من عنوان رواية أربعون قاعدة للحب للكاتبة التركية أليف شافاك تعتقد أن مؤلفة الرواية، وعلى طريقة ابن حزم في طوق الحمامة، أو أوفيد في دفن الهوى ، ستبسط أمام قارئها أربعين قاعدة أو أربعين (وصفة) في الحب، ولكن بنية الراوية تشير إلى غير ذلك، وهي أقرب في مناخاتها السردية للروح الصوفية، ولكن من بعيد يتلألأ دائماً ضوء الحب (حتى رغم الانفصال بعد عشرين عاماً من الزواج). تجذبك أليف شافاك إلى قراءتها لأكثر من سبب، فهي في وسط الأربعين من عمرها، وهو العمر الذهبي بالنسبة للمرأة، عمر النضج والوعي والأنوثة المكتملة، فكيف إذا أضيف إلى كل هذه الشهرة الأدبية؟ يقول مترجم رواية أربعون قاعدة للحب د. محمد درويش إن أليف شافاك (وتعني شفق): تكتب أعمالها الروائية باللغتين التركية والإنجليزية وتترجمها دور النشر العالمية إلى أكثر من ثلاثين لغة، حتى أصبحت كتبها الأكثر مبيعاً في الدول الأوروبية. كل ذلك وهي في الأربعين، وبشيء من تفاؤلها إذا كانت تؤمن بالتفاؤل، فهي على بعد مسافة ليست طويلة من مجد وثراء نوبل، غير أن كاتبة من دولة تتأرجح بين ثقافتين علمانية غربية، وأخرى متوسطية شرقية إسلامية لا تنتظر ملايين الدولارات من نوبل طالما أنها الأكثر مبيعاً في أوروبا بثلاثين لغة حية. الجذر الثقافي، وإذا أردت القول الجذر الأكاديمي على مستوى الدراسة والبحث بالنسبة إلى أليف شافاك هو التصوف كما يخبرنا المترجم، ولها روايتان تقومان على هذا الفكر سبقتا أربعون قاعدة للحب، ولكن إلى جانب الروح التصوفية في روايات شافاك هناك روح الشعر، وروح اللغة المشبعة بالماء ورائحة الأرض. تقول في أربعون قاعدة للحب: انزلقت ندف الثلج بسبب الريح، ومال شمس إلى أمام ليشد وشاحي شداً أقوى. ولبرهة من الزمن تجمدتُ في مكاني، وتنشقت العبير. كان مزيجاً من خشب الصندل والكهرمان فضلاً عن طعم تشبه رائحة التراب بعد سقوط المطر. هنا السر، إذاً، لا يكفي أن تكتب رواية كلها تصوف، ولا يكفي أن تكتب رواية كلها وثائق ومخطوطات وتاريخ، أو كلها أشخاص متناقضون أو أسوياء أو مرضى. هناك سر وهو (الشعر) أو إن أمكن القول (شعرية السرد أو شعرية الحكي والقص والكلام). وإذا أردت معادلاً جمالياً للشعر لك أن تستخدم كلمة (الماء). الكثير من الروايات العربية وغير العربية مملوءة بالخشب والقصل والجمادات. لا ماء في اللغة، ولا ماء في الأسلوب. روايات كما لو كتبت لتعذيب القارئ واختيار قدرته على الصبر على الكتاب، فما أسوأ أن تركن كتاباً على الرف ثم يغطيه الغبار. إيلا بطلة رواية أربعون قاعدة للحب انقلبت حياتها رأساً على عقب بسبب قراءتها كتباً مشبعة بالماء. يوسف أبو لوز yosflooz@gmail.com
مشاركة :