لا أريد الحديث هنا عن المقاطعة ولا حتى المشاركة، ولكل منا قناعاته وتبريراته في القضيتين، ولكن الأمر المثير للجدل الذي أود الحديث عنه هو تراجع المقاطعين من الأغلبية ليتصدروا مشهد المشاركين، بل باتوا يحثون على المشاركة بعد أن أقسموا أغلظ الأيمان بأنهم لن يكونوا مشاركين في مرسوم الصوت الواحد، والذي اعتبروه خرقاً للدستور ومخالفاً لقواعده وبنوده، وأصروا بل دعوا المواطنين إلى مقاطعة الانتخابات وخوّنوا كل من شارك بها حتى بعد حكم "الدستورية" بتحصين المرسوم، وهو أمر باعتقادي لا ينسجم مع مواقفهم السابقة، ولا مع مبادئهم التي أعلنوها وتحركوا من أجلها، ودعوا الجماهير لمناصرتهم في المظاهرات والمسيرات، الأمر الذي عرّض الكثير من الشباب للسجن والقمع وتسجيل قضايا أمن دولة وغيرها ضدهم، بل تعرض البعض لسحب "جناسيهم"، ونُفي بعضهم خارج الوطن؛ ليأتوا بعد كل هذه التضحيات ويعلنوا مشاركتهم في الانتخابات وفقاً لمرسوم الصوت الواحد الذي تسبب في كل تلك المصائب. ولأنه لم يتغير شيء منذ صدور مرسوم الصوت الواحد يجعلهم يتراجعون عن مبدئهم وموقفهم، فذلك يعني أن مشاركتهم وفقاً لهذا المرسوم تضعهم في أمرين: الأول، أن قرار مقاطعتهم للانتخابات قرار أرعن وغير مدروس، الأمر الذي يجعلهم شركاء مع السلطة في هذا العبث الذي نمر به، وبكل ما تعرض له الشباب وغيرهم من الشرفاء للسجن وسحب "الجناسي" والنفي للخارج، بل حتى القوانين التي صدرت من المجلس المنحل وتمس المواطنين، أما الأمر الثاني فإن قرار مشاركتهم الآن جاء بصفقة تمت بينهم وبين السلطة وانصياعهم لها، وخوفهم من أن يحل شباب جدد يملؤون الفراغ الذي تركوه فيخسرون الكرسي الأخضر للأبد. يعني بالعربي المشرمح: عودة "الأغلبية" وتراجعها لتشارك بمرسوم الصوت الواحد تدخلها شريكا رئيسيا في كل ما حدث وسيحدث من عبث، وتحملها مسؤولية الأحداث والقوانين التي مست المواطنين، بل إن مشاركتهم بهذه الصورة ستضفي الشرعية الشعبية على تلك الحقبة التي اعتبروها غير شرعية، وبذلك إن كانوا قد أخطأوا في المقاطعة فإنهم اليوم يرتكبون خطيئة في حق الكويت وشباب الحراك والشعب الكويتي. وشرمحة خفيفة: "شهالمعارضة اللي على طريف تقاطع من أجل مبدأ وموقف ثم تتراجع لتشارك من أجل كلمة "طلبناك" وكأن الأمر "عزومة على مفطح".
مشاركة :