اعتمد الناس منذ القدم على الوزن في معرفة كمية ما يراد بيعه أو شراؤه من سلع خصوصاً في الحبوب والثمار، وبات الميزان هو الفيصل في عمليات الكيل إذ إنه يقنع الجميع ولا أحد يشك في نزاهته، وما زال الميزان حتى يومنا هذا جزءا لا يتجزأ من حياتنا اليومية التي تعتمد على البيع والشراء إذ لا يكاد يمر يوم إلا والمرء بين بائع أو شار، ومن أهم العوامل المساعدة في البيع والشراء وجود الميزان الذي لا يمكن الاستغناء عنه خصوصاً فيما كان لا يمكن بيعه وتقسيمه إلا بالوزن كالحبوب والثمار واللحوم والذهب والفضة وغيرها الكثير، وفي الزمن الماضي القريب لم تكن هناك أدوات وزن دقيقة كما هي عليها الحال اليوم ولكن الحاجة أوجدت العديد من الموازين البدائية التي ساعدت وبشكل كبير في عملية البيع والشراء وساهمت في حفظ حقوق البائع والمشتري وأبعدت علة الغرر التي تفسد البيع. ونظراً لقلة الموازين بل وأحياناً ندرتها في ذلك الزمن فقد قام عدد من الموسرين في القرى باغتنام الفرصة لنيل الأجر وذلك بشراء موازين وجعلها (سبل) أي تسبيلها للانتفاع بها وغالباً ما كانت تلك الموازين توضع في الأسواق ليستفيد منها الباعة والمشترون على حد سواء، وقد كانت تلك الموازين من نوع (القفان) وهو في الأصل ميزان روماني بمسمى (القبّان) ولكنه بات ينطق عندنا بـ (القفان)، وظل هذا الميزان ردحاً من الزمن هو السائد في عمليات هذا الوزن، ثم تطورت الحال باستخدام الميزان الحديدي ذي الكفتين بحيث يوضع ما يراد بيعه في كفة وفي الكفة الأخرى الثقل الحديدي الذي كان مقسماً من خمسة جرامات إلى خمسة كيلوجرامات، ثم عم التطور بحيث وردت موازين ( زنبركية) وموازين ذات كفة واحدة وتعطي مؤشر الوزن إلى عشرين كيلوجراما، وأخيراً مع التطور التكنولوجي والرقمي بات الناس يستخدمون الموازين الرقمية والتي تتميز بدقتها العالية. ميزان القفان يعتبر ميزان (القفان) أول ميزان يتعامل الناس به لمعرفة الأوزان وهو عبارة عن خشبة مصنوعة من شجر الأثل ولها عدة مقاسات حسب الأوزان التي تستخدم لها وهي طويلة الشكل وفي آخرها معلاق أو خطاف مصنوع من الحديد وهي مسننة بخطوط محفورة على مقاسات يقال لها (الوزنة) وتختلف أحجام (القفان) حسب الأشياء الموزونة فالكبير يستخدم للتمور والدقيق والعيش وما شابهها، والصغير يستخدم للأشياء الصغيرة والمبيعات السهلة، ويعلق (القفان) على خشبة في سقف المكان ويربط في حديدة موجودة في طرف (القفان) ويسمى معلاق (القفان) ومنها ما هو صغير يعلق باليد اثناء الوزن، أما (حصاة القفان) فهي الحجر الذي يعلق في طرف (القفان) وله أحجام متعددة يعرف بها الوزن وفي كل حصاة فتحة صغيرة يربط فيها الحبل الذي تعلق به، وفي بعض الأحيان يوضع بدل الحجر قطعة حديدية تقوم مقام الحجر، والقفان يكون على شكل عمود من الخشب القوي يعلق من منطقه تكون أقرب لأحد أطرافه بحيث يكون مكان التعليق هو محور الوزن، ومن إحدى جهاته والتي من المفروض أن يكون المحور قريباً منها يعلق ثقل وعادة ما يكون هذا الثقل قطعة صخرية مثقوبة أما الجهة الأخرى من العمود فتكون مدرجة بحدود وكل تدريج يعطي وزنا معينا بحيث إن الحمل الذي يراد وزنه يوضع على أحد التدريجات وعند تعادله مع الثقل الموضوع في الطرف الآخر (القطعة الصخرية) يعرف وزن هذا الحمل وعادة ما يعلق (القفان) في سقف مكان سواء أكان حجرة داخل منزل أم بناء أم فناء أم مكان البيع والشراء كالأسواق، وعن طريقة معرفة مقدار وزن الحجر فقد كان هناك قطعة حديدية بمقدار (وزنة) وأخرى بمقدار (وزنتين) ولكن