أعلنت هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير (شروق)، ودائرة الثقافة والإعلام في الشارقة، عن إدراج منطقة «قلب الشارقة» ضمن القائمة التمهيدية لمواقع التراث العالمي، التي تشرف عليها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو)، في إنجاز جديد يعكس ثراء التراث الأثري والتاريخي في الإمارات، وتزامناً مع احتفالات الشارقة عاصمة للثقافة الإسلامية للعام 2014. وتقع منطقة قلب الشارقة في الجزء القديم من إمارة الشارقة. ووفقاً لمصادر تاريخية، لعبت هذه المنطقة دوراً بارزاً في تطوير التجارة. وأكد عالم الجغرافيا العربي في القرن الـ11 الإدريسي، وجود ميناء في المكان الذي تقع فيه منطقة قلب الشارقة حالياً، كما تميزت الشارقة تاريخياً بوجود عنصرين أسهما في وجود المستوطنات البشرية في الخليج العربي، الأول أنها تقع في مدخل محمي من البحر يُدعى محلياً الخور، وثانياً وجود المياه العذبة في أعماق ضئيلة نسبياً. وبحسب مصادر تاريخية ترجع إلى عام 1756، كان يوجد ثلاثة مواقع على الساحل بين القطيف في السعودية، وصير رأس الخيمة (العجير)، وقطر والشارقة، وتحوي هذه الأماكن نسبة ضئيلة من السكان، ومنها كان يتم نقل بلح البصرة والأرز إلى عرب الصحراء من غواصي اللؤلؤ، وحتى زمن التجارة القديمة مع الشرق وقدوم عائلة القواسم بأسطولها البحري القوي للإقامة في المنطقة، ولغاية النصف الأول من القرن الـ19 كانت الشارقة الميناء الأهم في الخليج العربي الأدنى. وتم تدمير موقع الشارقة القديمة وميناءها بالكامل من البريطانيين عام 1820، قبل أن يتعافى بوتيرة أسرع من بقية الموانئ في منطقة الإمارات، وأصبحت المنطقة نقطة تواصل حضاري بين التجار القادمين عبر البحر وسكان المنطقة وبقية مدن الإمارات، ما أوجد نشاطاً تجارياً كبيراً في المنطقة، ساعد السكان على إقامة عدد من البيوت السكنية والأسواق والمساجد التي ظلت شاهدة على نمو المدينة وتطورها عبر الزمن. وتعكف هيئة «شروق» حالياً على تطوير منطقة قلب الشارقة، في مشروع هو الأول من نوعه للمناطق التراثية في الشارقة والأكبر والأبرز في المنطقة حتى يومنا هذا، ويعكس الازدهار الذي عاشته الإمارة منذ أكثر من نصف قرن، ويستهدف المشروع تحديداً إعادة ترميم وتجديد المناطق التراثية لتشكيل وجهة سياحية وتجارية متفردة ذات لمسة فنية معاصرة تتناغم مع طابع خمسينيات القرن الـ20. ومن المقرر استكمال إنجاز مشروع قلب الشارقة بالكامل عام 2025، ويجري حالياً العمل بالمرحلة الأولى من المشروع الذي يتألف من خمس مراحل. وقامت «شروق» بتشكيل لجنة مشتركة، تضم ممثلين من هيئات حكومية، لتولي الإشراف على تنفيذ المرحلة الأولى. وسيتم تنفيذ المشروع بالتوافق مع المعايير الدولية للتنمية المستدامة والمبادئ البيئية. وشكّلت رئيسة هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير «شروق» بدور بنت سلطان القاسمي لجنة موقتة لترشيح موقع «قلب الشارقة» في قائمة مواقع التراث العالمي، ويأتي هذا الإدراج تمهيداً للإدراج النهائي ضمن القائمة العالمية التي تتطلب قرابة عامين، تتخللها مجموعة من الزيارات والتقويمات من اللجان المختصة في «يونسكو»، بالتنسيق مع الجهات المشرفة على المنطقة. ويتم ترشيح مواقع التراث العالمي من «يونسكو»، ليتم إدراجها ضمن برنامج مواقع التراث الدولية الذي تديره المنظمة، وهذه المعالم ربما تكون طبيعية، مثل الغابات وسلاسل الجبال، وربما تكون من صنع الإنسان مثل المباني والمدن. وتحظى المواقع التي يتم إدراجها ضمن القائمة برعاية المنظمة الدولية، فتقوم بالإسهام في صيانتها إذا تطلب الأمر ذلك، فضلاً عن الصفة والمكانة الدولية التي تتمتع بها هذه المواقع، إذ تتبناها المنظمة لترميمها وعدم المساس بها. وعبّرت بدور القاسمي عن سعادتها بهذا الإنجاز الذي تحقق قبيل انطلاق الاحتفالات الرسمية باختيار الشارقة عاصمة للثقافة الإسلامية لعام 2014. ونوهت إلى أن «الاعتراف الدولي بالقيمة الاستثنائية العالمية التي تتميز بها منطقة قلب الشارقة يشكل تأكيداً على غنى الموروث الحضاري الإماراتي، ويسهم ذلك في الحفاظ على هذه المنطقة وصونها وترميمها ضمن المعايير الدولية التي حددتها منظمة «يونسكو»، والتعريف بها وتسويقها على المستوى العالمي، ما يعزز مكانة إمارة الشارقة والإمارات على الخريطة السياحية العالمية». وأضافت القاسمي: «تحوي منطقة قلب الشارقة عدداً كبيراً من المواقع التاريخية والأثرية، التي يعكس كل واحد منها قيمة تاريخية عظيمة، كونها شاهدة على التقاء الحضارات الإنسانية في هذه المنطقة، التي لم تشكل نقطة عبور للقوافل التجارية البحرية والبرية فحسب، بل مثلت أيضاً نقطة تواصل بين شعوب وقبائل مختلفة، وسنواصل العمل على إضافة هذه المنطقة التراثية الغنية إلى قائمة مواقع التراث العالمي، لنعرّف العالم على القيم الاستثنائية العظيمة الكامنة في المخزون التاريخي للإمارات».
مشاركة :