صدر القانون رقم 7 لسنة 2010 بشأن إنشاء هيئة أسواق المال وتنظيم نشاط الأوراق المالية وتعديلاته، وكان من أهداف قانون هيئة أسواق المال، ما هو منصوص عليه في المادة 3 من هذا القانون، والتي تعزز التطبيق السليم لقواعد الحوكمة، حيث تنص هذا المادة على الآتي: 1- تنظيم نشاط الأوراق المالية، بما يتسم بالعدالة والتنافسية والشفافية. 2- توفير حماية المتعاملين في نشاط الأوراق المالية. 3- تطبيق سياسة الإفصاح الكامل، بما يحقق العدالة والشفافية، ويمنع تعارض المصالح واستغلال المعلومات الداخلية. 4- العمل على ضمان الالتزام بالقوانين واللوائح ذات العلاقة بنشاط الأوراق المالية. 5- توعية الجمهور بنشاط الأوراق المالية. وقد صدرت اللائحة التنفيذية لقانون هيئة أسواق المال، حيث خصص الكتاب الخامس عشر منها لقواعد حوكمة الشركات، وتتمثل قواعد الحوكمة بشكل عام في هذا الكتاب بالآتي: «المبادئ والنظم والإجراءات التي تحقق أفضل حماية وتوازن بين مصالح إدارة الشركات والمساهمين فيها وأصحاب المصالح الأخرى المرتبطة بها. وتهدف هذه القواعد لضمان تماشي أهداف الشركة مع أهداف المساهمين، بما يعزز ثقة المستثمرين بكفاءة إدارة الشركة وقدرتها على مواجهة المخاطر، من خلال تنظيم منهجية اتخاذ القرارات داخل الشركة، وتحفز وجود الشفافية والمصداقية لتلك القرارات، كذلك بما يحقق حماية للمساهمين وضمان فصل السلطات بين مجلس الإدارة والإدارة التنفيذية بما يضفي الطمأنينة ويعزز ثقة المتعاملين مع الشركة، وتهدف أخيرا إلى تمكين المساهمين وأصحاب المصالح للرقابة الفعالة على الشركة». ولضمان وجود نظام فعال لحوكمة الشركات في أي دولة يجب فحص التشريعات واللوائح الخاصة بالحوكمة في تلك الدولة، حيث إن لكل دولة نظامها الخاص، وبيئة تشريعية ملائمة لها تختلف عن الدول الأخرى. ويجب أن تتضمن تلك التشريعات واللوائح أحكاما خاصة تتعلق بحماية المستثمرين وأصحاب المصالح، عن طريق ضمان عدم انفراد إدارة الشركة في اتخاذ قرارات تحقق مصالح الإدارة، وتهمل مصالح الأطراف الأخرى، إضافة إلى الأخذ في الاعتبار التنمية المستدامة للشركة، وكذلك تنمية المجتمع والموظفين. وبتحقيق التطبيق السليم للحوكمة تضمن الدول ثقة المستثمرين فيها، سواء كانوا محليين أو أجانب، وكذلك تضمن بيئة اقتصادية خالية من مخاطر الأزمات المالية إلى حد كبير. وتنطبق أحكام الكتاب الخامس عشر من اللائحة التنفيذية لقانون هيئة أسواق المال في الكويت والخاصة بتطبيق قواعد الحوكمة على الشركات التالية: • جميع الشركات المدرجة في البورصة. • جميع الشركات المساهمة المرخص لها من هيئة أسواق المال، سواء كانت مدرجة أم غير مدرجة بالبورصة، باستثناء الوحدات الخاضعة لرقابة بنك الكويت المركزي، والشركات غير الكويتية المدرجة في البورصة وقت صدور اللائحة التنفيذية لهيئة أسواق المال. وتنقسم الطبيعة القانونية لقواعد حوكمة الشركات المنصوص عليها في الكتاب الخامس عشر من اللائحة التنفيذية لقانون هيئة أسواق المال إلى قسمين: أ- قواعد يجب الالتزام بتطبيقها، وفي حال عدم تطبيقها، تعاقب الشركة بالجزاءات المنصوص عليها في قانون هيئة أسواق المال ولائحته التنفيذية، وهي: 1- المادة (3-2) من القاعدة الأولى والخاصة بوجوب تعيين أعضاء مستقلين في مجلس الإدارة. 2- القاعدة الرابعة: ضمان نزاهة التقارير المالية 3- القاعدة الخامسة: وضع نظم سليمة لإدارة المخاطر والرقابة الداخلية 4- القاعدة السابعة: الإفصاح والشفافية بشكل دقيق وفي الوقت المناسب 5- القاعدة الثامنة: احترام حقوق المساهمين ب- قواعد الحوكمة التي يكون الالتزام بتطبيقها نسبيا، حيث تخضع لمبدأ الالتزام أو التفسير Comply or Explain، وهي: 1- القاعدة الأولى: بناء هيكل متوازن لمجلس الإدارة، فيما عدا المادة (3-2). 