بهائيون في جلسات دعاء تضم مسلمين ومسيحيين وكل يقرأ من كتابه البهائيون في الأردن أقلية دينية، لكنهم معروفون بنشاطاتهم الاجتماعية ومبادراتهم الخيرية، بعيدا عن الانتماءات الحزبية التي لا يحبذونها، وهم من دعاة التسامح والتعايش بين كل الأديان، ولعلّ أسطع الأمثلة على ذلك، هي جلسات الدعاء التي يقيمونها مع مسلمين ومسيحيين، حيث يقرأ كل واحد من كتابه المقدس. العربسلام الشماع [نُشرفي2016/11/24، العدد: 10465، ص(13)] ولع بالرموز لدى البهائيين على الرغم من قلة عدد البهائيين في المملكة الأردنية الهاشمية، الذي يقدرونه هم بأنفسهم بـ1000 شخص، إلا أن دينهم يعد ثالث دين في المملكة بعد الإسلام والمسيحية. ويتوهم الكثيرون أن البهائية طائفة أو فرقة من أحد الأديان، ولكنها في الحقيقة دين مستقل يؤمن “إيمانا راسخا بوحدانية الله وفردانيته حبا وطاعة لأمره، وأنه الأحد الصمد لا شريك له ولا نظير ولا سبيل لمعرفة ذاته”، كما جاء في كتاب الدين البهائي. والبهــائيون يشكِّــلون أحد أطياف المجتمع الأردنيّ، منذ بداية القرن الماضي، ويسهمون، قدر مستطاعهم، في تطوير مجتمعاتهم المحلّيّة من خلال معاملاتهم ومهنهم وتفاعلاتهم الاجتماعيّة، إذ عملوا في الزّراعة والتّجارة وفي سلك التّعليم والصّحة والمحاماة، ولا يألون جهدا في مدّ يد المساعدة والتّكاتف مع أيّ فرد أو هيئة قائمة على خدمة مجتمعهم بشتّى الوسائل، وإقامة الحوار وتبادل الآراء حول أهمّيّة المبادئ الروحانيّة ودورها في إصلاح المجتمع، بل والعالم أجمع. تقول الإعلامية الأردنية تهاني روحي حلمي، وهي من البهائيين، لـ”العرب” مبيّنة “عمليّة بناء المجتمع مسؤوليّة جماعيّة، فهي واجب على كلّ فرد، وحقّ له أن يتمتّع بثمارها، كما أن جوهر مقاربتها الأساسي، هو التعلّم من خلال العمل، فعن طريق بناء قدرات الأفراد وتعزيزها وتطوير خصالهم الروحانيّة، يمكن إيجاد نمط غنيّ ونابض بالحياة في الأحياء والمجتمعات المحليّة” مشيرة إلى أن البهائيين انخرطوا في مساعدة مختلف فئات المجتمع من الأطفال والشّباب والبالغين. وتضيف الإعلامية تهاني “إن تربية الأطفال تلقى عند البهائيّ كلّ الاهتمام والتّركيز، لأنها تهدف بالدّرجة الأولى إلى تنمية المواهب والقدرات والخصال الحميدة، وكذلك الحال عند الشباب، من خلال مساعدتهم على تنمية قدراتهم، ممّا يشحذ بصيرتهم الروحانيّة ويعزّز انتماءهم للوطن”. يوضح أنس حمودة، أحد أبناء الديانة البهائية في الأردن، ما ذهبت إليه حلمي، فيقول “نحن نبادر في كل حي، مثلاً، إلى جمع الشباب الناشئ من 12 إلى 15 سنة، وهذه فئة عمرية حرجة لها متطلباتها الخاصة، وليس شرطا أن يكون هؤلاء الشباب من البهائيين، وننظم لهم نشاطا أسبوعيا يقوده شخص أكبر منهم نسميه المحرك، إذ يجتمع بهم ويتدارس معهم قصصا من واقع حياتهم ويوجههم من خلالها إلى كيفية السعي نحو التميز ومساعدة أهلهم، وهذه الأنشطة تتم خارج الدراسة الممنهجة وتشكل نوعا من الإضافة إليها”. ويضيف حمودة “وكل 6 أشهر نجتمع بذوي هؤلاء الشباب لسماع وجهات نظرهم في ما قدمه أبناؤهم لمجتمعهم”. يتدخل في الحديث سعيد رحال، وهو بهائي آخر، ليخبر “العرب” أن الأهالي بدأوا يلاحظون التغير الإيجابي السريع على سلوك أبنائهم داخل البيت منذ الشهور الأولى لانخراطهم في هذه المبادرات. ويقول رحال “إنه ليس للبهائيين صلاة جماعة فصلواتهم فردية، لكنهم يؤمنون بالعمل الجماعي، والحالتان الوحيدتان في العبادة التي يجتمعون فيها هي عند إقامتهم جلسات الدعاء وأثناء صلاتهم على الميت، وجلسات الدعاء يحضرها المسلمون والمسيحيون مع البهائيين، حيث يقرأ كل واحد منهم كتابه المقدس، إذ يوحدنا