انتقد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أمام ضيفه زعيم «تيار المستقبل» اللبناني الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري الولايات المتحدة التي «علمنا أمس أنها رفضت اتفاقات أميركية - روسية لتسهيل الوضع اللبناني والأزمة في سورية، وهذا وضع سيء». وقال: «الولايات المتحدة لا تلتزم بالاتفاقات، وليس فقط بما يتعلق بالتزاماتها بفصل المعارضة المعتدلة عن «جبهة النصرة»، ولكن أيضاً الالتزامات الخاصة بفتح طريق «الكاستيلو» قرب مدينة حلب، وهذا شيء مؤسف. ولا نزال نسعى الى أن يتم الوفاء بقرارات الأمم المتحدة وسنكون نشطاء في المجموعة الدولية لدعم سورية، وسنواصل التنسيق مع الجميع وخصوصاً مع أصدقائنا في لبنان، لوضع حل للأزمة في سورية يصب في مصلحة الاستقرار في لبنان». وقال لافروف أمام الحريري الذي عقد معه اجتماعاً في مقر الضيافة التابع لوزارة الخارجية الروسية: «نحن دوماً نقوم العلاقات الطيبة الروسية - اللبنانية، كما نؤيد دائماً وحدة أراضي لبنان وسيادته والمبادئ التي تم الاتفاق عليها بين جميع القوى السياسية والطائفية اللبنانية وما يعطي للبنان فـرصة لتعزيز وتطوير البلاد». وأضاف قائلاً: «للأسف الشديد في هذا الوقت الدقيق يعيش لبنان أزمة سياسية، وهناك بعض الجهود للتغلب على هذه الأزمة، وأود التعبير عن تأييدنا لجهودكم التي تقومون بها، يا دولة الرئيس الحريري المحترم من أجل التغلب على هذه الأزمة السياسية. ونحن متضامنون مع اللبنانيين والشعب اللبناني والصعوبات بالنسبة الى الأزمة السورية، وخصوصاً مع وجود أكثر من مليون لاجئ سوري على الأراضي اللبنانية، وهم في لبنان بسبب الإرهابيين الموجودين في سورية حالياً، وهذه أعداد هائلة من اللاجئين السوريين، خصوصاً مع وجود عقوبات غربية، لا سيما أميركية وأوروبية، وهي عقوبات آحادية الجانب وغير عادلة. ونعطي للبنان الدعم المالي والإنساني لكي يتغلب على أزمة اللاجئين، ونعرف أن الجيش اللبناني يواجه «داعش» و«جبهة النصرة» على الحدود مع سورية، ونؤيد لبنان في هذا المجال. كما أننا نتعاون مع لبنان ضمن آلية المجموعة الدولية لدعم سورية التي تم تأسيسها من قبل روسيا الاتحادية والولايات المتحدة من أجل تسهيل الوضع اللبناني والأزمة في سورية، وكثفنا جهودنا مع الولايات المتحدة والمجموعة الدولية لدعم سورية، حيث تم تحصين الاتفاقات الأميركية - الروسية من قبل المجموعة الدولية لدعم سورية أحياناً، وللأسف الشديد فإن بعض الأطراف عمل على تفكيك هذه الاتفاقات الروسية - الأميركية. وفي رأينا أن جزءاً من الأشخاص في القيادة الأميركية». وانهى المسؤول الروسي مداخلته أمام الحريري بـ «التشديد على الدور المهم الذي تلعبونه، أنتم شخصياً، بالنسبة الى الوضع الداخلي في لبنان». الحريري أما الحريري فأكد «أن لروسيا دوراً مهماً تلعبه في المنطقة»، وقال: «كما تعلمون قمنا بمبادرات عدة لإنهاء الشغور الرئاسي في لبنان، ولكن، حتى الآن هناك معطل أساسي هو «حزب الله» ومن دون شك، فإن الأزمة السورية تشكل بالنسبة الينا حملاً ثقيلاً، وهناك