خطط إعادة انتشار داعش تستنفر أجهزة الأمن العربية والدولية بقلم: هشام النجار

  • 10/28/2016
  • 00:00
  • 15
  • 0
  • 0
news-picture

خطط إعادة انتشار داعش تستنفر أجهزة الأمن العربية والدولية دول كبرى مثل روسيا والصين، تتعامل مع مقاتلي التنظيمات الإسلامية عبر شن حرب استباقية لأسباب أهمها الخشية من عودة جهاديين ينتمون إلى أقليات مسلمة داخل أراضيها، أمّا الدول العربية فتعمل على التنسيق الأمني في ما بينها وذلك على خلفية الحديث عن إعادة انتشار لعناصر داعش بعد الضربات الموجعة التي تلقاها التنظيم في الآونة الأخيرة. العربهشام النجار [نُشرفي2016/10/28، العدد: 10438، ص(13)] ماذا أعدت الدول العربية لإعادة انتشار داعش تعاملت القوى الكبرى مع ملف العائدين من بؤر الصراعات في الشرق الأوسط، بمبدأ “الهجوم خير وسيلة للدفاع”، فلم تنتظر عودتهم، بل تتبعت بأجهزتها وعناصرها الاستخباراتية هؤلاء المقاتلين في قلب ميادين القتال وأجهزت على أعداد كبيرة منهم. ووضعت روسيا، على رأس قائمة أولوياتها في الحرب السورية، إعاقة عودة المئات من المقاتلين الروس المنضمين للتنظيمات المقاتلة في سوريا، ومثلها فعلت الصين مع المقاتلين من أقلية “الإيغور” المسلمة، حيث ترى الدولتان (روسيا والصين)، أن لهذه العناصر خططا في حال العودة لدعم النزعات الانفصالية. ومن ضمن عوامل عدم قبول موسكو بالتنازل عن استهداف فصائل القاعدة، مثل “أحرار الشام”، و”فتح الشام (جبهة النصرة سابقا)”، انخراط الكثير من المقاتلين الشيشان في تلك التنظيمات. وعلل البعض من المراقبين، القسوة المفرطة في المعالجة الروسية والصينية، بارتباط هذا الملف بالصراع الدولي، على خلفية ما تراه موسكو وبكين توظيفا مستقبليا لتلك المجموعات، بدعم غربي لإثارة الفوضى. ووفقا لتلك الخلفية، كان اتفاق وزيري خارجية أميركا وروسيا مؤخرا، خطوة مهمة بالنسبة إلى الروس والصينيين، على اعتبار أن تقويض جبهة النصرة بالنسبة إليهما إجراء لا غنى عنه لحماية أمنهما القومي. ويبلغ عدد المقاتلين الأجانب بالتنظيمات الإرهابية في سوريا والعراق، بحسب دراسة نشرتها “مجموعة سوفان” الأميركية، ما بين 27 ألفا و31 ألفا جاؤوا من نحو 86 بلدا أغلبهم من دول آسيوية تليها دول أفريقية ثم أوروبية، وأغلب المقاتلين من تونس ثم السعودية فروسيا، وبعدها الأردن وتركيا وبدرجة أقل المغرب ولبنان ومصر. وإن كانت درجة الخطورة المحتملة على تلك البلدان لا تقاس بأعداد عناصر داعش المنتمية إليها، بل تتوقف على طبيعة مواقف تلك الدول من الصراع الدائر في سوريا والعراق، وما إذا كانت تتعارض مع مصالح داعش وتهدد وجوده وأهدافه. وتزامن التعاطي بحذر وباتخاذ جملة من الإجراءات الأمنية الصارمة مع ملف العائدين، خاصة في ظل تطورات الحرب الحاصلة في العراق وسوريا مؤخرا، حيث تتحسب غالبية الدول من عودة الآلاف من الجهاديين والتكفيريين المُزودين بالخبرات القتالية والميدانية، ولهذا تنشط حركة تبادل المعلومات والتنسيق بين الأجهزة الأمنية بين مصر والعراق وسوريا وليبيا وتونس والجزائر، لملاحقة تلك العناصر وتتبع خطوط سيرها. ورأى البعض من الخبراء والمتخصصين في شؤون الحركات الإسلامية، أن داعش يتعامل مع تلك الإجراءات بخطط إعادة الانتشار وليس بخطط عودة هؤلاء الإرهابيين إلى بلدانهم الأصلية، وهو ما حدث في العقد الأخير من القرن الماضي مع “العائدين من أفغانستان”، من خلال الدفع بالمصريين إلى ساحة أخرى غير مصر واستبدالهم بعناصر أجنبية، وسيتم تعميم ذلك على باقي الجنسيات، بهدف إفشال خطة اصطياد العائدين وإنجاح عملية إعادة الانتشار والتمركز. وترسخّت قناعة واسعة بخطورة ما يمثله ملف العائدين من بؤر الصراعات من المنتمين إلى التنظيمات المسلحة ذات المناهج الأممية، تحت عناوين “الخلافة”، على مستقبل الدول العربية ووحدتها، وظهر بالفعل مدى “كارثية المشاريع التفكيكية” للدول والجيوش التي يتم توظيف هؤلاء الإرهابيين فيها. غالبية الدول تتحسب من عودة