الشراكة عبر الباسيفيكي تنذر بنهاية أمريكا

  • 10/13/2016
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

جميل أندرليني عندما تدون نهاية تاريخ أمريكا كقوة عظمى، فإن اتفاقية الشراكة الاقتصادية عبر الباسيفيكي لن تستحق أن يُفرد لها باب بأكمله، ولكنها ستحظى بأكثر من حاشية بالتأكيد، فهذه الاتفاقية التجارية التي تضم 12 بلداً في الباسيفيكي بعدد سكانها البالغ حوالي 800 مليون نسمة مجتمعة، والأكبر من السوق الأوروبية الموحدة بثلاثة أرباع، والتي تعادل 40% من حجم التجارة العالمية، أصبحت اختباراً للدور القيادي الأمريكي في آسيا والعالم. من المؤسف أن يتنافس المرشحان الرئاسيان حول من منهما الأكثر رفضاً لهذه الاتفاقية، كما أن الرئيس باراك أوباما غير قادر على دفع أي شئ من خلال الكونغرس، ولذلك فإن فرص المصادقة عليها من قبل الولايات المتحدة بدأت تتلاشي سريعاً، وفي حال لم تتم المصادقة عليها، فإن هذا الفشل للسياسة الأمريكية الداخلية سيسمع دويه في آسيا في الوقت الذي تبحث فيه الصين بشكل محموم لبديل للولايات المتحدة كمهيمنة على المنطقة. وبرغم أن الصين من ضمن الدول الباسيفيكية وأكبر دولة صاحبة بضائع تجارية، إلا أن إبعادها عن الاتفاقية كان واضحاً بشدة، حيث تنتظر بكين فشل الاتفاقية كمناسبة سارة، على إنها تمثل أحدث مثال لمخاطر الديمقراطية الشعبية - والبريكست مثال آخر لذلك - مما يبرهن على أن الدولة يجب عليها ألا تترك مسائل المصلحة الوطنية في أيدي الجماهير غير الراغبة والمثقفة، فليس هناك شك بأن المسؤولين الصينيين يتساءلون عن أي نوع من القوى العظمى هذه التي تسمح لأقلية من الناخبين بإلحاق الضرر بمصالح شعب بأكمله بهذه الطريقة الفجة. كان الخطاب المزدوج من قبل إدارة الرئيس أوباما يمثل جزءاً من هذه المشكلة، ففي الوقت الذي وصفت فيه الاتفاقية رسميا بكل الأقطار ما عدا الصين، وبالنيتو الاقتصادي، فإن الولايات المتحدة كانت تتلوى ألماً لنكران تلك التصريحات علناً وأنها ليست لها علاقة باحتواء بكين، مما دفع الإدارة الأمريكية لمحاولة بيع الاتفاقية كأي صفقة أخرى، في الوقت الذي تشكك الكثير في هكذا صفقات. لقد كان أوباما أقرب للإفصاح عن الحكمة من وراء الاتفاقية في شهر يناير كانون الثاني 2015، حين قال: إن الصين ترغب في وضع قوانين اللعبة للمنطقة الأسرع نمواً في العالم، وهذا قد يضع عمالنا وأعمالنا التجارية على المحك، فلماذا نسمح بحدوث ذلك؟ فنحن من يجب وضع قواعد اللعبة. وكذلك أفصح آشتون كارتر، وزير الدفاع الأمريكي في شهر إبريل نيسان العام الماضي، عن المزيد حين قال: إن العبور بدول اتفاقية الشراكة عبر الباسيفيكي مهم بالنسبة لي كمنطقة لحاملة طائرات أخرى، فكلا هذين التصريحين صحيح، برغم أن وزير الدفاع بالغ في تقدير قيمة حاملة طائراته، وفي حال الفشل في تبني الاتفاقية، فإن الولايات المتحدة سوف تتنازل عن حقها في وضع الشروط الاقتصادية والتجارية في هذه المنطقة الأسرع نمواً في العالم. أما من وجهة نظر دبلوماسي ياباني كبير، فإن فشل الاتفاقية سيمنح بكين فرصة ذهبية لإقامة نظام تجاري في آسيا بقيادة الصين. فحتى اليابان التي تعتبر الصعود الشرس للصين مهددها الأول، بدأت تفكر في الانضمام إلى الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة التي تفضلها الصين في حال فشل الولايات المتحدة المصادقة عليها، تغطي الشراكة الصينية 10 بلدان لرابطة جنوب شرق آسيا، إضافة لاستراليا و نيوزيلندا والصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية. فتلك الاتفاقية الإقليمية لن تقصي الولايات المتحدة فحسب، بل ستضم أسواء حُراس الملكية الفكرية، وحرية الإنترنت، وحقوق العمال، والحياة البرية والبيئة، فهذه المجالات من منظور الشركات الأمريكية الكبرى، معايير ذهب كما وصفتها هيلاري كلينتون لما كانت تعمل ضمن فريق إدارة الرئيس أوباما.

مشاركة :