البلاد – صالحة الوهاس جاء إعلان وزارة العمل والشؤون الاجتماعية بأن مركز بلاغات العنف الأسري (1919) تعامل مع 11 ألف حالة عنف أسري عام 2016 , بمعدل30 حالة يومياً , وإعلان برنامج الأمان الأسري الوطني، تلقى 4 ملايين مكالمة للشكوى من حالات عنف أسري في عام واحد (60% منها لأطفال تعرضوا للإيذاء)، ليفتحا ملف الظاهرة التي استفحلت مؤخراً، خاصة مع تداول العديد من مقاطع الفيديو لبعض حالات العنف الأسري الصادمة على شبكات التواصل الاجتماعي ، تفاعل معها مستخدمي “السوشيل ميديا” ، واستنكروها تماما ، وتعاطفوا مع المعنفين ، مطالبين بدراسة الظاهرة وسبل مواجهتها ، وبعقوبات صارمة لكل معنف للحد من تنامي الظاهرة ، بينما حذرت هيئة كبار العلماء من ممارسات العنف الأسري بجميع أشكاله مؤكدة أنها محرمة شرعا وتتنافى مع تعاليم الإسلام السمحة. • “البلاد ” توجهت إلى بعض المهتمين بالقضية، للنقاش حول أسباب تنامي حالات العنف الأسري في مجتمعنا ، والآثار المترتبة عليها ، ووسائل العلاج والمواجهة، واتفق المختصون على خطورة الظاهرة ، خاصة و75% من إصابات النساء بسبب العنف الأسري ، وحذروا من الآثار الوخيمة المتخلفة عنها مثل؛ التفكك الأسري والأمراض النفسية والسلوك الإجرامي ، مما يضعف البناء القيمي والأخلاقي للمجتمع ، وطالبوا بالتوعية والتأهيل كوسائل للوقاية والعلاج. • عنف جسدي ونفسي ولفظي الأخصائي الاجتماعي والباحث في شؤون الأسرة والمجتمع أحمد أبو شامة ، يقول أن أنواع العنف الأسري تتنوع بين عنف جسدي ونفسي ولفظي, ولهذه الأنواع أشكال وصور متعددة منها ؛ الضرب بكل أشكاله والحبس في المنزل والتهديد والإهمال , وأي نوع من أنواع الاستغلال , وكذلك الألفاظ المسيئة والإهانة والتحقير . • تهديد كيان الأسرة والمجتمع ونبه أبو شامة إلى الآثار الجسيمة التي يسببها العنف بحق من تعرض له فقد يؤدي إلى نشوء عقد نفسية , وربما تتطور إلى حالات مرضية وسلوكيات عدائية أو إجرامية , كما يزيد من نسبة اعتماد الشخص المتعرض للعنف نفس نهج العنف والإيذاء الذي مورس عليه في سلوكه مع الآخرين , وحذر أبو شامة من الآثار التي ستلحق بالأسرة والمجتمع المترتبة على ممارسة العنف الأسري وأبرزها؛ التفكك الأسري وانعدام الثقة بين أفراد الأسرة وتلاشي الإحساس بالأمان وربما يصل الأمر إلى تلاشي الأسرة, أما بالنسبة للمجتمع فنظراً لكون الأسرة نواة المجتمع ، فإن أي تهديد سيوجه نحوها – من خلال العنف الأسري – سيقود بالنهاية إلى تهديد كيان المجتمع بأسره . • الأسباب .. وغياب الإحصاءات نوال الهوساوي معالجة نفسية ومستشارة أسرية وعضو في العديد من المنظمات المناهضة للعنف الأسري ، تشير إلى صعوبة تحديد أسباب العنف الأسري ؛ لغياب الإحصاءات الدقيقة ومراكز الأبحاث والدراسات المستقلة المعنية بتقصي الأسباب المؤدية لتفشي العنف الأسري ولكن بصفة عامة تلعب الضغوط الاقتصادية دوراً مهما في ذلك بسبب الأعباء التي يخلقها الفقر والبطالة والديون التي تؤدي إلى التفكك الأسري والأمراض النفسية مثل ؛ القلق والتوتر والاكتئاب والأرق الذي يجعل الفرد غير قادرعلى التعامل مع الخلافات الأسرية بعقلانية وحكمة فيلجأ للعنف للتنفيس عن الغضب والكبت والاحتقان المتراكم داخله؛ لتعويض الشعور بالنقص وقلة الحيلة وللتغلب على الضعف والهزيمة والانكسار , وهي أساليب مرضية لمواجهة تحديات الحياة . • 75% من إصابات النساء بسبب العنف وتنوه الهوساوي إلى أنه بحسب الإحصاءات المتوفرة يعد العنف الأسري السبب الرئيسي لإصابات النساء , وتتجاوز محصلة إصابات النساء نتيجة العنف الأسري مجموع إصابات النساء