الآلاف من الجهاديين والتكفيريين المزودين بالخبرات القتالية والميدانية ووفق رؤية الدول العربية المعنية بهذا الملف، فإن الحرب على الإرهاب هي حرب واحدة ولكنها موزعة على جبهات عدة ومفروضة على الجميع في وقت واحد ومسار واحد في مواجهة خطر مشترك عابر للحدود. وبعد أن كان التخوف من سيطرة تلك التنظيمات على مساحات واسعة من البلدان العربية، خاصة في سوريا والعراق وليبيا، فإن التحول أضحى مركزا الآن على احتضان تلك التنظيمات لعناصر إرهابية يتم تدريبها ومن ثم تصديرها للدول الأخرى لاستكمال مشروع “الخلافة الأممي”، ما أدى إلى انعكاس الأوضاع نتيجة مسارات الأحداث المتداخلة، وهو ما اعتبره البعض من الخبراء، أكثر خطرا بالنظر إلى لجوء تلك التنظيمات للتخفي والسرية واللامركزية. ومعلوم أن تنظيم داعش الإرهابي، الذي يخرج من المركزية الملموسة المنظورة إلى مرحلة “الذئبية” الكامنة والمتنقلة (الذئاب المنفردة)، يكون أكثر خطرا لأنه يكون بيده تحديد مكان وزمان عملياته وأهدافه، بما يصعب الرد عليه وإنهاء وجوده كليا. وتعمل مصر، التي تتمتع أجهزتها الأمنية والاستخباراتية بخبرات واسعة في هذا المجال، على تأمين حدودها وتتابع أكثر من ستمئة مصري في صفوف داعش بالعراق، ومن المتوقع أن يحاولوا العودة فرارا من هزائم التنظيم في معاقله الرئيسية، خاصة وأن مدينة سيناء تشكل أحد أهم الملاذات المرشحة لفرار عناصر التنظيم إليها. ويذكر أن أكثر من 30 مصريا كانوا قد قتلوا من هؤلاء الـ600 خلال المعارك الأخيرة مع الجيش المصري، من بين حوالي 900 قتيل لداعش، أما العدد الأكبر فهو منخرط ضمن فصائل القاعدة بسوريا، ومتوقع أن تكون وجهة الهاربين المصريين من معركة الموصل- مرورا بسوريا وليبيا- هي سيناء للالتحاق بتنظيم أنصار بيت المقدس، الذي أعلن مبايعته لداعش في العام 2014 وصار يحمل اسم “ولاية سيناء”. ويضع التنظيم ضمن أولوياته في المرحلة المقبلة، خططا لامتصاص الضربات الموجهة له، من بينها إعادة الانتشار والتمركز على طول خرائط نفوذه وحضوره وخلق مراكز جذب بديلة تكفل استمرار نموذجه الذي ميزه عن باقي الفصائل الجهادية، ومن المرشح أن تتوفر في تلك المراكز عوامل الأمان لإقامة أهم قياداته وعلى رأسها أبوبكر البغدادي. وينظر التنظيم إلى سوريا كمحطة انتقالية أما الخطط الدائمة، فتشير إلى إحدى دول شمال أفريقيا. وهناك اتجاه يشي بمواصلة تنفيذ عمليات ومهام عسكرية لخدمة أهداف جديدة، بغرض استمرار التعبئة والتجنيد وتفادي النزعات الانشقاقية، علاوة على تجهيز خطاب إعلامي، يرتكز على جذب التعاطف مع التنظيم الذي يواجه حربا كونية من دول العالم بأكمله والتشكيك في مصداقية الفصائل الجهادية التي قدمت تنازلات لتحظى بمكاسب في التسويات السياسية. ويرى تنظيم داعش، ضمن خططه البديلة للتعامل مع مثل تلك الأزمات المهددة لوجوده، ضرورة توسيع ميادين المعارك وتحويلها إلى صراعات إقليمية وعالمية مترابطة مع التركيز على التمدد نحو الدول التي يضعها في قوائم أعدائه، بسبب مواقفها المناهضة لمصالحه في سوريا والعراق. ويخطط التنظيم أيضا لضرب المصالح الخارجية لتلك الدول وليس فقط تعزيز حضوره وتكثيف عملياته داخلها، بالتعاون مع الكيانات الموالية له داخل تلك الدول. وأشار خبراء عسكريون إلى أن تنظيم داعش سوف يسعى في المرحلة المقبلة إلى نقل قياداته ومعسكرات تدريبه وتمركزه إلى منطقة الحدود المصرية-الليبية، الأمر الذي استلزم تحركات مصرية مؤخرا لوضع خطط أمنية مشتركة مع البعض من الدول العربية للتعامل الاستباقي مع تلك الأخطار المتوقعة. وقد رفعت دول عربية عديدة درجة الاستعداد القصوى على حدودها مع لجوء التنظيم إلى فتح جبهات على تلك الحدود واختراق مدن داخل دول مجاورة لتخفيف الضغط في قلب مراكز الصراع وآخرها اختراق مدينة “الرطبة”، على الحدود المشتركة بين العراق والأردن والقريبة أيضا من السعودية. :: اقرأ أيضاً تغيير المعتقد الديني في بلدان شمال أفريقيا.. أزمة سببتها أزمات

مشاركة :