سبق أن ذكرت في مقالات عدة أنهم لا يؤمنون بالديمقراطية ولا بسلطة الشعب وحقه في اختيار ممثليه، وأن الانتخابات التي نمارسها أو يسمح لنا بممارستها هي استنزاف لعقولنا وطاقاتنا، وأن الهدف منها تفتيت المُفتَّت وتقسيم المُقسَّم وزرع ثقافة الاسترزاق من خلال عضوية المجلس التي يسعى الكثير منا إليها باعتبارها مهنة مدرة للمال أو وسيلة سهلة وتجارية لتحقيق أرباح مجزية. وبعد أن نجح الشعب في إسقاط مجلس 2009 وحكومته تم انتخاب أغلبية برلمانية معارضة (مع تحفظي على كلمة معارضة) ومع ذلك لم تعجبهم مخرجاتنا، وتم إبطال المجلس، فصدر مرسوم ضرورة بتعديل قانون الانتخاب «الصوت الواحد» وقاطع من قاطع وشارك من شارك، فخرج لنا المجلس المبطل الثاني الذي أيضاً لم يعجبهم، وأعادوا الكرة ليخرج مجلس وصفته الحكومة بمجلس «المناديب»، واستمر هذا المجلس ثلاث سنوات كانت من أسوأ السنوات على جيب المواطن، وتم حله رغم كل ما قدمه أعضاؤه من خدمات جليلة للحكومة والمتنفذين على حساب المواطنين. فلا مجلس معارضاً يريدون ولا مجلس موالياً يريدون، الأمر الذي يجعلنا نتساءل: أي مجلس إذاً يريدون؟ فبعد كل ما شاهدناه ثبت للمطلع أن المتنفذين يتعاملون مع مخرجات الانتخابات وفقاً للمرحلة التي يرونها مناسبة لمصالحهم وتلك المخرجات، ومتى ما انتهت تلك المرحلة وجب انتهاء مدة المجلس مهما كانت مخرجاته موالية أو معارضة، لذلك هم لا يهمهم كثيراً المخرجات بقدر أهمية المرحلة التي يمرون بها، والتي تستوجب طبيعة تلك المخرجات ومواءمتها لها، لذلك نرى أن مرسوم الحل للمجلس الحالي جاء بسبب التحديات الاقتصادية والظروف الإقليمية التي لا يمكن بحال من الأحوال أن يمثلها ويتصدى لها نواب وصفتهم الحكومة بالمناديب. يعني بالعربي المشرمح: حين رأت السلطة أن صلاحية هذا المجلس قد انتهت وحققت الغرض المطلوب أصدرت مرسومها لحله ليأتي مجلس يتواءم والظروف الإقليمية القادمة، ويكون على قدر من المسؤولية يساعدها في تجاوز المرحلة القادمة، التي أعتقد أنها مرحلة حساسة ودقيقة في المنطقة تستوجب رجالاً يستوعبون خطورتها، ويتحملون مسؤولياتهم ويساندون السلطة في مواجهتها.
مشاركة :