وجودهما سابقاً نادراً جداً ولذلك كان من يريد صنع ميزان (قفان) يقوم باستعارة هاتين الوزنتين ويعمد إلى حجر فيقوم بقطعه على مقدار الوزنة وآخر على مقدار الوزنتين ويقوم بوضع ثقب في كل حجر ليعلقه بحبل، وأحياناً قد يقل الحجر عن مقدار الوزنة فيربط به قطعة حديدية كي يتساوى الوزن، وبعد صنع الميزان يتم إرجاع الوزنة إلى صاحبها، ويبلغ وزن حصاة القفان (70 وزنة) والوزنة تساوي وزن (64 ريالا فرنساوياً) وتحرك حصاة القفان يمينا وشمالا حسب الوزنة التي يريدها المشتري، وقد ارتبطت عمليات البيع والشراء في حياة الناس باستخدام القفان وتردد في قصص العامة وأشعارهم ومن ذلك قول الشاعر شليويح العطاوي في إحدى قصائده : إن قلّت (الوزنة) وربعي مشافيح أخلّي الوزنة لربعي وأشوم وليا رزقنا الله بذود مصاليح يصير قسمي من خيار القسوم المعاناة عند ذكر ميزان ( القفان ) فإن الفترة التي كان يستخدم فيها توحي لك بما كان عليه الناس من شظف عيش وقلة ذات يد وانتشار الحاجة التي واجهها الناس بالكدح والعمل الشريف من أجل تأمين لقمة العيش، ومن قصص المعاناة التي شهدها جيل الأمس أن أحد الشباب واجه كساداً في العمل في قريته الصغيرة مما حدا به إلى الذهاب إلى العاصمة الرياض ليبحث عن عمل سيراً على الأقدام لمدة يومين وليلة اذ لم يكن يستطيع ركوب دابة لعدم تمكنه من دفع أجرتها، وبعد جهد جهيد من وصوله بأيام استطاع الحصول على عمل في البناء مقابل قروش معدودة في اليوم وبعد بضعة أشهر قرر العودة إلى أهله ولعدم وجود ما يكفي من النقود لشراء ما يحتاج إليه من مؤونة يفرح بها والديه وإخوته كقهوة أو قمح أو سكر فقد قرر ألا يعود صفر اليدين فعرج إلى أحد باعة اللحوم مقرراً شراء شحم كي يستفاد منه في الطبخ أو أن يذاب فيصبح (ودك) يؤتدم به أو يستعان به في إضاءة السراج ولم يرغب عن شراء اللحم إلا لثمنه الغالي الذي لا يستطيع دفعه، فاشترى من صاحب اللحم خمس وزنات من الشحم وهي من شحم البعير (سنامه) قام البائع بوزنها له بميزان (القفان) فأخذها ولفها بقماش معه وحملها على كتفه ولم يكن يعلم بأنها ستكون وبالا عليه طوال الطريق، ولما مشى لمدة يوم سيراً على الأقدام أضواه الليل وهو قريب من جبال (طويق) فقرر المبيت ليعاود المسير في الصباح الباكر بعد أن يرتاح من عناء المشي طوال اليوم، وبعد أن هجع قليلاً اذا به يسمع عواء الذئاب على رؤوس الجبال فعلم أنها شمت رائحة (الشحم) الذي يحمله وستقترب منه لتأكل ما لديه من شحم وستأكله في النهاية فاهتدى إلى حيلة سريعة للنجاة وذلك بأن وجد حفرة تتسع له فقام بالتوجه اليها وقطع غصن شجرة (سلم) ذات الأشواك الغليظة والطويلة فنزل في الحفرة وخبأ (الشحم) وذلك بدفنه وأغلق باب الحفرة بغصن شجرة السلم وظل ممسكاً بالجذع ليحكم الفتحة وما هي الا لحظات حتى جاءت الذئاب تدور حول الحفرة وتحاول أن تدخل فتمنعها الأشواك وقام بعضها يحفر بمخالبه في أطراف الحفرة فقام بطردها بعصا كانت معه بينما هو ممسك بالغصن ويجره إليه باليد الأخرى وظل طوال الليل ساهراً يجاهد هذه الذئاب حتى لاح الفجر وبدأت الشمس في الشروق فتراجعت الذئاب ثم ولت وتركته، فحمد الله على السلامة وقام بإخراج الشحم وحمله على ظهره وواصل المسير حتى وصل إلى بلده سالماً . ميزان الكفتين كان أول ظهور للموازين الجديدة بعد (القفان) هو الميزان ذا الكفتين الحديدي ويتكون من عصا أفقية وكفّة ميزان معلقة على كل طرف، ويوجد في منتصف العصا قطعة معدنية أو مادة صلبة لها حافّة مثل نصل السكين تُسمى (المرتكز) لتثبيت العصا ويوضع