ليس من المستغرب من أعداء الوطن والمرجفين استغلالهم للأوضاع الحالية لزعزعة الأمن والتقليل من ثقة المواطن بقياداته وحكومته، فدورهم يحين في مثل هذه الأزمات التي تُقتنص فيها الفرص. إننا كمواطنين يجب علينا أن نتذكر أنها ليست المرة الأولى التي تمر بها المملكة بأزمات وبالتأكيد ليست الأخيرة. بل إن المملكة حكومة وشعباً قاست الأشد من ذلك وكان الله عز وجل في عونها حتى انجلت الغمة، ففي حرب الخليج الثانية كانت الأوضاع أشد وقعا وأدهى وأمر فلم يقتصر الأمر حينها على الأمور الاقتصادية التي يعي من عاصرها مدى تأثيرها على الواقع المعيشي بل إن الأهم من ذلك هو الأمن الذي أحسسنا بالفعل بقيمته فمجرد رؤية دوريات الإنذار المبكر، ووضع مكبرات الصوت للإنذار فوق المباني، مع ما يبثه التلفاز والإعلام الرسمي من تحذيرات مستمرة كانت أشد رهبة من الوضع الراهن، لأنها كانت مؤشرات على أن الأمن قد اختل وبالفعل فقد بدأ الخوف يدب وكانت حالة الاستنفار في بعض مناطق المملكة في أوجها خاصة الشرقية والوسطى وكانت المؤن تخزن في البيوت وتغلق النوافذ والأبواب تحسباً للغازات الكيميائية، وكثير من الموظفين يباشرون أعمالهم دون انقطاع حتى تصل أحياناً إلى 16 ساعة متواصلة والبعض منهم ينام في مقر عمله في المصانع والشركات ومع هذا كله لم يرجف المرجفون مثل هذه الأراجيف، التي ساعدت وسائل التواصل الاجتماعي في سرعة انتشارها وتنوعها. ما يتعلق بالترشيد والاقتصاد ليس بالخطب الجديد بل هو مبدأ إسلامي تربى عليه مجتمعنا ولو نظر غالبية المجتمع إلى حاله ووضعه لم يجد ما يزيد عليه في الاقتصاد والادخار، ولكن الخطاب متوجه لفئة من جهال وسفهاء المجتمع ولكل مجتمع نصيبه ممن لا يقدر للنعمة قدرها ولا يرى لشكرها أي داع. وأما ما يخص تداعيات الحرب فإن تكاليفها وما يتعلق بالمعدات والتجهيزات ليست وليدة اليوم بل إن وزارة الدفاع منذ نشأتها وهي تعمل على حشد ترسانتها وتطوير قدراتها العسكرية تأهباً لأي حرب وتصدياً لأي هجوم وهذا هو ديدن الدول جمعاء. لكن الخلط حصل نتيجة تزامن الحرب مع انخفاض أسعار البترول التي تعول عليه المملكة بنسبة 90 %، فالإجراءات المتخذة هي لتقليص الاعتماد على النفط حتى يصل لنسبة 30 % وأما تكاليف الحرب فكما أسلفت مدفوعة مقدماً. من جهة أخرى كان لرجال الأعمال في حرب الخليج وفي الأزمات الماضية دور بارز وجهد يشكرون عليه، في هذه الأوضاع ما يأمله المواطن منهم هو عدم استغلال الأوضاع والمواطن لزيادة الأرباح من خلال زيادة قيمة إيجار السكن أو المواد الغذائية في مناطق الحد الجنوبي ونحوها التي هي في الواقع نذير فجوة من الأزمات المستقبلية بين طبقات المجتمع، تتحمل تبعاتها الدولة مستقبلاً. إن ما يجب علينا أن نعيه أننا نواجه تحديات خارجية سواء من أعدائنا أو ممن يسمون بحلفائنا، فإذا لم تكن الجبهة الداخلية متحدة ومصطفة نحو هدف واحد وقيادة واحدة فلن نتمكن من مواجهة العداء الخارجي الذي يتربص بنا من كل حدب وصوب، وإن لم نشعر بهذا الاستهداف المنظم والمخطط له لإضعاف تماسك المواطنين مع وطنهم فإن الفوضى العارمة ستنخر جسد الأمة من خلال هذا الوطن، وإذا انتشر الداء، علمنا حينها قيمة الوقاية خير من العلاج. من جهة أخرى منع مجلس الشورى إحدى الصحف الدولية من حضور جلسته، ليست مناقضة لمبادئ المجلس التي تنص على الشفافية وحرية الرأي، كما زعمت الصحيفة وإلا لماذا لم تمنع باقي وسائل الإعلام من حضور الجلسة؟!
مشاركة :