الأمثال الشعبية والتكنولوجيا أبرز إشكاليات المترجمين

  • 10/23/2016
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

دبي: محمد ولد محمد سالم شهد اليوم الأخير من مؤتمر دبي للترجمة الذي تنظمه مؤسسة الإمارات للآداب بالتعاون مع المجلس التنفيذي لإمارة دبي، صباح أمس، عقد 4 جلسات، كانت أولاها بعنوان (فرخ البط عوّام، لذا لا تضع كل بيضك في سلة واحدة.. الأمثال والأقوال المأثورة، والتعابير الاصطلاحية في الترجمة) واشترك فيها كل من محسن الموسوي، وفراس الشاعر، ونانسي روبرتس، وتناولت الجلسة كيفية تجنب الأخطاء الشائعة في ترجمة الأمثال والحكم، وكيف نضمن إيصال المعنى إلى المتلقي، بدقة تعكس المحتوى الثقافي لتلك الأمثال. محسن الموسوي قال في مداخلته، إن ترجمة الأمثال والحكم والأقوال المأثورة هي إحدى الإشكاليات الكبيرة التي يواجهها المترجم، فهذه الأمثال تشكل خصوصية ثقافية لأهل اللغة الذين نترجم عنهم، ولا يمكن ترجمتها حرفياً، نظراً لأن المعنى الذي تعبر عنه هو معنى استعاري، ويحيل على خصوصيات ثقافية قد لا يوجد لها مثيل لدى أهل اللغة التي نترجم إليها. وأضاف الموسوي أن على المترجم حين يتصدى لمثل أو قول مأثور أن يبحث بعمق في اللغتين اللتين يترجم بينهما، لكي يقف على المعنى المراد، ويبحث له عن مماثل في اللغة الأخرى، وأن يسأل المتخصصين والمتكلمين باللغتين، ويقارن حتى يصل إلى المعنى أو يقاربه بنسبة كبيرة، ولفت الموسوي إلى أهمية المعاجم اللغوية، وخاصة المعاجم التي تختص بالأمثال والأقوال الشائعة، فهذه تقدم للمترجم مادة دسمة يمكنه الاستفادة منها، ولفت إلى أن تأليف المعاجم ظل منذ أيام الجوهري وابن فارس وابن منظور جهداً فردياً حتى اليوم، في حين أنه في كثير من دول العالم أصبحت تقام للمعاجم مؤسسات بحث، يستدعى لها فريق من الخبراء، يعمل بشكل جماعي، وتصرف لها التمويلات الضخمة، حتى في بعض الدول الفقيرة، متسائلاً عن سبب غياب مثل هذه الاستراتيجية فيما يتعلق بمعاجم اللغة العربية، برغم اتساع ميادين التواصل مع الآخر، وانفتاح المجتمعات العربية على العالم والتكنولوجيا الحديثة، وحاجتهم إلى مواكبة ما يستجد من خلال لغتهم العربية. فراس الشاعر: تحدث عن بعض الاستراتيجيات في ترجمة الأمثال والحكم، مؤكداً أنه ليس من المجدي أن نتبع الترجمة الحرفية في مثل تلك الصياغات، لأنها تحمل أبعاداً اجتماعية وثقافية خاصة، لا يمكن أن تظهر في غير سياقها الأصلي، وقال الشاعر، من الاستراتيجيات المتبعة أن نترجم المعنى المراد فقط، وهذا شائع كثيراً بين المترجمين، ومنها أن نبحث عن مثل سائر أو قول مأثور في اللغة التي نترجم إليها، يماثل المثل أو القول المأثور في اللغة التي نترجم منها، لكن حتى إذا وجدنا التعبير المماثل فينبغي أن نتوخى الدقة، وأن نكون واعين تماماً بكل أبعاد المثلين في اللغتين، لأن وجهات الاستخدام ومقاصد المتكلمين وخلفيات النصوص تختلف، ومن العسير أن تتطابق بشكل تام. نانسي روبرتس تحدثت عن تجاربها في ترجمة الأمثال الشعبية العربية، وقالت، إنها في بداية مشوارها مع اللغة العربية كانت تعترضها الأمثلة والاستخدامات الدارجة التي لا تعرف كيف تترجمها، لأنها لا تجد لها مثيلاً في اللغة الإنجليزية، أو بالأحرى في الثقافة الإنجليزية، فحين يقول شخص لآخر متوعك سلامتك أو يقول لمن حلق رأسه نعيماً، فإن هذه العبارات لا يمكن ترجمتها، لأنه ليس من عادة الشعوب المتحدثة بالإنجليزية أن تقول شيئاً مماثلاً في مثل تلك المواقف، ورأت روبرتس أنه من الأحسن للمترجم في مثل هذه الحالة أن يتجاهل تلك العبارات ولا يترجمها، لأنها إذا ترجمت ستصبح شيئاً لا معنى له في اللغة الإنجليزية، وأضافت أن من الخطط التي تتبعها في الترجمة أن تبحث للأمثال والحكم عن مماثلاتها في الإنجليزية، وإذا لم تجد مماثلاً ترجمت المعنى بأسلوب عادي. الجلسة الثانية أقيمت حول محور ترجمة غوغل الآلية وغيرها.. تأثير التكنولوجيا على المترجمين والترجمة تحدث فيها كل من غانم السامرائي، اليازية خليفة، ومحمد حماد، وكريستينا حايك، وتناولت مسيرة الترجمة على مدى السنوات الخمسين الماضية، وتأثير أجهزة الكمبيوتر والهواتف الذكية والإنترنت وتطبيقات التواصل الرقمية، والترجمة الرقمية في الترجمة بشكل عام، والفرق بين القاموس الورقي والإلكتروني. وأكد المتحدثون الفائدة الكبيرة التي تقدمها مثل تلك التطبيقات والأدوات للإنسان المعاصر، وما تسهله له من طرق للتواصل مع الآخر، لكن ينبغي التعامل معها بحذر، وأن تتخذ كمساعد للمترجم، ولا تكون بديلاً عنه، لأنها ترجمة حرفية قاصرة عن بلوغ مقاصد المتكلمين، في حين أن المترجم الإنسان يستطيع أن يفهم تلك المقاصد، ويصل إليها، ويعبر عنها بطرق شتى. الجلسة الثالثة جاءت تحت عنوان: التمكن من اللغة العربية تحدث فيها كل من ليزلي ماكلوكلين، وكلايف هولز، ومايكل كوبرسون، عن تجاربهم مع اللغة العربية، والصعوبات التي واجهوها في البداية، وكيف أمكن لكل منهم إتقانها، والإبحار في أساليبها البديعة، ومفرداتها الغنية التي تسعف المترجم بكل ما يحتاجه من العبارات الدقيقة القادرة على توصيل أي معنى يفكر فيه بدقة متناهية، واتفق المتحدثون على أن إتقان اللغة يبدأ من عشق هذه اللغة والتعلق بها.الجلسة الرابعة كانت بعنوان مستقبل الترجمة واشترك فيها كل من غانم السامرائي، فيليب كينيدي، ونانسي روبرتس، وركزت على الدور الذي ستلعبه الأجهزة الإلكترونية التي تتجه إلى مضاهاة الإنسان في دقة الترجمة، كما نبه المشاركون إلى أهمية الأدب في تشكيل المترجم مستقبلاً، فالأدب هو حامل ثقافة المتكلمين بكل أبعاده، وعن طريق اللغة الأدبية يصقل المترجم أدواته اللغوية ويرسخها.

مشاركة :