تقول مصادر وزارية مقربة من قوى 14 آذار، إن عزم رئيس الحكومة اللبنانية تمام ســلام على تقديم استقالته يبقى الخيار الراجح حتى إشعار آخر، إلا إذا حصلت معجزة سياسية في جلسة مجلس الوزراء اليوم تثنيه عن الاستقالة وتفتح الباب أمام التوافق على صيغة للبيان الوزاري قبل انقضاء مهلة الثلاثين يوماً المنصوص عليها في الفقرة 2 من المادة 64 من الدستور لإنجاز البيان. وتعزو السبب الى أنه لا يريد أن يبقى تحت رحمة الاجتهادات، ومنها اعتبار الحكومة مستقيلة إذا انقضت المهلة من دون أن يتقدم من المجلس النيابي بالبيان الوزاري الذي على أساسه سيطلب الثقة بها. وتستغرب المصادر نفسها ما تشيعه قيادات في قوى 8 آذار عن أنها فوجئت بدعوة مجلس الوزراء اليوم للنظر في الاختلاف داخل اللجنة الوزارية حول دور المقاومة الذي أدى إلى تأخير إنجاز البيان، وكانت تفضل عدم الاستعجال في تحديد موعد للجلسة، وتأجيله إلى بعد غد السبت بذريعة أنه «يتيح لزعيم تيار «المستقبل» رئيس الحكومة السابق سعد الحريري التفلت في خطابه الذي سيلقيه غداً لمناسبة الذكرى التاسعة لانطلاقة «ثورة الأرز» في 14 آذار، من الضغط الذي يمارسه عليه حليفه رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع في حال تراجع عن المرجعية الحصرية للدولة اللبنانية كأساس في رسم الدور المستقبلي للمقاومة». كما تستغرب المصادر عينها «ما تروج له بعض قيادات 8 آذار، من أن الحريري يتعرض لضغط من جعجع، وأن الأخير لن يكتفي بحجب الثقة عن الحكومة وإنما سينسحب فوراً من 14 آذار». وتسأل عن مصدر «المعلومات» القائلة إن الحريري سيطلق مبادرة تؤدي إلى حسم الخلاف على دور المقاومة في البيان الوزاري، معتبرة أن من يروج لمثل هذه الإشاعات هو الذي يعيق التوصل إلى تفاهم في شأن البيان الوزاري، ويحاول أن يغسل يديه من مسؤوليته في إعاقة إنجاز البيان وبالتالي يخطط للهروب إلى الأمام، خصوصاً أن الحريري قدّم التسهيلات لتشكيل الحكومة ولم يعد لديه ما يقدمه، وبالتالي لا مكان في الخطاب الذي سيلقيه لمبادرة تنقذ البيان الوزاري. وتؤكد المصادر أن المخرج لإنجاز البيان الوزاري «ليس عند الحريري، لأن المشكلة تكمن في وجود مشروعين لا يلتقيان بين الدولة واللادولة، ونحن في 14 آذار كنا ولا نزال نراهن على مشروع الدولة كخيار وحيد لا بديل منه ونأمل التأسيس لمرحلة انتقالية على أبواب انتخاب رئيس جمهورية جديد يفترض ألا نسلمه ملفاً معقداً غير قابل للحل ونضعه أمام شعارات شعبوية لا أفق لها». وترى أن إخراج «المقاومة» من كنف الدولة ومرجعيتها «يعني من وجهة نظرنا كقوى 14 آذار، أننا نشارك في تقليص دور المؤسسات الرسمية عبر الامتناع عن وضع ضوابط لدور المقاومة، ونسلّم بأن قرار السلم والحرب هو بيد جهة غير رسمية يحق لها التفرد في اتخاذه». وتضيف أن المشكلة لا تكمن في الاختلاف على كلمة مقاومة، «انما تتعلق بالنهج والممارسة، وهذا ما يصر عليه الفريق الرافض لأي دور لها تحت إشراف