ما إن بدأ الأميركيون في التقاط أنفاسهم من انتخابات رئاسية فاز فيها الرئيس باراك أوباما بولاية ثانية، حتى بدأ الحزبان "الجمهوري والديمقراطي" في الإعداد للانتخابات المقبلة التي ستتم خلال هذا العام في الثامن من نوفمبر/تشرين الثاني. ومع انتهاء السباق على اثنين فقط من المرشحين هما هيلاري كلينتون عن الحزب الديمقراطي، ودونالد ترامب عن الحزب الجمهوري، وأصبح هناك رؤية نسبيَّة عن خطط الرئيس القادم في التعامل الأميركي مع بعض البلاد والقضايا الدولية. فكيف ستكون قرارات كل منهم حال فوزه بالرئاسة؟ هذا ما سيُطرح في السطور القادمة، وسيتم الاستكمال خلال جزء ثانٍ للتقرير. إيران ربما لا يوجد في الشرق الأوسط دولة تشهد نمواً في نفوذها كإيران، إذ إنها تلعب دوراً في الصراعات بين كل من العراق وسوريا، وقد جاءت تصريحات قادة إيران حول مقدرتهم على تدمير الولايات المتحدة وإسرائيل، مما جعل أميركا عدواً لها لسنوات مضت، ولهذا ما زالت هذه المسألة مسببة لانقسام في السياسة الخارجية لحملة الانتخابات الرئاسية. ترامب يعتبر ناقداً للغاية للاتفاق النووي الحالي مع إيران، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة سمحت بمنح إيران 150 مليار دولار من ميزانية أميركا، وهذه الأموال استخدمتها إيران في الأسلحة النووية، ولهذا دعا لإيقاف المساعدات والتعاون العسكري مع دولة ترعى الإرهاب، كما دعا إلى مضاعفة العقوبات التي فرضتها أميركا على إيران منذ سنوات، لإجبار إيران نحو مزيد من التنازلات، وهذا ما سيقوم بفعله إذا أصبح رئيساً للولايات المتحدة الأميركية. واقترح إعادة التفاوض على الاتفاق النووي، على الرغم من أنه لم يوضح بالضبط كيف يمكنه هيكلة أي اتفاق، بينما أوضح حلفاؤه أنه سيسعى فقط لتحسينها؛ إذ إن خطته غير محددة حتى الآن في التعامل مع طهران. كلينتون كانت كلينتون في إدارة أوباما حينما صارت العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران أكثر هشاشة، فكان لديها الثقة في بدء المفاوضات بين إدارة أوباما وإيران، وكانت تشهد التزايد التاريخي لفرض العقوبات ضد الدولة الإيرانية، خلال بداية الفترة الرئاسية لأوباما. وخلال فترة الدعاية الانتخابية، أوضحت كلينتون موقفها الأكثر تشدداً مع إيران، وهو أن إيران ستستمر في انتهاك قرار مجلس الأمن للأمم المتحدة بسبب امتلاكها بالفعل لواحدة من أكبر ترسانات الصواريخ الباليستية في منطقة الشرق الأوسط، ولهذا أشارت إلى أنها ستقوم بفرض عقوبات جديدة ضد طهران حال فوزها بالرئاسة. العراق حاول الرئيس الأميركي أوباما سحب القوات الأميركية المتورطة من العراق، ولكن البلاد انشقت، وقد اتخذ تنظيم داعش فرصة الصراع الدامي بين الشيعة والسنة والأكراد الذي دام في الموصل لمدة أكثر من عامين، إذ إن نفوذ إيران على الحكومة العراقية ساهم في تفكيك الدبلوماسية الأميركية. ترامب انتقد ترامب قرار جورج بوش بغزو العراق عام 2003، وأشار إلى أن هذا القرار ساعد على نشر موجه من الفوضى في الشرق الأوسط، وأكد أنه عارض الغزو في ذلك الوقت، فهو لم يحدد ما سيفعله لتحسين الوضع في العراق، على الرغم من أنه تحدث كثيراً عن العمل بشكل وثيق مع الأكراد. كلينتون صوتت هيلاري كلينتون عام 2002 بالموافقة على استخدام القوة العسكرية ضد العراق، وهذا القرار الذي استخدمه المعارضون لمهاجمتها لسنوات واعتذرت لذلك فيما بعد. وخلال مناظرتها الأخيرة، رأت وجوب تدريب وتدعيم قوات الجيش العراقية حتى تقف في وجه داعش والجماعات المسلحة الأخرى. فلسطين وإسرائيل ساءت العلاقات بين الرئيس أوباما ورئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو في السنوات الأخيرة، وخصوصاً خلال الاتفاق النووي الذي تم بين البيت الأبيض وإيران، فقد كان لواشنطن علاقات وثيقة مع إسرائيل، وهذا سيكون تحدياً كبيراً للرئيس القادم؛ نظراً لعدم الاستقرار والفوضى في الشرق الأوسط. ترامب دعا ترامب لمزيد من المساعدات المقدمة من أميركا لإسرائيل، والعمل على بناء العلاقات من جديد مع تل أبيب عن طريق إنهاء الاتفاق النووي مع إيران، وقال إنه سيعمل على البقاء على الحياد في أي محادثات سلام بين القادة الفلسطينيين والإسرائيليين، وحينما خفف من لهجته ذكر أنه سيكون من الصعب جداً البقاء على الحياد. وفي مارس/آذار الماضي حينما ألقى كلمته أمام اجتماع لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية في واشنطن العاصمة، ساعد ذلك على تهدئة بعض المخاوف إزاء التزامه بوجهه نظر إسرائيل في حمايتها، وهذا سبب من الأسباب التي جعلت إسرائيل في انتظار فوز ترامب بالرئاسة. كما أنه في خطاب له في مؤتمر كليفيلاند، وصف إسرائيل بأنها "الحليف الأكبر في المنطقة". كلينتون انتقدت كلينتون نهج ترامب إزاء إسرائيل، في محاولة منها لوضع نفسها في حيز من العلاقات الوثيقة مع قادة إسرائيل في مساعيهم للأمن. وقالت إن علاقتها مع مسؤولي الأمن في إسرائيل تمتد لقرابة 25 عاماً، فهي واحدة ممن دافعوا عن الخطوات التي تتخذنها إسرائيل لحماية نفسها من الهجمات الصاروخية، فضلاً عن تدعيمها لمساعدة إسرائيل في استخدامها للتكنولوجيا للكشف عن الأنفاق التي تستخدم لإرسال المقاتلين والانتحاريين إلى إسرائيل من قطاع غزة. سوريا.. وتنظيم داعش عندما استولى تنظيم داعش الإرهابي على الرقة في سوريا عام 2013، تبع ذلك سلسلة من الأحداث التي أعادت تشكيل رؤية الولايات المتحدة للبلاد العربية، نظراً لظهور أخطر جماعة إرهابية بإمكانها تهديد الولايات المتحدة والعالم أجمع. ترامب صرح ترامب بأنه لن يعطي تفاصيل كاملة -في حملته الرئاسية- حول مهاجمة تنظيم داعش، وأضاف أن هزيمة هذا التنظيم ستكلف نحو 30.000 من قوات الجيش الأميركي لمحاربته، ولكنه لم يتعهد حتى الآن بنشر قوة بهذا الحجم في المنطقة، ومن حيث التعامل مع الإرهابيين المشتبه بهم، اقترح تغيير القواعد الدولية التي تحظر استخدام الجيش للتعذيب، وكذلك اقترح قتل جماعات من الإرهابيين لتكون رادعاً لأي جماعات إرهابية أخرى. بينما تراجع ترامب عن بعض هذه التصريحات وسط ردود فعل غاضبة من بعض المسؤولين العسكريين السابقين. وبالنسبة للدولة السورية، أشار ترامب إلى مدى "سوء" وجود الأسد في الحكم، في الوقت الذي لم يطالب فيه بالإطاحة به. كما أكد أن جزءاً رئيسياً من استراتيجيته في التعامل مع سوريا يظهر في إعطاء موسكو المزيد من المرونة، فهي قادرة على تحقيق الاستقرار في سوريا جنباً إلى جنب قدرتها على إحداث التغييرات المؤثرة في المنطقة بشكل أفضل من الولايات المتحدة. كلينتون دعت إلى زيادة الضربات الجوية من الولايات المتحدة على العراق وسوريا لهزيمة الشبكة الإرهابية، وأضافت أن واشنطن لا بد أن تلعب دوراً في المساعدة على حل الأزمة الإنسانية الناجمة عن موجة ضخمة من المهاجرين الفارين من سوريا، متعهدة بأنها لن تستخدم أي قوات برية على أرضها. توجد فروق كبيرة بين كلينتون وترامب، ومن أوضح الفروق في هذه النقطة: حث كلينتون على إنشاء منطقة حظر جوي فوق سوريا، وهي الخطوة المرجحة لوضع الولايات المتحدة في صراع مباشر مع روسيا التي تعمل على قصف القوات المعادية للأسد. هذا التقرير مترجم ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.
مشاركة :