عصير الفتنة في عُمان - مقالات

  • 10/22/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تستقبلك أوطان أخرى، بأذرع مشرعة للحب والطيبة. يغمرك كتّابها وشخصياتها الجميلة بعبق صفاء قلوبهم. يدخلونك بيوتهم، يطعمونك بيدهم، فتتناسى الغربة، وتذوب الوحشة في فمك كقطعة سكر وتشعر بالانتماء من جديد. تستعيد ثقتك بنفسك وفكرك ورسالتك بالحياة، وبجدوى كل ما تكتب وتناضل من أجله. هكذا شعرت وأنا أخطو نحو سلطنة عمان منذ أيام، في زيارة لإحياء أمسية شعرية وتوقيع كتابي الأخير «قلق غزالة» في الجمعية العمانية للكتاب والأدباء، حيث الاستقبال والاحتفاء ومصافحة القلب والعقل. قدمتني الدكتورة سعيدة خاطر، وعقبت على الأمسية الزميلة الدكتورة أمينة ذيبان. التقيت في الأمسية، بعمانيين تابعوني منذ البدايات وبعضهم التقوا بي هنا أو هناك. وحزنت على غياب تقدير بلدنا لنا ككتاب وباحثين وأكاديميين. فلا تقام لنا الأمسيات ولا ندعى لمؤتمرات وندوات. وكأن هناك خطة مدروسة لإقصاء الكفاءة المحلية. بينما نرى ميزانيات هائلة تُصرف لاستبدالنا بعرب ووافدين أقل تخصصا ودراية ببواطن أمور البلد ومصلحتها. ومن جهة أخرى، نرى سيطرة صحافيين بعضهم مدعين ومزيفين على معظم الصفحات النقدية في القنوات والصحف. لديهم منهج تهميش العقول المحلية، وابعاد الكفاءات الأدبية والفنية من الخريطة الاعلامية والاعلانية، لتبدو البلد وكأنها بلا مبدعين. اضافة لملتقيات ومنتديات يسيطر عليها عرب وغير كويتيين ينتهجون المنهج نفسه. والمسؤولين غير منتبهين أو متواطئين. لذلك تبقى في القلب غصة حين نجد التكريم والتقدير خارج أسواء الوطن، بينما في داخله نكاد لا نوجد. وتجولت في روح السلطنة، فرأيت فنون العمارة، وبساطة الناس وتواضعهم. تطور وذكاء المرأة العمانية وابداعها رغم التقاليد والعادات. فحضرت معرضاً مميزاً خاصاً للمصورات العمانيات في دار الأوبرا. رأيت الشواطئ الجميلة البكر في قرية الصيادين صعودا للوادي الكبير. ومظاهر الحضارة من مراكز رياضية وثقافية. كافيهات، مجمعات تجارية وكافيهات ترصع الشوارع والسواحل كالدرر المتميزة، كل له نكهة. توازن العصري بنكهة التراثي كسوق مطرح الجميل الباهر بألوانه وتحفه العريقة. هناك على طرف مدخل السوق، جلست امرأة تلتف بعباءتها تنتظر. على يمينها يستلقي البحر بكل جبروته مسترخياً بدلال، وعلى شمالها، افواج السياح. مدينة باذخة تعصر من توق النفس، وتصب عصير فتنتها في كأس البهجة والنشوة. وللحديث بقية...

مشاركة :