تشهد العاصمة اليمنية صنعاء توتراً كبيراً بين ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح الانقلابية من جهة، وقبائل خولان من جهة أخرى، إثر قيام الأولى بعمليات محو سريعة لآثار «جريمة القاعة الكبرى»، وجرفها قبل إجراء أي تحقيقات بشأن معرفة أسباب الانفجارات التي شهدتها، وأدت إلى مقتل وإصابة أكثر من 700 شخص، في حين تواصلت المعارك والغارات في جبهات عدة، أبرزها في نهم، بينما قصفت الميليشيات تعز وتعزيزات في لحج ومعارك في نهم. وطوقت قبائل خولان مقر الصالة الكبرى في منطقة الخمسين جنوب العاصمة، والتي حاولت الميليشيات محو آثار الجريمة النكراء التي شهدتها السبت الماضي، من خلال التوجيه بجرف مخلفات القاعة، قبل وصول أي من لجان التحقيق إلى المنطقة، لمعرفة أسباب الانفجارات التي أدت إلى مقتل وإصابة أكثر من 700 شخص، بينهم قيادات يمنية بارزة. وذكرت مصادر محلية أن توتراً كبيراً تشهده المناطق الجنوبية للعاصمة، جراء وصول عدد من رجال قبائل خولان، التي استهدفت الانفجارات أبرز شخصياتها الاجتماعية من «آل الرويشان»، ومشايخ من قبائل المنطقة وقبائل يمنية عدة، في الصالة الكبرى، إلى المنطقة وتطويقها محيط الصالة الواقعة بالقرب من معسكر النهدين، المطل على دار الرئاسة، ومنعها الميليشيات التي حاولت طمس آثار الجريمة عبر جرافات، أمر بها رئيس النيابة الموالي للميليشيات خالد الماوري. وأثارت قضية جرف مخلفات الجريمة من قبل الميليشيات اهتمامات الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، بقيام الميليشيات بجرف مخلفات التفجير، قبل وصول لجنة التحقيق الدولية، التي وعدت قوات التحالف بإرسالها للتحقيق في الحادثة. وكانت قبائل «آل الرويشان» وصفت، في بيان لها، جريمة القاعة الكبرى بـ«المؤامرة الدنيئة» التي حيكت وأبرمت فيهم، وقالت: «لا ندين ولا ننفي مشاركة أي طرف بهذه المؤامرة، حتى تظهر نتائج التحقيق الذي ستقوم به الأمم المتحدة قريباً»، ودعا البيان قبائل «خولان الطيال» إلى ضبط النفس والتروي، وتفويت الفرصة على من لا خير فيهم لليمن ولا لأهلها من أي طرف كان. وبات عدد من الجهات اليمنية لديها يقين مطلق أن الجريمة التي ارتكبت في صنعاء تسببت فيها الميليشيات، التي تعيش وضعاً منهاراً من جميع النواحي العسكرية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية والأخلاقية، وتريد النجاة عبر ارتكاب الجرائم الإنسانية، لكسب تعاطف الرأي العام المحلي والعالمي، وتوقعت تلك الجهات أن ترتكب الميليشيات مزيداً من الجرائم الإنسانية في المدينة والمدن الخاضعة لسيطرتها، خلال الأيام القليلة المقبلة، مشيرة إلى أن مدارس الأطفال في المدينة باتت في خطر، وتحت مرمى صواريخ ومتفجرات الميليشيات، محذرة من اتخاذ مثل تلك خطوات من قبل الميليشيات، ومحاولة إلصاقها بالتحالف العربي. كما حذرت مصادر محلية عدة، في صنعاء، الميليشيات من استخدام سلطاتهم في المراكز والمستشفيات التي تسيطر عليها، لتصفية القيادات العسكرية والسياسية والاجتماعية، التي أصيبت في حادث القاعدة الكبرى، كما حدث مع اللواء الجائفي، قائد قوات الاحتياط (الحرس الجمهوري سابقاً)، والذي نقل بعد إصابته إلى أحد المستشفيات، ولقي مصرعه على أيدي الميليشيات فيها. ميدانياً، تواصلت المعارك الطاحنة في جبهات نهم شمال صنعاء، في ظل تقدم قوات الشرعية عبر محور «جبل الكولة»، باتجاه مناطق جديدة على مشارف مديرية أرحب من الجهة الغربية لنهم، فيما تواصلت العمليات العسكرية على جبهات الميسرة والقلب، باتجاه بني حشيش ونقيل ابن غيلان. وذكرت مصادر ميدانية في نهم أن المعارك باتت تتخذ طابع الحسم والتقدم المعزز بالإجراءات الأمنية، وفرق إزالة الألغام للمناطق المحررة، والتمركز فيها واتخاذها منطلقاً لعمليات أخرى نحو الأمام، مشيرة إلى أن الوقت بات مهماً في حسم المعركة وتحرير العاصمة، التي تشهد انهياراً في الجوانب الحياتية والمعيشية لسكانها، الذين يعيشون حالة غليان وغضب ضد الميليشيات التي باتت تحاصرهم في كل وقتهم. في الأثناء، واصلت مقاتلات التحالف شن غاراتها النوعية على معسكرات الميليشيات في صنعاء ومحيطها، مستهدفة تجمعاً لهم في مقر البحث الجنائي لمنطقة جدر شمال العاصمة، والكلية الحربية في منطقة الروضة وقاعدة الديلمي الجوية، ومعسكرات النهدين وفج عطان جنوب المدينة، كما قصفت معسكرات براش وجبل السود جنوب شرق المدينة. وفي تعز، أقدمت ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح الانقلابية على قصف المدينة بشكل عشوائي، مستخدمة جميع أنواع الأسلحة، فيما وصف بحالة من الهستيرية أصابته عقب كلمة زعيم الميليشيات عبدالملك الحوثي والمخلوع صالح اللذين دعوا فيهما أنصارهما إلى التوجه إلى جبهات القتال، وترجم ذلك في جبهات تعز وعلى رؤوس المدنيين الأبرياء. وذكرت مصادر في المقاومة أن القصف الذي شنته الميليشيات على أحياء المدينة لم تشهده من قبل، خصوصاً أن الانفجارات كانت شديدة جداً في وسط المدينة، فيما تحدثت عن سقوط ضحايا ومصابين في أوساط المدنيين. من جانبه، قال رئيس العمليات العسكرية للجيش والمقاومة في تعز، العقيد عبدالعزيز المجيدي، لـ«الإمارات اليوم»، إن الميليشيات في قصفها أحياء تعز وقبلها القاعة الكبرى في صنعاء والسفينة الإنسانية الاماراتية، تريد بذلك خلط الأوراق في ظل انهيارها التام في الجبهات وعلى المستوى الاقتصادي، عقب نقل البنك المركزي إلى عدن، مشيراً إلى أنها تعيش حالة من التخبط والموت السريري، وتريد أن تنعش نفسها وعناصرها عبر تلك الأعمال الإجرامية.
مشاركة :