يقول القائد الشهير نابليون: إني أرهب صرير الأقلام أكثر من دوي المدافع. ويقول أيضاً أخشى ثلاث جرائد أكثر من خشيتي لمئة ألف حربة. إن رهبة الدراسة والمدرسة لا تقتصر على الأطفال والمتعلمين، بل تعدى ذلك إلى عموم البشر حتى العظماء منهم. فهل انتقلت عدوى هذه الرهبة حتى وصلتنا وأصبحت بداية العام الدراسي من اللحظات الحاسمة والمهمة في حياتنا وحياة أبنائنا؟ ولماذا تبدو الحسرة على وجوه أطفالنا كلما اقتربت نهاية العطلة واقتربت بداية العام الدراسي الجديد؟ وهل يحتاج ذلك منا تهيئة واستعداداً لاستقبال هذا الزائر الثقيل على نفوسنا ونفوس أبنائنا؟ وما هي الاستعدادات والتحضيرات التي يجب أن نتسلح بها وأبناؤنا ليكون العام الدراسي طبيعياً، ويدخل السرور على قلوب أطفالنا بدلاً من الخوف والنكد الذي يمكن أن ينتابهم؟ لاشك أن التهيئة النفسية لأطفالنا عند استقبال العام الدراسي الجديد ضرورية، لكنها ضرورية أكثر للمعلمين وأولياء الأمور, لأن تصرفاتهم وسلوكياتهم ستنعكس سلباً أو إيجاباً على الأبناء خصوصا الأطفال الصغار. والإعداد للأبناء يعتمد على فئاتهم العمرية، ولكنهم يشتركون جميعاً في ضرورة تنظيم الوقت لينالوا القسط الكافي من الراحة قبل بداية يومهم الدراسي، وأن يتم ذلك دون أن نظهر لهم انزعاجنا وتململنا من هذا الأمر، حتى لا ينعكس ذلك على نفسياتهم، وأنهم قادمون على فترة زمنية شاقة ومتعبة. ومن ناحية أخرى قد تكون تهيئة الأبناء المنتقلين إلى صفوف أعلى في ذات المرحلة الدراسية، بسيطة وأقل تعقيداً بسبب خبراتهم الدراسية السابقة، حيث يكفي أن نذكرهم بأيام الدراسة الجميلة، وبأصدقائهم والدروس ذات المتعة التي تناسب هواياتهم وميولهم. وتجدر الإشارة هنا إلى أهمية دروس التربية البدنية والفنية والموسيقية في المناهج الدراسية لما لها من تأثير إيجابي على الطلبة، ولأنها تجمع بين المتعة والفائدة، وضرورة أن تدرس جميع المواد الدراسية بطريقة تحبب وترغب الأبناء في تعلمها. أما الأبناء الذين سينتقلون إلى مرحلة دراسية متقدمة كالانتقال من مرحلة رياض الأطفال إلى الابتدائية أو من المرحلة الابتدائية إلى المتوسطة أو من المرحلة المتوسطة إلى الثانوية، فيجب أن نأخذ بالحسبان تطورهم وما يرافقه من نمو عقلي وجسمي، بحيث نوضح لهم ونشجعهم كي يكونوا أكثر تحملاً للمسؤولية ونشعرهم بالوقت ذاته وبشكل محبب أنهم أصبحوا أكثر نضجاً وفاعلية في حياة الأسرة والمجتمع، وذلك التشجيع سيوفر لهم المزيد من الثقة بأنفسهم. أما التهيئة التي يجب أن تكون أكثر حرصاً ودراية، فهي لأبنائنا الذين سيبدأون الدراسة لأول مرة، سواء في رياض الأطفال أو المرحلة الابتدائية، وضرورة أن نزيل رهبة المدرسة من نفوس أطفالنا , ويكون ذلك بعدة طرق منها. تجنب الحديث عن المدرسة والمعلمين بطريقة سلبية أمام الأبناء، وكذلك عدم إدخال الرهبة في نفوسهم أثناء مناقشة إخوانهم الأكبر سناً بطريقة سلبية عن المشاكل الدراسية، بل يجب إظهار السعادة والسرور بقدوم العام الدراسي الجديد. ومما يزيد من فرحة الأبناء اصطحابهم وتركهم ليختاروا أدواتهم وقرطاسياتهم المدرسية حسب أذواقهم، وذكر عبارات التشجيع والمفاجآت الجميلة التي تنتظرهم في المدرسة. وبالمقابل على الإدارة المدرسية أن تأخذ بعين الاعتبار اختيار المعلمين المتميزين لاستقبال هؤلاء الأطفال, فاليوم الأول سيترك انطباعاً مهماً على نفسية الطفل، وهذا الانطباع قد يكون انطباعاً سلبياً أو إيجابياً ونحن لا نريد إلا الانطباع الإيجابي لأطفالنا . وأخيراً وليس آخراً وبصراحة إن الاستعداد للعام الدراسي الجديد يبدأ من تهيئة المعلمين وأولياء الأمور، لأنهما المسؤولان الأساسيان عن ما سيقدمانه لأبنائهم الطلبة من مساعدة وتسهيلات، وإعطائهم الانطباعات الجيدة عن المدرسة والمعلمين. ومن الضروري أيضاً توفير التعاون والتواصل والتفاهم بين البيت والمدرسة بحيث يكون المعلم أبا وصديقا في المدرسة ويكون ولي الأمر مربياً رؤوفاً في البيت. * مدرب الحياة والتفكير الإيجابي Twitter : t_almutairi Instagram: t_almutairii talmutairi@hotmail.com
مشاركة :