تراجع رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أمس عن تهديده بحجب موقعَي «يوتيوب» و «فايسبوك»، فيما اتهمه خصمه الداعية فتح الله غولن بتحويل تركيا «رهينة» لسياسة «الهيمنة». وكان الرئيس التركي عبدالله غل تدخل لاحتواء موجة غضب عمّت البلاد إثر تهديد أردوغان، الذي يسعى إلى وقف التشهير به وبعائلته في اتهامات مرتبطة بفضيحة الفساد الكبرى التي طاولت وزراء سابقين ومقرّبين منه. وقال غل إن حجب الموقعين «ليس وارداً بتاتاً»، مذكّراً بأن «تركيا دولة قانون»، علماً بأن أردوغان كان ذكر أنه سينفّذ بعد الانـتخـابات البـلديـة المرتـقـبة نهاية الـشـهر، خـطة لوقف «فوضى» الإنترنت واجتثاث جماعة غولن، متعهداً «عدم السماح بتحويل الشعب التركي ضحية لـ «يوتيوب» و «فايسبوك» أو مواقع أخرى». ونقلت صحيفة «يني شفق» المؤيدة للحزب الحاكم عن أردوغان قوله إن الحكومة مصممة على مواجهة التسجيلات «الملفقة» على الإنترنت المنسوبة إليه وتتهمه وعائلته ومقرّبين منه بالفساد. واستدرك أن إغلاقاً تاماً لوسائل التواصل الاجتماعي «ليس وارداً». في غضون ذلك، سخر غولن من اتهامات وجّهها أردوغان، بإقامته «دولة موازية» داخل الشرطة والقضاء في تركيا، تسعى إلى إطاحته، وشبّه قبضة رئيس الوزراء على السلطة، بقبضة الجيش عندما كان يهيمن على البلاد. وفي مقال نادر نشرته صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية، كتب غولن المقيم في الولايات المتحدة منذ العام 1999، أن أردوغان خسر الثقة في الداخل والخارج، بسبب التدابير التي يتخذها، مثل فرض قيود على حرية الإنترنت وسيطرة الحكومة على القضاء ومنح أجهزة الاستخبارات سلطات واسعة. وأضـاف: «مجـموعـة صغيرة داخل الفرع التنفيذي في الحكـومة، تـقبـض عـلى تقدّم البلاد رهينة. الهيمنة على السـياسـة التي كان يتمتع بها الجيش حلّت مكـانهـا الآن كما يبدو هيمنة الـسـلطـة التنـفـيذيـة». وشدد على أن أنصاره في تركيا «لا يهتمون بامتيازات السلطة»، معتبراً أن «السعي إلى السلطة باسم الدين يتعارض مع روح الإسلام». وزاد: «الدولة التركية مارست لفترة طويلة (سياسة) التمييز ضد مواطنين ومـوظـفي القطاع العام على أساس آرائهم». ورأى غولن أن ثمة «ظلاًّ قاتماً على إنجازات العقد الماضي، نتيجة التنميط غدراً بفئات معينة من الأتراك بسبب وجهات نظرهم، والنقل المستمر لموظفي الخدمة المدنية، وفق ملاءمتهم سياسياً (لخط الحكومة)، وإخضاع يُعتبر سابقة لوسائل الإعلام والقضاء والمجتمع المدني». وكتب: «لم يسبق أن أيّدت أو عارضت حزباً سياسياً أو مرشحاً، وسأمتنع عن القيام بذلك مستقبلاً. أمضيت السنوات الـ15 الماضية في ملاذ روحي، وبصرف النظر عما يحدث في تركيا، أعتزم متابعة القيام بذلك». في غضون ذلك، تجددت المواجهات في أنقرة واسطنبول أمس، بين محتجين والشرطة، بعد وفاة الفتى بركين إلوان (15 سنة) متأثراً بجروح أصابت رأسه بسبب قنبلة مسيلة للدموع أطلقتها الشرطة خلال اشتباك مع متظاهرين مناهضين للحكومة، في احتجاجات ساحة «تقسيم» الصيف الماضي. ودخل الفتى في غيبوبة، بعد إصابته فيما كان يشتري خبزاً لعائلته. وأطلقت الشرطة غازاً مسيلاً للدموع ومدافع مياه في أنقرة، لتفريق أكثر من ألفي شخص معظمهم طلاب سدّوا طريقاً سريعاً احتجاجاً على وفاة الفتى. كما استخدمت الشرطة غازاً مسيلاً للدموع في إسطنبول، بعدما أقدم حشد خارج مستشفى توفي فيه إلوان، على رشق حافلة صغيرة للشرطة بأشياء مختلفة. ونُقل جثمان إلوان إلى جامع للعلويين للصلاة عليه، فيما هتف حوالى ألف شخص خارجه: «دولة قاتلة» و «بركين في كل مكان والمقاومة في كل مكان» و «كتفاً بكتف ضد الفاشية». وعزّى الرئيس عبدالله غل عائلة إلوان، معرباً عن «حزنه» لوفاته، ومذكّراً بأنه كان «مجرد فتى». تركيااردوغان
مشاركة :