الدولة اللبنانية، لأنه يتطلع إلى شرعنة استخدام القوة والسلاح ويعطي ذريعة لقيام مجموعات مسلحة جديدة تحت عنوان أنها تريد مقاومة إسرائيل والتصدي لها». وتعتبر هذه المصادر أن الخلاف لا يتعلق بالتصدي للاحتلال الإسرائيلي، وإنما في تغيير وجهة استعمال السلاح، وهذا ما حصل في مناطق لبنانية عدة قبل أن يستخدمه «حزب الله» في القتال إلى جانب النظام في سورية. وتنفي المصادر أن يكون الحريري تسلّم أي نص يتعلق بالصيغة التي توافق عليها رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس «جبهة النضال الوطني» النيابية وليد جنبلاط، وقالت إن هناك من نقل اليه صيغة لا تشكل مخرجاً، لأنها لا تأتي على ذكر مرجعية الدولة في المقاومة. ومع أنها لم تدخل في مزيد من التفاصيل حول وجود صيغة ما لدى بري وجنبلاط، فإنها في المقابل تسأل: «لماذا الإصرار على إحاطتها بسرية تامة؟ وهل تقرر حجبها عن أعضاء اللجنة الوزارية لأن هناك من لا يريد حرقها ما لم تنضج الظروف لإعلامهم بمضمونها؟». وتؤكد أن الحريري سيشدد في خطابه غداً «على الثوابت الوطنية التي هي موضع إجماع من 14 آذار، سواء تلك التي قررت المشاركة في الحكومة أم عزفت عنها، فينطلق من رفضه المساس بمرجعية الدولة التي لا يعترف بها الفريق الآخر الذي يصر على تشريع حمل السلاح واستعماله من دون أن تكون هناك ضوابط تمنع تفلته في أكثر من منطقة لبنانية». وتنصح المصادر الوزارية المقربة من 14 آذار بعدم الرهان على وجود اختلاف داخل 14 آذار، وتقول إن تشددها في الدفاع عن مرجعية الدولة يحظى بإجماع مكوناتها، ولا صحة لما يشاع عن وجود حمائم وصقور داخلها. وتتحدث المصادر عن لجوء بعض الأطراف في 8 آذار إلى فتح النار على رئيس الجمهورية ميشال سليمان بذريعة أنه يزايد في ضرورة تبني إعلان بعبدا وإدراجه في البيان الوزاري، وفي أن تكون المقاومة تحت كنف مرجعية الدولة، لقطع الطريق على التوافق على البيان، لأن لديه مصلحة في إطاحة كل الفرص لقيام حكومة فاعلة تتسلم صلاحيات الرئاسة الأولى في حال تعذر انتخاب رئيس جديد، انطلاقاً من حساباته بأن تهديد البلد بالفراغ سيدفع بأطراف إقليمية ودولية الى الموافقة على التمديد له على رغم أنه لا يريده ولا يعمل من أجله. وتسأل المصادر: «إذا صح أن سليمان يعيق قيام حكومة فاعلة لاستيلاد ضغط خارجي من أجل التمديد له، فلماذا لا تبادر قوى 8 آذار إلى سحب الذريعة منه كما تدّعي وتسهّل إنجاز البيان الوزاري؟ وإلا فإنها تلعب لعبته على الأقل من وجهة نظرها». وتعتقد هذه المصادر أن «من يعيق إنجاز البيان الوزاري هو من يدفع البلد في اتجاه الفراغ، خصوصاً أن 8 آذار هي التي أخلّت بالاتفاق الذي سهّل تشكيل الحكومة، عندما تراجعت عن موافقتها على عدم إدراج ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة في صلب البيان، وأعادت تمركزها في المربع الأول مشترطة المقايضة بين هذه الثلاثية وإعلان بعبدا». لبنانالحكومة اللبنانيةسليمان
مشاركة :