الزيارات المفاجئة أحد الأساليب الإدارية التي يلجأ إليها بعض المديرين والمسؤولين لمتابعة الأعمال، والتجربة الشخصية هي من الوسائل المتميّزة والتي تكشف حقيقة الواقع، فمهما قرأت أو رأيت أو سمعت فلن يكون ذلك الأمر مثل التجربة الشخصية للمسؤول، وهذا ما قام به رئيس الوزراء النرويجي ينس ستولتنبرغ والذي أفاد بأنه في أحد الأيام قاد سيارة أجرة لكي يفهم أكثر هموم الناخبين، وقال في أحد المقاطع المنشورة له: «من المهم بالنسبة لي أن استمع إلى ما يفكر فيه الناس فعلا، وأظن أن سيارة الأجرة هي المكان الذي يعبّر فيه الناس عما يفكرون فيه فعلا». استخدام سيارة الأجرة أو المرافق العامة أو التقدم بالمعاملات للجهات الحكومية أو التجول في الطرقات بالسيارة الشخصية ومشاهدة أسلوب قيادة الآخرين وكذلك مستوى صيانة الطرق أو التسوق من المتاجر ومتابعة الأسعار أو التردد على المحلات التجارية للإطلاع على أساليب البيع والتحدث بشكل مباشر مع البائعين، كل ذلك تجارب شخصية على المسؤول أن يقوم بتجربتها في يوم ما وأن يحرص على أن يترك المكاتب الفاخرة وفرق العمل من حوله وينزل بمفرده إلى الميدان للإحتكاك بالناس ومعرفة احتياجاتهم وما يطمحون اليه والخدمات التي تنقصهم وما لديهم من مقترحات وتوصيات وحلول يمكن أن تساهم في تحسين الوضع الحالي. بعض المسؤولين لا يشاهدهم الناس إلا في وسائل الإعلام وكأنهم يعيشون في كوكب آخر، وبعضهم يخشى الزيارات الميدانية خوفاً من أن يتم تصويره وهو يتصرف بشكل غير مناسب أو يتحدث بأمر سلبي، لذلك يبقى كثير من المسؤولين بعيدين من الناس على أرض الواقع وقريبين منهم من خلال وسائل التواصل الإجتماعية وكأنهم وضعوا بينهم وبين الناس حاجزًا مما يساهم في ضعف وصول المعلومة للمسؤول وبقاء الكثير من أسرار العمل مخفية عنه وهو بعيد عنها في مكتبه بين جدران أربعة محاطاً بسواتر من مديري المكاتب والنواب وغيرها من الأجهزة الإدارية التي كثيراً ما تعيق الرؤية وتؤخر العمل وتمنع وصول الحقيقة كاملة. كلما سعى المسؤول إلى الزيارات الشخصية والاطلاع عن كثب على سير العمل كلما شعر الناس بارتياح بأن المسؤول معهم يحرص على معرفة مستوى الخدمات التي يتم تقديمها ويعمل على التعرف على آراء الناس تجاه ما يقدمه لهم ومعرفة انطباع الرأي العام، فكم أتمنى من كل مسؤول أن يبادر ويتشجع ولا يهاب الميدان ويخصص لنفسه يوماً واحداً في الشهر يقوم من خلاله بمثل هذه الزيارات ويخالط الناس من خلال التجول في الأسواق والجلوس في المطاعم والتنقل في وسائل النقل العامة والاستماع إلى ما يقوله الناس ليعرف أصل الحقيقة بدون مجاملات أو مزايدات. Ibrahim.badawood@gmail.com
مشاركة :