2- القاعدة الثانية: التحديد السليم للمهام والمسؤوليات 3- القاعدة الثالثة: اختيار أشخاص من ذوي الكفاءة لعضوية مجلس الإدارة والإدارة التنفيذية 4- القاعدة السادسة: تعزيز السلوك المهني والقيم الأخلاقية 5- القاعدة التاسعة: إدراك دور أصحاب المصالح 6- القاعدة العاشرة: تعزيز وتحسين الأداء 7- القاعدة الحادية عشرة: التركيز على أهمية المسؤولية الاجتماعية، وكان أول ظهور لمبدأ الالتزام والتفسير فيما يخص قواعد الحوكمة من خلال النص عليها كأسلوب لتنفيذ تلك القواعد في بريطانيا، حيث نص عليها في تقرير كادبوري (CadburyReport)، وكان ذلك عام 1992، حيث كلف السير كادبوري وضع قواعد الحوكمة للشركات في بريطانيا. وتطبيق مثل هذا المبدأ على قواعد الحوكمة له مميزات، كما أن له عيوبا، حيث إن من مميزات مبدأ الالتزام أو التفسير، أنه يساعد على تجنب إشكالية عدم تناسب قواعد الحوكمة الموحدة على جميع الشركات OneSizeDoesNotFitAll، نظرا لاختلاف أحجام تلك الشركات. ويعتمد مبدأ الالتزام أو التفسير عند تطبيقه على قواعد الحوكمة على أن هذه القواعد ليست ملزمة الزاما مطلقا، لكن الإلزام في تطبيقها يعد نسبيا، حيث إن المخاطبين في تطبيق هذه القواعد يحق لهم عدم تطبيقها، بشرط أن تكون لديهم تبريرات معقولة لعدم التزامهم بتطبيق تلك القواعد. وبذلك، يقوم المبدأ على أن الشركة التي لا تلتزم بتطبيق القواعد يجب أن تقدم تفسيرا معلنا وواضحا يبرر عدم التزامها بتطبيق تلك القواعد. وتجدر الاشارة هنا إلى أن عدم تطبيق الشركة لأي من القواعد وتقديمها التبرير المناسب والمعقول لا يعفيها من أن تتحمل المسؤولية كاملة تجاه مساهميها، تماشيا مع القوانين واللوائح المطبقة عليها. مثال على ذلك، كما لو كانت هناك شركة بررت عدم التزامها بالقاعدة الثانية الخاصة بالتحديد السليم لمهام ومسؤوليات مجلس الإدارة، فإن ذلك لا يعفيها من الالتزام بالحد الأدنى من تقسيم الأعمال والمسؤوليات الإدارية داخل الشركة، والمحاولة للالتزام بتلك القاعدة بأسرع وقت ممكن. ومبدأ الالتزام أو التفسير يخضع لأكثر من أسلوب فيما يخص تطبيقه، حيث إن هناك تشريعات ولوائح تنص على أن الجهة المخولة لفحص تبريرات الشركة لعدم تطبيقها لإحدى قواعد الحوكمة، هي الجمعية العامة لمساهمي تلك الشركة، كما في بريطانيا، إلا أن هذا النهج التطبيقي يجب أن ترافقه عوامل عدة لضمان نجاحه، مثل وجود مساهمين نشطين يحضرون الجمعيات العامة لمساهمي الشركة، لمناقشة مجلس الإدارة حول تقارير الشركة. إلا أن من مميزات ذلك المبدأ تمكين الشركة وعدم الإرهاق في تطبيق قواعد حوكمة لا تتناسب مع حجمها أو طبيعتها، وذلك عن طريق عدم تطبيق تلك القواعد بشرط تقديم تبرير لذلك. وهناك تشريعات ولوائح تعطي لجهات رقابية معينة حق فحص تبريرات الشركة فيما يخص عدم تطبيقها لإحدى قواعد الحوكمة، ولتلك الجهة الرقابية تقرير ما إذا كانت الشركة مقنعة في أسبابها أم لا. وفي حال عدم قبول الجهة الرقابية تبريرات الشركة، فإما أن تطلب من الشركة الالتزام بتلك القاعدة، مع منحها مهلة من الوقت، أو فرض جزاءات إدارية أو مالية عليها، وفقا للقوانين واللوائح المعمول بها كما في الكويت. لذلك، فإن لكل مشرع طريقته الخاصة في إرساء قواعد الحوكمة التي تناسب البيئة الاقتصادية للدولة، وقد اختارت هيئة أسواق المال في الكويت الخلط بين الأسلوب الإجباري في تطبيق بعض القواعد المهمة، والتي لا يجوز عدم الالتزام بها تحت أي تبرير، وأسلوب الالتزام أو التفسير فيما يتعلق بتطبيق باقي القواعد. * أستاذ القانون التجاري والبحري كلية الحقوق- جامعة الكويت
مشاركة :