غياب الأعمال الأدبية عن الدراما الجزائرية يزيد من قوقعتها بقلم: صابر بليدي

  • 10/13/2016
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

غياب الأعمال الأدبية عن الدراما الجزائرية يزيد من قوقعتها باستثناء البعض من التجارب المحدودة التي وظفت فيها الدراما الجزائرية النص الأدبي المحلي، على غرار مسلسل الحريق للمخرج الراحل مصطفى بديع، عن رواية للأديب والروائي الفرانكفوني الجزائري محمد ديب، فإن شركات الإنتاج الجزائرية، مازالت تعزف عن توظيف المنتوج الأدبي المحلي، رغم وفرة النصوص والروايات التي لامست سقف العالمية، منذ خمسينات القرن الماضي. العربصابر بليدي [نُشرفي2016/10/13، العدد: 10423، ص(16)] دراما فاقدة للنص الراقي مازالت إشكاليات اللغة والنص، أحد تجليات أزمة الدراما الجزائرية، والأعمال المنجزة لا يتعدى جمهورها جزءا من المشاهد الجزائري، لتبقى معها طموحات التسويق خارج الحدود رهينة تحديات ومعوقات يأتي على رأسها التوزيع واللغة الدرامية، اللذين مازالا بعيدين عن استيعاب حتى جزء من الجمهور الجزائري. ويبقى تقاذف المسؤوليات حول تبرير المشهد الباهت للدراما الجزائرية قائما، بين عزوف المنتجين عن النص المحلي والاكتفاء بلغة وخطاب ظرفيين، وبين مخرجين يتمسكون بندرة النص الدرامي والكتاب المختصين رغم ما تعج به الساحة الجزائرية من أسماء أدبية وروائية كبيرة على مر الأجيال، ومنها ما تحول إلى أعمال في الشاشات العربية، كما هو الشأن بالنسبة إلى رواية “ذاكرة الجسد” للروائية أحلام مستغانمي. ويرى المؤلف والإعلامي مراد أوزناجي، أن أحد أهم عوامل تدهور الدراما الجزائرية هو غياب أو تغييب النص الأدبي المحلي، فثراء الساحة الأدبية والروائية الجزائرية بأعمال وأسماء كبيرة، لم يوظف لحد الآن دراميا، ومن غير المعقول في بلد أنجب مولود معمري، كاتب ياسين، طاهر وطار، أحلام مستغانمي، وفضيلة الفاروق، ألا ينتج مسلسلات تسوق في مختلف الشاشات العربية؟، يضاف إلى ذلك أن الإبداع المحقق في الساحة الأدبية لم يترجم إلى إبداع درامي، الأمر الذي أفضى إلى بروز أعمال تغلب عليها المحلية والرتابة واللغة الرديئة، فكل المسلسلات المنتجة تتشابه وتستنسخ من بعضها البعض. مراد أوزناجي: الدراما الجزائرية مازالت ساحة عذراء ويبقى "الحريق" الاستثناء ويضيف أوزناجي أنه “من خلال كتاب ‘الثورة التحريرية في السينما الجزائرية’، الذي أصدرته مؤخرا، توصلت إلى قناعة بأن الدراما الجزائرية مازالت ساحة عذراء وأن رصيد السينما التاريخية الجزائرية لا تقابله دراما تاريخية بنفس الوهج، رغم وفرة النصوص والمراجع، ويبقى مسلسل ‘الحريق’ للمخرج مصطفى بديع عن رواية للروائي محمد ديب، نموذجا لافتا لتزاوج النص الأدبي المحلي مع العمل الدرامي، وتقديم صورة ناجحة ومقنعة تفتح الأبواب أمام تنافسية الدراما الجزائرية مع شقيقاتها في العالم العربي”. ويعد كتاب “الثورة التحريرية في السينما الجزائرية”، دراسة تحليلية توثيقية لـ56 بطاقة فنية لأفلام سينمائية ثورية وروائية جزائرية خلال الفترة الممتدة ما بين 1957 و2012، وهو كتاب حمل في طياته أربعة فصول تطرق فيها إلى عدة مواضيع تعنى بالسينما الجزائرية وتطورها منذ فترة الاستعمار إلى اليوم، حيث بدأت بدخول السينما إلى الجزائر، والسينما المناضلة، والسينما في خدمة الاحتلال، كما تطرق إلى السينما الثورية الجزائرية، وصولا إلى سينما بعد الاستقلال. وترى دراسة نشرها موقع “نفحة” الأدبي، أن “النص الدرامي بوصفه مرجع الاقتباس والتنفيذ للعمل ومصدر الإلهام الإبداعي على مستوى الإخراج والتمثيل وباقي العمليات الفنية، يعد الخاصرة الرخوة في الدراما الجزائرية، فبسبب العزوف المستمر عن الاستثمار في المنتوج الأدبي المبدع والاكتفاء بمواضيع ولغة تتشابه مع بعضها البعض، فقد عجزت الدراما الجزائرية عن تحقيق الاندفاعية المنشودة للخروج من روتينها الرتيب”. وأضافت الدراسة “هذا الوضع أفضى إلى فشلها في إقناع المشاهد الجزائري بأنها حققت صناعة ثابتة تمتلك ثقته وانبهاره، ولم تستطع تجاوز حدودها حتى بأعمالها الناجحة كقوة ناعمة تُساهم في تقديم المساهمة في الفعل الثّقافي داخل المحيط العربي والمتوسطي”. وتعتبر الدراسة أن “مشاكل الدراما الجزائرية تبدأ من النص والاستغناء عن المنتوج الأدبي الجاهز، الذي لا يغفل عن التنبيه للغة غير المهذبة لسانيا، حتى تناسب كل الجزائريين أولا، وتسهيل تداولها وفهمها من المحيط اللغوي الذي تنتمي إليه في النصوص العادية، وكاتب النص مطالب بالحرص على لغة تناسب اللسان الجزائري والعربي الدارج، خصوصا عندما تكون هناك خيارات لغوية كتهذيبه للكلمات الفرنسية والمترجمة عن الفرنسية، ومن الكلمات شديدة المحلية التي لا يفهمها الجزائري في منطقة أخرى، وتصبح في خانة المستحيل بالنسبة إلى المحيط المغاربي والعربي”. وشددت الدراسة في الأخير على ضرورة الاعتماد على النصوص الأدبية الراقية والأسماء الكبيرة في التأليف لأن عنوان الرواية واسم الكاتب هما المنصة الأولى لانطلاق العمل الدرامي نحو الجمهور والمهتمين والنقاد، وما كان لمسلسلات كـ”ريح الجنوب”، و”الحريق”، و”الأفيون والعصا”، أن تنجح وتلقى الإشادة والتنويه لولا اقتباسها من روايات لأدباء جزائريين كبار كمولود معمري وعبدالحميد بن هدوقة ومحمد ديب. :: اقرأ أيضاً جائزة نوبل للأدب 2016: من يحفر اسمه في قائمة الكبار قلب العقرب سيرة شاعر يستلهم التراث الشعري العربي كتاب يطرح قضية الاختيار المنهجي في قراءة النص الحديث المسلسلات الممصرة تسحب البساط من دراما السير الذاتية

مشاركة :