برلين- تواجه أوروبا خطر تدفق أعداد جديدة من الجهاديين في حال استعادت القوات العراقية السيطرة على معقل تنظيم الدولة الإسلامية في مدينة الموصل العراقية، بحسب ما حذر مسؤولون ومحللون الثلاثاء، ما يعزز مخاوف القارة التي شهدت سلسلة هجمات نفذها جهاديون. وخلال العامين الماضيين توجه آلاف الأوروبيين إلى العراق وسوريا للانضمام إلى الجماعات الإسلامية المسلحة، ولكن وبعد أن مني تنظيم الدولة بسلسلة من الهزائم هذا العام في سوريا والعراق، بدأ عدد من المقاتلين بالعودة إلى أوروبا. وفيما تواصل القوات العراقية هجومها على الموصل التي سيطر عليها التنظيم قبل عامين، حث خبراء دول أوروبا على الاستعداد لاستقبال مزيد من الجهاديين المتمرسين في القتال والمستعدين لشن هجمات في أوروبا. وقال جوليان كنغ مفوض الاتحاد الأوروبي لشؤون الأمن لصحيفة "داي فيلت" الألمانية اليومية أن "استعادة مدينة الموصل، معقل تنظيم الدولة الإسلامية في شمال العراق، قد تؤدي إلى عودة مقاتلي التنظيم العنيفين إلى أوروبا". ورجح ألا يتدفق عدد كبير من مقاتلي التنظيم المتطرف من الموصل إلى أوروبا، إلا انه أكد انه حتى لو عاد عدد قليل من هؤلاء، فإنهم سيشكلون "تهديدا خطيرا علينا أن نكون مستعدين له". وأكد أن نحو 2500 مقاتل أوروبي لا يزالون في مناطق النزاع. حرب شوارع ورغم أن قدرة التنظيم المتطرف على تجنيد مزيد من المقاتلين في حال خسر معقله في الموصل ستتراجع، فان المقاتلين الذين سيخسرون "موطنهم" سيشكلون خطرا على الغرب، بحسب ما يرى رافائيلو بانتوتشي مدير مركز دراسات الأمن الدولية في معد رويال يونايتد سيرفيسيز. وكتب في صحيفة "ديلي تلغراف" أن المقاتلين "الذين سيخسرون توجههم وهدفهم الثوري، سيشكلون مصدر قلق للمسؤولين الأمنيين في أنحاء العالم لسنوات مقبلة". وقال إن تنظيم الدولة الإسلامية "اظهر قدرة على إعادة مقاتلين إلى أوروبا بين صفوف اللاجئين. وإذا ما تعرض للتهديد في العراق وسوريا، فقد يزيد من أعداد هؤلاء العائدين لإقامة شبكات أو حتى شن هجمات". ورأى كريس فيليبين المدير الإداري لمعهد ايبسو لاستشارات مكافحة الارهاب أن تنظيم الدولة الإسلامية "يدخل مرحلة جديدة"، مضيفا انه عندما يفقد "مقر خلافته" فان التنظيم "سيجبر مقاتليه على خوض حرب شوارع أو أعمال إرهابية". وأضاف انه باستعادة الموصل "اعتقد أننا سنرى زيادة في الهجمات الإرهابية في شمال أفريقيا والغرب" لافتا إلى أن المقاتلين سيختبئون في الطرق التي يستخدمها اللاجئون لدخول أوروبا. واعتبر مصدر امني فرنسي أن التحالف الذي يقاتل تنظيم الدولة الإسلامية يجب أن يفعل كل ما بوسعه لمحاصرة الجهاديين في الموصل ومنعهم من اللجوء إلى أماكن أخرى. ويقول خبراء أن التهديد الذي يشكله العائدون سيتجاوز أوروبا وسيمتد إلى روسيا إضافة إلى دول شمال أفريقيا وجنوب شرق آسيا. وأشار مصدر امني فرنسي إلى انه رغم أن نحو 400 فرنسي لا يزالون في مناطق النزاع إلا أن عددا اكبر بكثير من هؤلاء ينحدر من دول أخرى من بينها الشيشان. كما شارك آلاف التونسيين في القتال ضد تنظيم الدولة الإسلامية ليشكلوا اكبر مجموعة من بلد واحد. القضاء على التطرف صعب جدا وتشعر فرنسا بشكل خاص بالقلق من عودة إسلاميين إلى أراضيها كونها شهدت العديد من الهجمات الإرهابية ومن بينها الهجوم الذي شهدته العاصمة باريس في 13 تشرين الثاني/نوفمبر وشارك فيه جهاديون عائدون من سوريا وأسفر عن مقتل 130 شخصا. وقالت مصادر أمنية إن مراقبة كل واحد من العائدين على مدار الساعة تتطلب أكثر من عشرة من ضباط الشرطة. وعلق وزير الخارجية الفرنسي جان مارك ايرولت "من الصعوبة بمكان العمل على القضاء على التطرف" وإصلاح الأطفال الذين أخذهم أهلهم الجهاديون إلى سوريا والعراق وسيعودون متطرفين. أما في ألمانيا التي استقبلت نحو 900 ألف طالب لجوء العام الماضي، فتزداد الشكوك حول القادمين الجدد خصوصا بعد هجومين ارتكبهما في تموز/يوليو لاجئون باسم تنظيم الدولة الإسلامية. واثار رئيس جهاز الاستخبارات الداخلية هانز جورج ماسين احتمال ظهور مشكلة أخرى هي جر اللاجئين في ألمانيا إلى التطرف. وسجلت نحو 340 حالة لإسلاميين يتظاهرون أنهم عمال إغاثة للوصول إلى مراكز طالبي اللجوء، بحسب ماسين، مشيرا إلى أن العدد الحقيقي يمكن أن يكون اكبر بكثير.
مشاركة :