في حوادث السيارات وإصابات العمل والإصابات العرضية وحوادث التحرش والاغتصاب , وإن 3 من كل 4 نساء عولجن بالطوارئ بسبب العنف , ويوميا تفقد العديد من النساء حياتهن نتيجة العنف الأسري . • العلاج .. بالتوعية والتأهيل وترى الهوساوي أن من أهم الحلول لمواجهة الظاهرة ؛ الوقاية عبر تكثيف التوعية بمخاطر الضغوط النفسية الناتجة عن التعرض للعنف ، والتي يتساهل بها الكثير من الناس وحثهم على طلب المساعدة ، كما لابد من جعل العلاج النفسي ميسرا للجميع والمساندة للمعنف عن طريق جلسات الإرشاد النفسي , كذلك ينبغي أن تدمج برامج حماية الطفل والمرأة من العنف ببرامج تأهيل الضحية ومن يمارس العنف ؛ لأن التأهيل سيحد من التفكك الأسري ويعيد فرد من الأسرة إلى الطريق الصحيح , ومن المفترض أن برامج الحماية لا تكون مبنية على عقاب الجاني ففط ، فذلك أمر قانوني له جهات مختصة ، لكن عليها ايضا احتواء الجاني وتأهيله عبر العلاج المناسب كي يتعلم كيفية التعامل مع الخلافات الأسرية والضغوط النفسية بحكمة وصبر وإيجابية . • السكينة والسلام الداخلي وتضيف الهوساوي : نحن في مركز ( القلب السليم للإرشاد والتدريب ) قدمنا الدعم النفسي للمعنفات مجانا، ونحث كل من تواجه العنف التواصل معنا والانضمام لجلسات الإرشاد النفسي ، كما ندعو كل من يمارس العنف للاستفادة من برنامجنا (سكينة )، الهادف إلى تعليم المستفيد طرق تحقيق السكينة والسلام الداخلي بشكل ينعكس على تعامله مع الآخرين ،فيستبدل العنف بالرفق والغضب بالسكينة والفشل بالنجاح. • إعادة بناء شخصية المعنف وتقول عبير باكدم الاستشارية النفسية الأسرية والمدير التنفيذي لمركز ( احتواء ) للاستشارات الأسرية بجدة ، أنه لا يمكن تجاهل الأضرار الناتجة عن العنف الأسري التي تؤثر بشكل كبير جدا على الطفل ، خاصة وأنه في مرحلة تكوين الشخصية مما يساهم في تحوله من شخص سوي إلى غير سوي ؛ لذا يجب مساعدة الطفل المعنف والأخذ بيده عن طريق إبعاده عن الشخص المعنف قدر الإمكان وإخضاعه لجلسات علاج نفسي سلوكي مكثف حتى يتم السيطرة على المشكلة وآثارها بشكل صحيح , لأن العنف من أقوى مدمرات الشخصية لذا يتطلب من المعالج مساعدة الطفل على إعادة بناء شخصيته من جديد، واستثمار نقاط القوة لدى الطفل, ولابد من التوضيح أن الذين يعنفون الأطفال سواء كان أحد الوالدين أو كلاهما أو أي شخص آخر ، هم غالبا أشخاص معنفين ومهمشين في الصغر , ويعتقدون إن استخدام القوة والعنف مع الأطفال أحد أساليب التربية الصحيحة ، حسب ما تلقوه في بيئتهم . • وسائل لنجدة المعنفين يشار إلى أن هناك مساران لبلاغات العنف الأسري تابعين لوزارة العمل والتنمية الاجتماعية , يتواصل خلالهما المعنفين مع الوزارة، وتتلقى اتصالاتهم على مدار 24 ساعة يوميا، على الهاتف المجاني ( 1919 ) لحماية المرأة والطفل والفئات المستضعفة , ويتم التعامل في المسار الأول مع الحالات التي تقدم بلاغات ولايتم إيواؤها متيحين المجال أمامها لتقديم البلاغ الرسمي على مركز تلقي البلاغات , والمسار الثاني خاص بالحالات التي تقدم بلاغات ويتم إيواؤها حيث يقدم لها الإيواء المؤقت حسب ما نصت عليه الأنظمة واللوائح وإعداد الدراسات الاجتماعية بخصوصها , وتأمين الإعاشة والكسوة وأدوات العناية الشخصية , وإحالة ملف الحالة إلى إحدى الأخصائيات للمتابعة . كما توجد وحدات للحماية الاجتماعية تنتشر في كافة مناطق المملكة , وأيضاً خط مساندة الطفل ، التابع لبرنامج الأمان الأسري الوطني ، ويتلقى البلاغات عن العنف الأسري على الرقم ( 116111 ) , ويعمل يومياً من 8 صباحاً وحتى 11 مساءً .
مشاركة :