تواجه القوات العراقية التي تواصل تقدمها باتجاه مدينة الموصل في شمال العراق، مقاومة شرسة من تنظيم «داعش»، رغم تكثيف الضربات الجوية التي ينفذها التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة. وتواصل القوات الحكومية والبيشمركة تقدمها من محاور عدة في اتجاه الموصل، ويستخدم الجهاديون في دفاعهم عن آخر أكبر معاقلهم في العراق، القذائف ورصاص القناصين والهجمات الانتحارية والكمائن. وحاول الجهاديون تحويل الأنظار عن خسائرهم في محيط الموصل، من خلال شن هجمات في مدن أخرى في البلاد، وآخرها بلدة الرطبة في غرب العراق قرب الحدود العراقية الأردنية، بعد الهجوم على كركوك. وأعلن بريت ماكغورك، مبعوث الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى التحالف الدولي لمكافحة تنظيم «داعش»، أن «الهجوم الذي طال انتظاره كثيرا وبدأ في 17 أكتوبر/ تشرين الأول، يحقق أهدافه». وكتب المبعوث الأمريكي في تغريدة على «تويتر»، «العمليات العسكرية التي بدأت قبل أسبوع تجاه الموصل حققت كل أهدافها»، مشيرا إلى «تنفيذ ضربات جوية للتحالف في سبعة أيام أكثر من أي أسبوع مضى ضد تنظيم داعش». من جهته، قال المتحدث باسم التحالف الدولي الكولونيل جون دوريان الأحد، إن طائرات التحالف ألقت 1400 قذيفة على مواقع التنظيم المتطرف خلال الأيام الست الأولى من الهجوم. وتواصل قوات عراقية التقدم باتجاه الجبهات والمناطق التي يسيطر عليها التنظيم كجزء من المرحلة الأولى من الهجوم. ومن الجانب الشرقي لمدينة الموصل، تخوض القوات الاتحادية معارك في بلدة قرقوش، أكبر بلدة مسيحية في البلاد فر سكانها قبل سنتين مع وصول تنظيم «داعش» أليها. واقتحمت قوات الجيش مدينة قرقوش قبل ثلاثة أيام، لكن القوة المدرعة التي انتشرت في شوارعها تتعرض لقصف من داخل أحيائها، حسبما أفاد مراسل لـ«فرانس برس» في المنطقة. وحققت قوات الشرطة الاتحادية نجاحا من المحور الجنوبي في اتجاه الموصل، وتقدمت سريعا من خلال السيطرة على قرية بعد أخرى وتوصل تقدمها شمالا بمحاذاة نهر دجلة. ومن المحور الشمال الشرقي، أحكمت قوات البشمركة طوقا على بلدة بعشيقة التي يسيطر عليها التنظيم المتطرف. وأعلنت تركيا التي تنشر قوات في قاعدة عسكرية قرب بعشيقة، تنفيذها قصفا مدفعيا على مواقع الجهاديين بناء على طلب قوات البشمركة. إلا أن السلطات العراقية نفت مشاركة تركيا في عملية الموصل. وتطالب الحكومة العراقية، تركيا بالانسحاب من العراق. وأفاد مراسلون لـ«فرانس برس» في الخطوط الأمامية قرب بعشيقة، أنهم شاهدوا نيران المدفعية تنطلق من القاعدة التركية مرات عدة. تعزيز الدفاعات .. وبدأ تنظيم «داعش» خلال الأشهر القليلة الماضية تغيير مواقعه إلى أماكن أخرى من أجل تجنب خسائر كبيرة في صفوفه مع تأكد الاستعدادات لبدء عملية الموصل، حسبما أفاد مسؤول أمريكي. وأوضح المسؤول للصحفيين خلال زيارة وزير الدفاع الأمريكي آشتون كارتر إلى العراق في نهاية الأسبوع، «قاموا بعمل حثيث تحضيرا للدفاع عن المدينة». ويقول المسؤول، إن استراتيجية التنظيم تبدو بأنها اعتماد على إخلاء المساحات غير الضرورية حول الموصل مقابل إيقاع ضحايا بين قوات الحكومة الاتحادية والبشمركة. ويقدر التحالف الدولي عدد مقاتلي تنظيم «داعش» في الموصل، بين أربعة آلاف إلى ستة آلاف عنصر. وقال قائد التحالف الدولي الجنرال ستيفن تاوسند، «لن يقاتل جميع المقاتلين حتى الموت» في الموصل. وأضاف، «لقد تسببنا بإرباك كبير داخل صفوف التنظيم من خلال استهداف قادة في التنظيم، الأمر الذي نفذته قواتنا الخاصة وقواتنا الجوية بشكل مميز». ويحاول الجهاديون كذلك تنفيذ هجمات مضادة في مناطق أخرى في البلاد، بينها هجوم على بلدة الرطبة الواقعة وسط الصحراء قرب الحدود الأردنية. واستولى عناصر التنظيم على مكتب القائم مقام لفترة وجيزة وأقدموا على إعدام خمسة أشخاص بينهم عناصر من الشرطة بعد السيطرة على منطقتين في البلدة، حسبما أفاد ضابط في الجيش. وتعرضت مدينة كركوك في شمال العراق قبل يومين إلى هجوم مفاجىء نفذته خلايا نائمة للتنظيم، بحسب السلطات، استهدفت خلاله مقرات للحكومة وقوات الأمن. وقال محافظ كركوك نجم الدين كريم الإثنين لـ«فرانس برس»، «تم القضاء على المهاجمين بالكامل وعادت الحياة إلى طبيعتها في مدينة كركوك»، مؤكدا، أنه «تم قتل أكثر من 74 إرهابيا داعشيا على يد القوات الأمنية، واعتقل آخرون بينهم قائد المجموعة التي خططت للهجمات». وأشار إلى أن «الاعترافات الأولية لقائد المجموعة أكدت أن 100 عنصر من داعش نفذوا الهجوم». إلى ذلك، دعت منظمة «هيومن رايتس ووتش» اليوم الإثنين، إلى فتح تحقيق حول ملابسات ضربة جوية أسفرت الجمعة الماضي، عن مقتل 15 امرأة في إحدى حسينيات قضاء داقوق جنوب كركوك. وقد اتهمت روسيا، التحالف الدولي بتوجيه الضربة، لكن الأخير ينفى ذلك.
مشاركة :