المتاحف المنزلية في البحرين صفحات من التاريخ والتراث : سلام الشماع

  • 10/25/2016
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

المتاحف المنزلية في البحرين صفحات من التاريخ والتراث سلام الشماع لم نعرف على وجه الدقة كم هو عدد المتاحف المنزلية في عموم البحرين، إلا أن عددها في محافظة المحرق فقط 7 متاحف، وعددها في العاصمة المنامة أكثر بالتأكيد، وإذا جمعنا معها المتاحف التي أنشأها أصحابها في المنازل بالمحافظات الأخرى فإن العدد يزيد على العشرين. وزارة الثقافة لم تسعفنا بجواب محدد، ويبدو أن معلوماتها عن هذه المتاحف معدومة، فهي مهتمة بالمتاحف الوطنية الكبرى، مع أن المتاحف المنزلية التي أسسها الأفراد تمتلك قيمة تراثية عالية، ويمكن أن تكوّن متحفا وطنيا كبيرا إذا جمعت في مكان واحد، وأن تصبح مقصدا للزوار إذا ما جعلتها وزارة الثقافة ضمن خارطة سياحية واضحة. في منطقة عراد،متحف أبوعبدالناصر الذي أسسه صالح محمد الحسن المعجب كثيرا بشخصية الرئيس المصري الأسبق جمال عبدالناصر، والقسم الأكبر من محتويات المتحف البالغة نحو 50 ألف قطعة يخص عبدالناصر. يقول محمد الحسن إنه كان يشتري هذه القطع، حيثما وجدها دون حساب، ليضعها في متحفه، الذي اقتطع له من بيته مساحة كبيرة وحوّلها إلى صالة عرض، وهو لا يعرف الآن كم تبلغ قيمة تلك المحتويات. هواية تؤرخ للبحرين ويذكر أن أقدم القطع التي يمتلكها هي مجموعات من العملات الأموية والعباسية والعثمانية، ولديه أقدم المراسلات البريدية بين الهند والبحرين التي يعود تاريخها إلى العام 1888، وقد ابتدأت المراسلات بين البلدين في العام 1884، وهي تحمل طوابع عليها صور الملكة البريطانية فكتوريا جدة الملكة الحالية أليزابيث، كما يحتفظ بالعلب المعدنية التي وزعت في حفل زواج الملكة البريطانية الحالية، وبهذا فإن متحف الحسن متميز عن المتاحف الشخصية في البحرين، بوجود وثائق مهمة وعملات قديمة وطوابع بريدية وجميع ما يتعلق بتاريخ الغوص في البحرين، بالإضافة إلى تميّزه بفتح أبوابه أمام سائر المواطنين والباحثين. ويكشف الحسن عن امتلاكه كتبا قديمة ووثائق خاصة جدا تتعلق بتاريخ البحرين، ورث البعض منها عن أبيه الذي كان عميدا للمحامين البحرينيين، ويشير إلى وجود متاحف في محافظة المحرق بالإضافة إلى متحفه، ويمتلكها عبدالعزيز بوزبون، وعلي بوزبون، وراشد عريفي المختص في جمع آثار حضارة دلمون البحرينية، وراشد عبدالرحمن يتيم وعلي الضمان وراشد جلال، ويتفرّد كل متحف بميزات مختلفة عن غيره. أرشيف صور لا يمكن أن تتحدث مع الحسن دون التطرق إلى الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر، فأينما تلتفت في متحفه تقع عيناك على صورة أو تمثال أو وثيقة عنه، ومن أهم صور متحف الحسن أبوعبدالناصر صورة للزعيم المصري في مطار البحرين حين استقبله مستشار حكومة البحرين تشارلز بلغريف، وقد التقطت سنة 1955 يوم هبطت طائرة عبدالناصر في البحرين خلال عودته من مؤتمر قمة عدم الانحياز، الذي عقد في باندونغ بإندونيسيا، ويذكر الحسن أن تلك الزيارة لم تستغرق أكثر من ساعتين إلا أن المطار ازدحم بالرجال والنساء من أنحاء البحرين كافة، على أمل إلقاء التحية على الرئيس أو رؤيته على الرغم من تكتم السلطات البريطانية، آنذاك، على خبر وصوله وعدم وجود هواتف في البلاد. أطرف ما تجده في متحف الحسن باب دكان قديم ينفتح على دكان بقال مليء بالبضائع والحاجيات، التي كان الناس في البحرين يتعاملون بها قبل قرن أو نصف قرن، وجلس الحسن أمام الدكان على كرسي قديم ليمثل دور البقال. ويعدّ راشد عبدالرحمن يتيم من أبرز المهتمين بجمع القطع الأثرية والتراثية في البحرين، ولكنه وجد أن حصر ما يجمع من تلك القطع في بيته ليس مجديا، فافتتح “غاليري” في مركز المنامة، وأخذ يتعامل مع هذه القطع تجاريا، حتى أصبح محله مقصدا للمهتمين بالتراث والباحثين فيه، وهو يمتلك معلومات غنية عن المتاحف المنزلية في