اقتصاديات تفقيس بيض الحبارى

  • 3/9/2014
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

اتفاقية الامم المتحدة للتنوع الاحيائي (تختص بحماية جميع انواع النباتات والحيوانات البحرية والبرية - بما فيها الحبارى - من الانقراض بسبب سوء استغلال الإنسان) وهي إحدى ثلاث اتفاقيات، الى جانب اتفاقية تغير المناخ، واتفاقية مكافحة التصحر، وافق عليها العالم بالاجماع في اجتماع قمة الارض في ريودي جانيرو عاصمة البرازيل عام 1992 للمحافظة على الحياة على الأرض. لكل واحدة من هذه الاتفاقيات الثلاث ميزانية مستقلة وسكرتارية دائمة تابعة للأمم المتحدة، وتعقد اجتماعاتها الدورية بالتناوب في شتى دول العالم، وتشارك المملكة في حضور اجتماعاتها واجتماعات ما يتفرع منها من لجان ومؤتمرات بوفود من عدة جهات حكومية، وقد كان لي شرف تمثيل وزارة المالية في هذه الاتفاقيات الثلاث (اضافة الى اجتماعات لجنة التنمية المستدامة) في الزمن الغابر. لذا عندما ناقش مجلس الشورى بيض الحبارى أعاد لذاكرتي ما كان يعرضه انصار البيئة خلال الاجتماعات من صور وأفلام مؤثّرة لما تتعرض له أنواع الحياة الفطرية كالدب القطبي والفيل الأفريقي والطيور ك(الحبارى) وحطب الغابات من الاستغلال الجائر للإنسان. كذلك أعاد لي نقاش بيض الحبارى ذكرى من أحلى ذكرياتي عن أول انتداب لي في بداية حياتي العملية الى جازان، حيث رأيت بعيني كيف تتعرض الطيور(اعتقد السمان) للانقراض. سأقص عليكم قصة طيور غابات جيزان كفاتحة للشهية. ثم أعود لحبارى مجلس الشورى فلعلكم تجدون عذراً لاهتمام المجلس بتفقيس البيض. في بداية السبعينيات كنت حديث عهد بالوظيفة وصدرت التوجيهات بتكوين لجنة من وزارات الداخلية والزراعة والمالية لتقدير خسائر المزارعين من انهيار العقوم (سدود رملية لحجز السيول) فكنت الموظف الوحيد في الميزانية الذي أبدى رغبته (بينما رفض الآخرون) السفر إلى جازان. لحسن حظي ودعاء الوالدة (حمزية بنت احمد الدّابي) كان مندوب وزارة الزراعة الدكتور ناصر عثمان الصالح (لم يكن دكتورا حينذاك) لكن كانت له علاقات وطيدة تربطه بعليّة القوم في جازان من اميرها الى شعرائها ومفكريها كالسنوسي والعقيلي ولذا كنا في معيّته موضع تكريم ليس فقط باستضافتنا في بيوتهم بل تعداها الى مرافقتنا الى أماكن ممتعة لم أكن أتصور وجودها في جازان. منها زيارات لينابيع العيون الساخنة للعلاج، وسوق خميس العارضة حيث الفتيات بزيهن الأنيق من القطيفة السوداء المزينة بأشرطة بيضاء عند الأطراف يببعن عقود الفل والكادي والقبعات الخزفية ومنتجات جبال فيفا كالعسل، وكذلك زيارة لأسواق بيع القات. لكن الشيء الذي لا يمكن أن يمحوه الزمن من الذاكرة هو البرنامج السياحي الذي أعدّه لنا أميرجازان (السديري حينذاك) من ضمن البرنامج رحلة الى جزيرة فرسان ولكن لهبوب الرياح المفاجئ استبدلها بكشتة الى غابة طيور غناء كروضة من رياض الأحلام، حيث يتنافس القناصون من يستطيع صيد العدد الأكبر (استطاع الأمير ان يصطاد خمسة طيور في طلقة واحدة). لا اعتقد ان نقاش بيض الحبارى في حد ذاته هو الذي أثار الكتاب ضد مجلس الشورى ولكن سوابق المجلس التراكمية ليس فقط لتحاشيه نقاش مواضيع الشأن العام بل أيضاً تبريره للأخطاء كإنكار وجود البطالة، وتشبيهه غرق جدة بفيضانات أمريكا جعل نقاشه لبيض الحبارى نوعاً من الترف. يجب على مجلسنا الموقر تصحيح الانطباع السائد لدى الرأي العام بأن أعضاء المجلس مجرد موظفين حكوميين ويثبتون لنا أنهم ممثلون للشعب لا موظفين للحكومة بأجور أعلى من إنتاجيتهم. موضوع زاوية الأحد القادم - ان شاء الله - بعنوان: اقتصاديات اقتصاد المعرفة.

مشاركة :