جميعا رب واحد، ونحن نقدم من خلال ذلك صورة واضحة عن وحدة الأديان وروح التسامح، ومن خلال هذه الجلسات نواجه التطرف ونعلن نبذنا للإرهاب ونحصن مجتمعاتنا من تأثيراته ومخاطره”. يعترف رحال أن الطريق الذي يسلكونه ليس مفروشا بالورود، ولكن أن يسير المرء خير من أن يقف ثابتا في مكانه، مشيرا إلى أن جهودهم أثمرت عن تنظيم جلسة دعاء كل 3 أشهر لقادة الأديان والطوائف للتحاور في شؤون المحبة والتسامح، وعلى الرغم من بساطة هذا النشاط فإنه عمّق المحبة والتفاهم بين أبناء الأديان والطوائف المختلفة. وكانت آخر جلسة دعاء من هذا النوع قد عقدت في 25 سبتمبر الماضي بمناسبة يوم السلام العالمي بمكتب المبادرة المتحدة للأديان وهي منظمة شبه حكومية، وقرئ خلال هذه الجلسة ما يخص السلام في آيات القرآن الكريم وفي الإنجيل والكتابات البهائية، وقد تبع ذلك نقاش معمق حول بناء السلام وبثه بين أبناء المجتمع. ويوضح رحال أن لا وجود لطبقة رجال الدين في الديانة البهائية التي لا تقر بوجود وساطة بين العبد وربه، ولكن لدينا هيئة إدارية تنتخب مرة كل سنة تأخذ على عاتقها تسيير الأمور الإدارية للبهائيين، ولدينا دور عبادة ومقابر وأملاك وأوقاف، كما أن البهائيين في الأردن ليست لهم جمعية ولا ينضمون إلى أحزاب سياسية، ولكنهم يبادرون بنحو فردي لخدمة المجتمع في الأحياء التي يقيمون فيها لأن الديانة البهائية تفرض على البهائي العمل والعبادة. ويشكِّل البهائيّون أحد أطياف المجتمع الأردنيّ منذ بداية القرن الماضي، وهم يسهمون قدر المستطاع في تطوير مجتمعاتهم المحلّيّة من خلال معاملاتهم ومهنهم وتفاعلاتهم الاجتماعيّة، والمعروف أن البهائيين بدأوا الإقامة في الأردن منذ أواخر القرن التاسع عشر، عندما جاؤوا مهاجرين من الاضطهاد الإيراني “القاجاري”، أو حجّاجا وزائرين لمقام مؤسس ديانتهم “البهاء” في عكا، في منتصف القرن التاسع عشر. ويعتقد البهائيون أن البهاء نبي، وقد نفي إلى بغداد، ثم إسطنبول، ثم عكا، حيث توفي فيها عام 1892، وصارت عكا قبلة لهم، وصارت حيفا مقرا رئيسيا لقيادة البهائية في العالم، والتي يتبعها نحو عشرة ملايين إنسان منتشرين في جميع أنحاء العالم. سكن البهائيون في العام 1902 منطقة العدسية، بأغوار الأردن، وأسهموا بنحو كبير في تطوير تلك المنطقة زراعيا، إذ استصلحوا مساحات شاسعة من الأراضي، واستخدموا آليات وطرقا زراعية حديثة، كما أدخلوا الكثير من المزروعات التي لم تكن معروفة في المنطقة مثل: الموز والحمضيات والباذنجان الذي مازال إلى الآن يسمى “العجمي” نسبة إليهم، ولكنهم في ستينات القرن الماضي فقدوا الكثير من أراضيهم بسبب وضع الحكومة يدها على الملكيات الزراعية في المناطق التي يقطنونها، بعد فتح قناة الغور الشرقية. ولكن على الرغم من ذلك، مازال حضور البهائيين واضحا في العدسية، فهم يزرعون الحمضيات، وينتجون العسل، ومن المعروف أن أفضل ماء زهر يمكن شراؤه في الأردن، ينتج في مزارع الورد الخاصة بهم. وعلى الرغم من أن البهائيين في الأردن ينتمون إلى أصول إيرانية، فإنهم لا يعبرون عن ثقافة فرعية خاصة بهم، ولا يرون أنفسهم مجموعة إثنية، فهم ينتمون ثقافيا إلى الأردن والأماكن الأردنية التي يعيشون فيها. الكلام كثير عن البهائية ومعتقداتها، والأوهام حولها كثيرة أيضا ولكن المصادر الرسمية التي يقدمها البهائيون مختلفة كثيرا، فهم لا يختلفون عن المسلمين في رؤيتهم العامة وفي التزامهم الأخلاقي والاجتماعي، وهم يقولون إنهم ليست لديهم أسرار يخفونها، وإنهم منفتحون على كل من يريد التعرف عليهم. :: اقرأ أيضاً متطرفون مسيحيون يصبون الزيت على النار في حادثة مقتل قبطي
مشاركة :