«جاستا».. وعلى نفسها جنت براقش!

  • 10/7/2016
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

سنة فقط بعد تفجيرات نيويورك، أصدر نعوم تشومسكي، أكبر مفكري بلاد العم سام كتابا بعنوان:11- 9 .. الحادي عشر من أيلول، فيه نقرأ أن مرتكبي أحداث أيلول هم من المعبأين بمخزون من المرارة والغضب على الولايات المتحدة وسياساتها الإقليمية، وهم ينتمون إلى جيوش المرتزقة التي تم تنظيمها وتسليحها من قبل الاستخبارات الأميركية وجهات دولية أخرى. كان الكتاب من أكثر كتب نعوم تشومسكي مبيعا بشهادة الرجل، والأخير يعرف السياسة الأميركية جيدا، وهو من كبار منتقديها، ولم يتوان في وصف بلاده بـ الدولة المارقة في عنوان كتاب أعقب كتابه هذا، وفيه أيضا يقّر بأن أميركا وإسرائيل أكبر دولتين إرهابيتين في العالم وأن ثقافتهما هي إحدى أكثر الثقافات تديناً وتطرفاً وأصوليةً. وكلام تشومسكي، ليس للاستهلاك السياسوي، فالرجل من كبار علماء الألسنية والثقافات المقارنة في بلاده والعالم، وأهم فلاسفته، ولا يفعل ذلك لإرضاء زيد أو إغضاب عمر، والذين ظلوا يستهدفون كتاباته، ويصفونها بـ الصبيانية لا شك يفعلون ذلك نيابة عن المؤسسة الرسمية الأميركية، التي عزلت وما تزال تشومسكي، فلا يجد أين ينشر كتبه، اللّهم الا في دور نشر صغيرة لا يعرفها أحد! تشومسكي يعرض انتهاكات بلاده في العديد من دول العالم ومعنى كلام تشومسكي، الذي يظل في نظر المؤرخين أهم من وثق الانتهاكات التي نفذتها الولايات المتحدة منذ الستينيات إلى اليوم، أن أميركا التي تعرضت لتفجيرات 11 سبتمبر ذات 2001، كانت قبل ذلك قد نفذت العديد من 11 سبتمبر في التشيلي (الانقلاب على أليندي وإعدام 30 ألفا من أنصاره)، في لبنان في 1982 (150 ألف قتيل)، وفي فيتنام (برنامج فينيكس للتصفية الجسدية، 40 ألف شخص تم إعدامهم العام 1969)، في كمبوديا، ووو .. وبعض (11-9 ) الذي نفذته واشنطن خارج أراضيها كان نووياً ( قنبلتي (هيروشيما) و(ناكازاكي) اليابانيتين في 1945، وفي العراق (صحيفة نيويورك تايمز تكشف في فبراير 1993 عن أن الطيران الأميركي استخدم قذائف تحوي اليورانيوم ضد الشعب العراقي، أباد حتى الأجنة في أرحام الأمهات! أين أرامل هؤلاء الضحايا جميعا، أين أبناؤهم وأحفادهم؟ يقاضون البيت الأبيض والبنتاغون عن عشرات المئات من الجرائم التي اقترفتها أميركا في حق ذويهم، وهي تحاول الدفاع عن مصالحها الاقتصادية والسياسية فقط، لا عن شرفها وعرضها وترابها؟ أين هن أمهات الآلاف من الشباب الذي غرّر بهم إرهابيو القاعدة وداعش، لتجريم أميركا راعية الإرهاب إلكترونياً، عبر مواقع الاستضافة الأميركية، وسياسة (الحرب الناعمة) التي تبناها الكونغرس الأميركي في 2008. أين هن أرامل ضحايا ما لا يعد ولا يحصى من الانقلابات العسكرية التي نفذتها وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي آي آي) منذ مطلع القرن الـ 19، في سورية وإيران وكوبا وغواتيمالا واليونان وأندونسيا والتشيلي، ووو، وكل أنهار الدماء التي كانت تجري وراء كل انقلاب ؟ وعشرات آلاف الأرواح البريئة من الأحرار الذين يموتون في سجونها في أبو غريب وغونتانامو وتلك التي لا نعرف اسمها، وما خفي لا شك أعظم! تسارع الآن أرامل ضحايا هجمات 11 سبتمبر 2001 إلى رفع دعاوى قضائية ضد السعودية بموجب قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب أو ما يعرف اختصارًا بـ جاستا، بدعوى أن 15 من أصل 19 منفذاً للهجمات من جنسية سعودية. (باليه) الدعاوي القضائية افتتحته أرملة أميركية بعد يومين فقط من إقرار قانون جاستا. قالت المرأة إنها تريد حقها، لقد كانت حاملا عندما لقي زوجها حتفه في الهجمات، وكان ضابطا في البحرية الأميركية، فأضحت بلا عائل ولا ظهر. ربما على الأرملة الأميركية أن تجيب أرامل ضحايا أميركا في العالم، كم فقد الأميركيون من عزيز سنة 2001 فقط ؟ وكم فقد العالم من أبرياء بسبب سياسة بلدها الخارجية كل هذه السنوات؟ جاستا ابتزاز آخر من أميركا للعالم الإسلامي، وهي خطة الجيل الثالث من المخططات الأميركية الصهيونية لإذلال المسلمين بعد جيل القاعدة وداعش يقّرها كونغرس أميركي مختطف من قبل لوبي صهيوني نافذ. المهزلة أن القضاء الأميركي سيشرع في استقبال دعاوى الأرامل، وقبله كان جهاز الـ (سي آي آي) رفع في 14 يونيو 2016، أي حديثا جدا، على موقعه الإلكتروني، السرية عن 4 وثائق حول تحقيقات قامت بها الوكالة بعد أحداث 11 سبتمبر، تؤكد نتائجها أن المملكة العربية السعودية، لم تدعم تنظيم القاعدة الإرهابي ولايوجد أي وثائق رسمية يمكن الركون إليها تؤكد ضلوعها في تقديم أي نوع من الدعم المادي لمنفذي الحادث، أو أي أحد من أفرادها، فلِمَ جاستا الآن ؟ وهل يحق للسعودية إذن، أن تقاضي أميركا وتطالب بتجريم كل من يتهمها بالإرهاب؟ وقد برّأ جهازها الاستخباراتي الأول المملكة من كل صلة قد تربطها بجماعات الموت؟ إن الأرقام التي كشف عنها تقريران حديثان لـ أف بي آي وأوربول تتحدثان عن (152) هجمة إرهابية تعرضت لها أوروبا 2 % منها فقط ارتكبها مسلمون، فيما النسبة الباقية اعتداءات نفذها أوروبيون لدواع (انفصالية أو عرقية أو قومية)، والأهم في كل هذا اعتراف التقرير الاستخباراتي أن (الصدى) الذي تحدثه 2 % من تلك العمليات يفوق بأضعاف صدى نظيرتها التي تفوق نسبة الـ 98 % ! ، هل يحق لنا بعد هذا أن نقاضي الغرب المصوّبة (أضواؤه) نحو (إرهاب المسلمين) مقابل تعتيم يستفيد منه التطرف المسيحي والإرهاب اليهودي؟ لقد صدرّت أوروبا للبغدادي 3 آلاف (جهادي) غالبيتهم ترعرعوا في بيئات ملحدة، وقليل منهم من أصول عربية وإسلامية، وفرنسا (الحرية والعدالة والأخوة) صدّرت لـ (داعش) أزيد من 500 جهادي فرنسي من الشباب، وهي بذلك تنافس الجزائر التي تحصي قرابة 200 شاب التحقوا بالقتال في سورية والعراق! صناعة الموت كما يحلو للديمقراطيين تسميتها صارت (تفريخاً) تقذف به (أرحام) الغرب العنصري، ولهذا السبب تساءل معهد “كويليام” البريطاني كيف نجح (البغدادي) في إغراء 100 أميركي و800 مقاتل روسي و150 هولنديا، ولم تغرهم (الحرية المغشوشة) التي تتشدق بها المجتمعات الغربية! لقد مارس أوباما حق النقض تجاه قانون جاستا خشية من مبدأ المعاملة بالمثل، ومعنى هذا أن الرئيس الأميركي المغادر، يعترف بجرائم بلاده في العالم ويتوجس خيفة من أن يوقظ القانون مشاعر الثأر لدى ضحاياها. أميركا تؤلب العالم ضدها، وعلى نفسها جنت براقش!

مشاركة :