البحرين، ويقول إن بداية إنشاء هذه المتاحف كانت في خمسينات القرن الماضي وستيناته، واشتهر من هذه المتاحف متحف الفنان التشكيلي راشد العريفي الذي يضم الآثار الدلمونية، إلا أن الأهم منه هو متحف عبدالحميد كاظم زمان الذي يضم قطعا أوروبية وأخرى من التراث البحريني والخليجي، تعكس صور الحياة اليومية السالفة من صيد وغوص وما استعمل من أثاث وأدوات منزلية وآلات طرب وموسيقى وأشرطة تسجيل. يقول يتيم إن أقدم قطعة يمتلكها هي جهاز فونوغراف من نوع “ببي فريرليس” مصنوع في الولايات المتحدة الأميركية عام 1914، ولديه أقدم منه وهو فونوغراف آخر من نوع “فاير سايد” مصنوع في سنة 1905. ويربط يتيم بين انتشار ظاهرة المتاحف المنزلية وبين ثقافة الناس ووعيهم وحبهم لتاريخ بلدهم، محيّيا مبادرة صالح محمد حسن أبوعبدالناصر بفتح متحفه أمام الزائرين والباحثين والمهتمين. ويناشد أصحاب المتاحف الأخرى بفتحها أمام الزوار، وهو يتمنى أن تخصص الجهات المعنية سوقا قديمة في المنامة، وتحوّلها إلى متحف بعد أن ترمّمها وتنقل إليها محتويات المتاحف المنزلية، لتكون هذه السوق/ المتحف مقصدا لزائري البحرين وسياحها على مدار السنة. عميد أصحاب المتاحف تحف مع التقادم يخصص إبراهيم بوزبون جزءا واسعا من منزله لمتحف يزخر بالأثريات والقطع القديمة المتنوعة، التي دأب على جمعها منذ العام 1964 ولا يزال، ويجتمع فيه مع أصدقائه يوميا بعد الفراغ من صلاة الفجر لارتشاف الشاي والحديث عن محتويات المتحف حتى الساعة التاسعة صباحا. يضم متحف بوزبون مقتنيات مذهلة لا تحصى، مثل العشرات من الصور النادرة لحكام البحرين السابقين والقادة العرب والمسلمين الأوائل، كما يحتوي على صور قديمة لقبر النبي محمد (ص)، وللبحرين في فترات زمنية سابقة ومقتنيات وملابس، وصور للمطربين والممثلين العرب، وأعداد قديمة جدا من المجلات الفنية العربية كـ”الشبكة” و”الموعد” ومجلات وصحف فنية مصرية يرجع تاريخ البعض منها إلى العام 1947. وتتكدس في جانب من المتحف أعداد كبيرة من العملات المحلية والعربية والأجنبية محفوظة في قوارير زجاجية، فضلا عن وثائق السفر البحرينية القديمة التي يعود بعضها إلى العهد البريطاني، إلى جانب العشرات من أجهزة التلفزيون والراديو والهواتف القديمة جدّا، مازال البعض منها صالحا للاستخدام، من بينها راديو خشبي عمره 100 سنة، وكنوز من المسابح المتنوعة تجمّعت في صندوق ضخم، ويحتفظ في غرفة ملاصقة للمتحف، بقطع فنية وأدوات موسيقية قديمة، وقطع من ملابس العروس قديما، ومفارش، وبنادق زينة كانت تستعمل قديما في العروض الراقصة خلال الأعراس، وبعدد من المزهريات الملونة المصنوعة يدويا، والعديد من علب السجائر والقنينات الغازية القديمة، واللعب المندثرة، وقطع عتيقة جدّا لأثاث منزلي، ومصابيح تعمل بالغاز والديزل، وقطع بلورية وزجاجية، وغيرها الكثير. ويزور العشرات من الخليجيين متحف بوزبون باستمرار عارضين عليه شراء مقتنياته لكنه يرفض، مؤكدا أن هذه المقتنيات جزء من تاريخ البلد، ومن حياته هو كذلك. ولا تفوت من يقصد البحرين للاطلاع على المتاحف المنزلية، زيارة متحف عبدالحميد كاظم زمان، فهذا الرجل يعدّ عميد أصحاب المتاحف المنزلية، لسبقه الجميع بتكوين متحفه في ستينات القرن الماضي، وجمعه تحفا تخصّ الخليج العربي والبحرين، وقد فتح في السبعينات محلا للتجارة بالتحف، لكنه سرعان ما أغلق المحل، وعاد ليفتح متحفا بتصميم راق في منطقة العدلية، بعد حصوله على وظيفة في وزارة المالية. يقول هواة جمع التحف التراثية في البحرين إنهم أنجزوا المهمة الأصعب، وهي جمع هذه القطع التراثية، لكنهم يطالبون وزارة الثقافة في البحرين بأن تستثمر ذلك التراث وترعاه وتروّجه، وتهتم بهواة جمع التراث الشعبي وإنشاء متحف يضمّ ذلك التراث ويحفظه ويحميه، ليكون مقصد السياح من جميع أنحاء العالم. سراب/12 شارك هذا الموضوع: Tweet RSSطباعةالبريد الإلكتروني معجب بهذه: إعجاب تحميل...

مشاركة :