تهتم أي حكومة بالحفاظ على الطبقة الوسطى، فهي المقياس الحقيقي لقوة الاقتصاد والمجتمع المدني في بلادها، ومن المستحيل بشرياً أن يتكون المجتمع، أي مجتمع، من أصحاب الملايين والمليارات فقط، فمثلهم قلة في أي مجتمع، وعلى ذلك تعمد الحكومة، أو هكذا ينبغي، إلى العناية بالطبقة الوسطي ودعمها بالمشاريع التي تعود على الطرفين بالفائدة، وتحاول تقليص أرقام الفقراء. وهنا يكمن الفرق بين دولة وأخرى، أو بالأحرى بين حكومة وأخرى، وهو ما تسحبه التغييرات التي تعصف بالعالم على الكويت، فبلادنا ليست جزيرة معزولة بل دولة منفتحة ذات مؤسسات تتأثر بالمحيط والعالم، لكن الخلل هو يكمن في بعض الأفراد داخل السلطة التنفيذية، أما السلطة التشريعية فهي خيار الشعب وهو المسؤول عن خياراته، التي بات غالباً عليها، منذ أواخر الثمانينيات، بروز عاملي الطائفية والقبلية في سياسة رجعية متخلفة لتشكيل تحالفات قامت بها الحكومات المتعاقبة بتكتيك بدائي مازلنا نجني كوارثه حتى الآن، فضلاً عن الفترة الذهبية أو الفرصة التي لن تعود، وأقصد بعد التحرير من الغزو العراقي لدولة الكويت. ولكن لكي نتفاءل بالمستقبل لابد من العمل على تغيير الواقع المتردي، وهذا سهل جداً، بشرط الإرادة والفعالية في اتخاذ القرار والتنفيذ والمتابعة والمحاسبة وإبعاد ثقافة المحاصصة المتخلفة، مع وضع المواطن المناسب في المكان المناسب، وهنا يبدأ التصحيح لمشاكل متراكمة سببتها بيروقراطية القرار وثقافة "خطابكم وخطابنا"، كما أن علينا تسهيل وتسريع الدورة المكتبية، بل وإلغاء أغلبها، بعدما أضحت عبئاً ثقيلاً ومدخلاً كبيراً للفساد الإداري.
مشاركة :