في خيم مهترئة لا تقيهم حرارة الشمس، يبكي أطفال خوفا وجوعا، فيما الذباب يحوم حولهم، وسط مئات من الفارين من معارك الموصل، والعالقين بين ناري القوات الكردية وتنظيم الدولة عند الحدود السورية العراقية. فجأة، تقترب دراجة نارية من تجمعات اللاجئين في منطقة رجم الصليبة الحدودية في محافظة الحسكة في شمال شرق سوريا، ويسارع عناصر قوات سوريا الديمقراطية إلى إطلاق النار عليها. تبتعد الدراجة النارية لتعود مجددا، فيقطع إطلاق النار حديث أحد الشبان اللاجئين مع وكالة فرانس برس، يلف الشاب وجهه بكوفية سوداء وصفراء اللون، إذ لا يريد أن يظهر في الصور خوفا على من بقي من أهله تحت حكم المسلحين في الموصل، ويقول: «هذه هي الحال منذ عشرة أيام، وأحيانا تسقط قذائف هاون، وقد أصابت إحداها عائلة عراقية». بالقرب من الخندق، يلف شاب عراقي آخر وجهه بكوفية سوداء اللون، ويقول بعصبية «الآن بدأ إطلاق النار، والعائلات خافت وفرت باتجاه الخندق». ويتساءل بانفعال: «مرض ابني من الحر، لماذا لا يساعدوننا ويأخذوننا إلى مخيم الهول؟ نحن هنا على خط النار». في الجانب الآخر من الخندق، يقف عناصر قوات سوريا الديمقراطية بأسلحتهم الخفيفة والمتوسطة خلف حواجز ترابية، ويشرح أحدهم لوكالة فرانس برس أن ثمة «إجراءات أمنية» ينبغي القيام بها قبل إرسال اللاجئين إلى مخيم الهول. ويخوض الفارون من الموصل رحلة شاقة للوصول إلى الحدود مع سوريا ومنها إلى مخيم الهول، حيث يسيرون في منطقة صحراوية على مسافة تمتد لأكثر من مئتي كيلومتر، ويضطرون لقطع جزء كبير منها سيرا على الأقدام. وتعمل إدارة مخيم الهول حاليا على توسيعه استعدادا لاستقبال الفارين من معركة الموصل، خصوصا أن الأمم المتحدة حذرت مع بدء الهجوم على الموصل من نزوح أكثر من مليون شخص مع تطور عمليات القتال، ما قد يتسبب بأزمة إنسانية كبرى. ووصل 912 عراقيا إلى مخيم الهول خلال الأيام الماضية، وفق ما أعلنت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين الجمعة. ويفترش بعضهم الأرض بينما صنع آخرون لأنفسهم خيما مهترئة، ويجلس الأطفال إلى جانب ذويهم على أكياس من الخيش، يتناول بعضهم البسكويت في ظل نقص كبير في المواد الغذائية والمياه، ويحوم الذباب على وجوههم ويغطي التراب أقدامهم الحافية. كما أنهم يفتقدون المياه لتروي أفواههم الجافة أو تنعش أجسادهم المرهقة. وفي محاولة للاحتماء من أشعة الشمس الحارقة، يجول احدهم وهو يضع كرتونة على رأسه، ويحمل آخرون أغراضهم التي تمكنوا من إحضارها معهم في أكياس خيش، فضلا عن البطانيات والفرش التي يبحثون عن مكان ليضعوها فيه. وتفترش نوال، محاطة بعشرات الأطفال والنساء، الأرض، وتروي لفرانس برس المأساة التي تعيشها منذ أكثر من عشرة أيام، قبل أن تنفجر بالبكاء قائلة: «ذبحنا الحر والجوع» نهارا و»البرد ليلا».;
مشاركة :