وداعا يا آخر الآباء: سراج عطار - رحمه الله - | أ.د. عاصم حمدان

  • 3/11/2014
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

* لخميسيّة عزيزنا الأستاذ محمد عمر العامودي فضلٌ في رؤيتي لرجال كنت أسمعُ عنهم كثيرًا ولم أتمكن من رؤيتهم، ويأتي في مقدمة هؤلاء الرجالِ الشيخ سراج عطار - رحمه الله - الذي أودعناه ثرى الحجون والمعلاة قبل أيام، وسكبنا الدمع سخيًا على نفس تبطَّنها حبُّ الصالح والباقي من الأعمال، ويد ناصعة تمتد في السر أكثر منها في العلن لذوي الحاجة ممن ينكرهم عالمُ الشهود والفناء وتعرفهم عوالم الغيب والبقاء الأزلي، فلقد كان الفقيد ينأى عن الحديث عن أعمال قضى الشطر الأخير من حياته ساعيًا لإنجازها وخصوصًا في المدينتين المقدستين مكة المكرمة والمدينة المنورة وفي مقدمتها المشروع الخيري لإيواء يتامى البقاع الطاهرة والذي أقام عليه نظّارة من خيرة الرجال. * وأتذكَّر في هذا السياق أنني قابلتُه - ذات يوم - أمام باب مقبرة الحجون وقدم لي أحد أبنائه البررة ووددت أن أشيد بما قدمه المرحوم لوضع إنساني أعرفه عن قرب فإذا به يطلب مني صراحة أن أكف عن الاستمرار في الحديث فتيقنت أنه يميل إلى كتمان ما يقدِّم حتى من أقرب الناس إليه وأكثرهم دنوًا منه، وذلك مسلك إيماني فيه من الروعة والإدهاش ما فيه، وكان رحمه الله يبتعد في حديثه عن الهذر والإسهاب ويميل إلى الإيجاز، وكانت كلماته المستمدة من تجربة حياتية تفتحت أبصارها وبصائرها على مشهد البيت الحرام حيث الجلال والبهاء والسكينة ينطق بها الحطيم والحجر والمقام. تجعلك تحس أن ما ينطق به من عبارات هو أقرب إلى المأثور من الحكمة التلقائية، والبديهة التي غذتها تجارب الحياة وصقلتها ممارسة التعامل مع مفردات هذه الحياة التي تزخر بمن يتوفرون على كل أسباب العيش الرغيد، ولكن قلة من القوم ممن صقلتهم تجارب الحياة بكافة ضروبها فكانوا أمثلة وقدوة صالحة لجيل نشأ بعيدًا عن ظلال هذه الشخصيات ولكنه سمع كثيرًا عن سلوكياتهم المتفردة والمتسمة بالإيمان والنصاعة والأثرة، وأزعم أن فقيدنا واحد من تلك القلة. رحمك الله يا أبا الوليد والعزاء لأهله وأبنائه وأحبابه، والعزاء لنا جميعًا فلقد فقدنا واحدًا من آخر الرجال الحكماء. للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (70) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain

مشاركة :