف الوحشي غير المبرر للمدنيين الأبرياء، عبر الاستهداف العشوائي للمدنيين، والذي أدى لسقوط المئات من القتلى والجرحى الذين لا ذنب لهم غير أنهم يريدون الحياة الآمنة الكريمة. ودعا إلى تضافر الجهود العربية والاقليمية والدولية لوقف إطلاق النار وحث جميع الأطراف السورية للعودة لطاولة المفاوضات من خلال إطار جنيف 1، مع ضرورة متابعة تنفيذ قرارات مجلس الأمن المتعلقة بالأزمة. كما طالب المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته ضد هذه الأعمال غير الإنسانية التي أصبحت تشكل مأساة إنسانية حقيقية، والعمل على وقف عمليات القصف فورًا، وتأمين دخول المساعدات الإنسانية إلى كافة المناطق السورية. من جانبه، قال مندوب الكويت أحمد البكر الذي طلبت بلاده عقد هذا الاجتماع إن المأساة التي يتعرض لها الشعب السوري خاصة مدينة حلب التي تعرضت مؤخراً لكارثة إنسانية لم يشهد لها التاريخ مثيلا منذ الحرب العالمية الثانية. وأشار إلى أن حلب شهدت أبشع الممارسات التي تمثلت في استخدام أنواع جديدة من الأسلحة الثقيلة المحرم استخدامها ضد المناطق المدنية ولم يسلم من هذا الاعتداء الهمجي لا المدارس ولا المستشفيات أو دور العبادة بل كل مقومات الحياة ولم يميز هذا القصف بين المدنيين العزل والمسلحين، ووصل تفاقم الوضع لتعمد قصف قوافل الاغاثة الانسانية. ورأى مندوب الكويت أن مايحدث الْيَوْمَ من مجازر لايمثل فقط جريمة ضد الإنسانية وانتهاك صارخ للمعاهدات الدولية والقانون الدولي الذي يعرض المشاركين للعدالة الدولية بل يمثل أيضاً انتهاكاً لكل الأديان السماوية والمبادئ الإنسانية. وبدوره قال مندوب الجزائر لدى جامعة الدول العربية نذير العرباوي إنه لايمكن فصل أحداث حلب عما يجري في المدن السورية الأخرى من تقتيل وتدمير وكذلك ما ترتكبه الجماعات الإرهابية من مجازر. وأشار إلى أن الجزائر حذرت منذ البداية بأن الأزمة مستعصية علي الحل العسكري وأن لغة السلاح والتدخل الأجنبي لن تؤدي لحل باعتبارها أزمة سورية سورية الأمر الذي أدي لانتشار الجماعات الإرهابية . وأضاف أن الاٍرهاب مستفيد مما يحدث ، مشدداً على أنه يجب إدانة الأعمال الإرهابية التي ترتكب في مدينة حلب. من جهته أكد مندوب موريتانيا الدائم لدى الجامعة العربية السفير ودادي ولد سيدي هيبة حرص بلاده التي تتولى رئاسة القمة العربية الحالية على متابعة تطورات الأزمة السورية مؤكداً دعم موريتانيا لكل القرارات التي ستصدر عن اجتماعات مجلس الجامعة. وأعرب عن أمله بأن تؤدي نتائج اجتماع الدورة غير العادية للمجلس لسرعة تحرك المجتمع الدولي لمواجهة الأوضاع الكارثية في حلب والتعامل مع الأوضاع الإنسانية المتدهورة، والتأكيد على دور الجامعة العربية ووعيها بمدى خطورة الأوضاع في حلب.
مشاركة :