عدّ فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور سعود بن إبراهيم الشريم الأسرة المسلمة ركناً رئيسياً من أركان المجتمع المسلم المتكامل، التي لها الأثر البالغ في المجتمع قلَّ أو كثر، مشيراً إلى أن الإسلام أكد على أهمية الأسرة ومدى تأثيرها البالغ على المجتمع المسلم إيجاباً أو سلباً، كيف لا والأسرة هي أساس النشأ والتكاثر. وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها امس إن العنف الأسري من أعظم ما يهدد كيان الأسرة المسلمة، وهو شر كله والرفق خير كله وما كان العنف في شيء إلا شانه و ما نزع من شيء إلا زانه، وإن كان الرفق في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه، العنف داء لا خير فيه وهو قبيح يعظم قبحه وضرره حينما يطال ذوي القربى فإن العنف ظلم ووقعه على ذوي القربى أشد مضاضة على النفس من وقع الحسام المهند. وأكد الشيخ الشريم أن العنف سلوك مشين متعمد يلحق الضرر جسدياً أو مالياً أو نفسياً وهو يصل في بعض المجتمعات شبه ظاهرة لتكاثر وقوعها وفداحة مغباتها، ولكن ما من داء إلا وله دواء علمه من علمه وجهله من جهله، وإن ديننا الحنيف لم يدع لنا خيراً إلا دلنا عليه ربنا في كتابه العزيز، فقد قال الله سبحانه في محكم التنزيل: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ* لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لَأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ*إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاء الظَّالِمِينَ *فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ}. ولفت النظر إلى أن هذه تعد صورة واحدة من العنف الأسري وهي أعلاها خطراً وجرماً لبلوغها درجة إزهاق النفس بغير حق، وما دون ذلك من الصور لا يمكن حصره غير أن من أهمه الضرب المبرح أو التهديد بالطلاق أو الحرمان من النفقة أو الظلم في العطية بين الأولاد أو بين الزوجات ونحو ذلك. وأشار إمام وخطيب المسجد الحرام إلى ما ينتج عن العنف من جرائم ووقوع في المسكرات والمخدرات هروباً من ذلكم الواقع المؤلم، وقد يتعدى الأمر إلى أبعد من ذلكم ليصل درجة الانتحار من قبَل المعنف نفسه، ولربما تشربت الأسرة خلق العنف من ممارسة الوالدين لهما ليكرر الطفل ذلكم حينما يكبر فتصبح وراثة خلقية أو أن يصاب الأولاد بالقلق والاضطراب النفسي خوفاً من المستقبل فيكرهون الزواج ويكرهون الأسرة فينقلبون عبئاً ثقيلاً على المجتمع أمنياً واجتماعياً واقتصادياً وتربوياً. وحث الشيخ سعود الشريم المؤسسات التعليمية والإعلامية والاجتماعية العام منها والخاص على العناية بتلكم المضلة أيما عناية وذلك بالتوعية الفكرية المنضبطة وتحصيل سبل استقرار الأسرة في المجتمع.
مشاركة :