عنونت صحيفة "ذا تايمز" البريطانية في عددها يوم 22 أكتوبر (السعوديون الكسالى على حافة الإفلاس)، وذلك إثر ما تناولته حلقة برنامج الثامنة مع داود الذي استضاف فيه عددا من مسؤولي الدولة لمناقشة القرارات الأخير المعنية بتقليص البدلات، إضافة إلى مناقشة حالة الاقتصاد الوطني! وأمام التحليلات الاقتصادية التي ربما حاولت شرح الواقع الحالي، ومع تزايد حالات اللاتقليدية التي يعيشها الوطن اليوم في العديد من قراراته، والتي قد يتفق أو يختلف حولها المواطنون، وجدت نفسي مشغولا بأربع نقاط قالها المتحاورون، والتي لم أستطع أن أتعايش معها بأريحية، فتذكرت مقولة "ما أشبه اليوم بالبارحة" مع الفرق الشاسع في منطق التعاطي مع الأحداث. كيف يمكن أن يكون كل الجهد الذي بذل في السنوات الماضية في بناء الجامعات والمدارس وإعادة تأهيل المناهج والعقلية التعليمية أمرا من (الرفاهية)، وأنها مجهودات لم تكن من ضروريات المجتمع، كيف نتناسى أنها أتت لإعادة هيكلة النهج التعليمي الذي ينتج لنا علماء وفنيين ومهندسين وأطباء، وهي المهن التي يحتاجها المجتمع للرقي اقتصاديا وصناعيا؟ كيف يقال إنها رفاهية مجتمع وقد عانى هذا المجتمع من التخصصات التنظيرية الخطابية البالية لعقود! عندما تحدث الوزير خالد العرج عن أن إنتاجية الموظف السعودي لا تتجاوز الساعة الواحدة يوميا، تذكرت ما واجهته في فترة تجربتي الاستشارية مع إحدى المؤسسات التعليمية قبل بضع سنوات، عندما كان يواجهني الموظف الذي لم يكن يداوم في اليوم أكثر من ساعتين مطالبا من منطلق حقه أن يحصل على نسبته من بدل الدوام، وهو أمر لم أعتده في عملي في القطاع الخاص، فلا بدلات ما لم يكن هناك إثبات ومسوغ قبل ذلك للعمل الإضافي، إلا أن ذلك الموظف الحكومي يرى أن ذلك حق له، فراتبه الأساسي كما قال هو لأنه سعودي وليس نظير ساعات العمل! الأستاذ محمد التويجري نائب وزير التخطيط علق بأن الفترة الماضية كانت تتصف بأن التخطيط لم يكن ملائما للواقع، وهو كمن يقول إن وزارة التخطيط -التي يعمل معاليه فيها- لم تكن تقوم بدورها الأساسي، فوزارة التخطيط لا عمل لها سوى التخطيط، وإن لم يكن التخطيط في الماضي ملائما للواقع فما الذي يضمن بالمقابل أن يكون تخطيطكم اليوم ملائما للمستقبل! قيل في اللقاء إن القرارات الأخيرة ستحمي الدولة من إفلاس كان محقق الحدوث بعد ثلاث أو أربع سنوات، وأتعجب من هذا الكلام، فإن كان صحيحا فهل هذا الترشيد هو ما سيحمينا من الإفلاس بعد 4 سنوات!
مشاركة :