تحديات كبيرة لدينا، خصوصاً مع وجود أكثر من مليون و200 ألف لاجئ سوري في لبنان. ولكن هؤلاء هم سوريون ومن الشعب السوري والأزمة السورية يجب أن تنتهي بأسرع وقت ممكن بحل سياسي يكون عادلاً للشعب السوري، لأن الشعب السوري، مثل كل شعوب المنطقة، يريد الحق في الحياة الكريمة والعادلة». ولفت الى أن «هؤلاء أتوا إلى لبنان قبل ظهور داعش عندما كان النظام في سورية لا يعامل شعبه بالشكل الذي يجب أن يعامله به، ولدي كل الثقة بأن روسيا، وهي لطالما دافعت عن حقوق الشعوب في منطقتنا، وخصوصاً في فلسطين ولبنان وسورية، يجب أن تستعيد هذا الدور لمصلحة الشعوب في المنطقة». وأضاف الحريري: «أنا لبناني معتدل، مسلم سنّي، ضد أي نوع من الإرهاب، فالذين يدّعون أن هذا هو الإسلام من داعش أو النصرة أو القاعدة أو غيرها من المنظمات الإرهابية لا يمثلون أي نوع من الإسلام. الشعوب العربية في المنطقة تنظر إلى روسيا، وخصوصاً في هذه المرحلة، بأن توجد الحل في شكل عادل للشعب السوري والمواطن السوري والأطفال السورييين، وخصوصاً ما يحصل في حلب. هذه مشكلة كبيرة برأيكم وبرأي كل العالم ونرى أن دوركم السياسي وكذلك ما تقومون به مع الولايات المتحدة والدول في المنطقة، أساسي ويجب أن يستكمل لإنهاء هذه الأزمة». وشكر الحريري الوزير لافروف «والرئيس فلاديمير بوتين على المساعدات للجيش اللبناني وأيضاً المساعدات المادية التي تأتي للاجئين السوريين، وهذا أمر نحن في حاجة إليه وخصوصاً وسط هذه الأزمة». رد لافروف وعقّب لافروف على كلمة الحريري فقال: «شكراً جزيلاً على كلمتكم الطيبة وعلى تقديركم لدور روسيا التقليدي في ما يخص التعاون مع البلدان العربية. وأريد أن أقول بأننا ننطلق من مبدأ واحد، أنه إذا كان هناك أزمة أو نزاع، فإنه يجب على الشعب نفسه وجميع مكوناته الطائفية أن تتفق، وهذه هي المبادئ أيضاً التي تأسست عليها الدولة اللبنانية بالضبط». وأضاف: «بالنسبة الى ما يخص أنظار العالم على روسيا، وخصوصاً بالنسبة الى الوضع في حلب، فإنه لا يجب أن ينظر العالم والبلدان العربية إلى روسيا فقط ولكن يجب أن ينظروا إلى غيرنا، إلى من لا يريد ولا يعمل شيئاً لفصل الإرهابيين من المعارضة المعتدلة، ومن لا يعمل شيئاً لتحسين الوضع. ويجب على العرب أن ينظروا إلى الولايات المتحدة وأوروبا وإلى بلدان الشرق الأوسط الرائدة». وأقام لافروف مأدبة غداء على شرف الحريري، حضرها عن الجانب الروسي نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف ومدير دائرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الخارجية سيرغي فيرشيني ونائب مدير دائرة الشرق الأوسط في الخارجية أندريه بانوف وعدد من المسؤولين في وزارة الخارجية، وعن الجانب اللبناني، حضر أعضاء الوفد المرافق للرئيس الحريري الذي ضم النائبين السابقين غطاس خوري وباسم السبع ونادر الحريري ومستشار الرئيس الحريري للشؤون الروسية جورج شعبان، واستكملت خلالها مواضيع البحث. وكان الحريري التقى في مقر إقامته السفير اللبناني لدى موسكو شوقي بونصار، في حضور خوري وشعبان.
مشاركة :