الثِّقل في إحدى الكفتين، بينما توضع أوزان معروفة في الكفَّة الأخرى حتى تتعادل الكفّتان ويوضِّح المؤشر تعادل الكفتين، وقد كان هذا الميزان يقيس الوزن إلى خمسة كيلوجرامات فقط، حيث كانت قطع الوزن التي توضع في الكفة المقابلة لما يراد وزنه مكونة من سبع قطع تتدرج في الوزن أصغرها على شكل قرص نحاسي أصفر بمقدار خمسة جرامات وآخر مشابه له بمقدار عشرة جرامات، ثم تكون بقية الأوزان على شكل سداسي أسود اللون من فئة خمسين جراما ومئة جرام ومئتي جرام وخمسمئة جرام وكيلو وخمسة كيلوجرامات، ويستخدم الناس عادة هذا النوع من الموازين لقياس أوزان مواد خفيفة جدًا مثل القهوة والسكر والأرز والبهارات وغيرها من الحبوب، وما زالت الذاكرة تختزل مرأى الباعة في دكاكينهم التي لا يخلو منها ميزان ذو كفتين حيث يقوم البائع بوضع قطعة الوزن التي يريد المشتري مقدارها كالكيلو او النصف أو أكثر وأقل ومن ثم يضع الكمية ويزيد حتى تتساوى الكفتان، حيث يزيدون في وضع كمية البضاعة حتى تميل كفتها التي تقابل فهو بسيط ولا يتعطل، ويعد منصفا للجميع والتعامل به تحيط به البركة كما يقول عنه من كان يستخدمه في ذلك الزمن، فهو غالبا ما يكون في صالح المشتري لأن البائع يتعامل بالسماحة والكرم فيضع كمية زائدة من السلعة من باب الاحتياط بمعنى أن يكون رجحان كفة الميزان قليلا في كفة المشتري، ومع كثرة استخدامه يكتسب البائع الخبرة الكفيلة بجعله يستطيع معرفة الكيلو والنصف وغيرها من الأوزان، ومع كثرة الممارسة يستطيع البائع معرفة مقدار ما يضعه بيده مرة واحدة دون الزيادة والنقصان لينطبق عليه قول المثل الشعبي الدارج (يد الحر ميزان). موازين قديمة من الموازين القديمة (المن) وهو شائع كثيراً في المنطقة الشرقية وهو مصطلح قديم في الوزن، وهو يعادل 16 كلغم أو 12 (حقة) و(الحقة) تعادل كيلوجراما وثلثا تقريباً ثم نصف الحقة وربع الحقة الذي يسمى وقية (أوقية) ثم نصف الأوقية وربع الأوقية، ويستخدم في بيع اللحوم والأسماك والربيان والتمر، والى جانب الحقة صنجة تسمى (الألف) التي تساوي ألف كيلوغرام أو (المية) وهي ثمن (الألف) ويستخدم في الرز والشعير، أما الأشياء الثمينة كالذهب والفضة وخيوط الحربي والعقاقير فتباع بالمثقال والتولة، والمثقال يعادل أربعة غرامات وربع والتولة تعادل مثقلين ونصف، أما المكاييل فهي المعروفة عند العرب قديماً (كالصاع) ويساوي خمسة أرطال وثلث، و(المد) يساوي رطلاً وثلثاً، ويساوي بالكيلو جرام كيلوين وأربعين جراماً تقريباً . الموازين الحديثة انتشرت اليوم الموازين الحديثة وهي الموازين الميكانيكية التي كانت بداية تطورها في القرن الثامن عشر الميلادي، وكانت لغالبية الموازين الميكانيكية أذرع تعمل على تخفيض قوة الثقل الكبير إلى قوة أقل، ومُجَهَّزة بمؤشر حساس لقياس الوزن، ويمكن تقسيم الموازين الميكانيكية وفقًا لنوع مؤشر قياس الوزن المستخدم في الميزان، وهناك ثلاثة أنواع من المؤشرات الميكانيكية هي الذراع والزنبرك والبندول، فالميزان ذو الذراع مزود بموازن لبيان وزن الثقل ويتحرك الموازن على طول الذراع حتى يزن الثقل، وتوجد علامات على الذراع لتحديد الوزن ويستعمل كثيراً من الأطباء هذا النوع من الموازين لقياس وزن المرضى، أما الميزان (الزنبركي) فيستعمل فيه زنبرك واحد أو أكثر لقياس وزن الثقل الذي يوضع في كفة أو منصة ويحرك وزن الثقل كل زنبرك فيطول الزنبرك أو يضغط، وبالتالي يتحرك مؤشر قياس الوزن ليحدد الوزن أوتوماتيكيا، وميزان الحمام نوع من الموازين الزنبركية المعروفة وتعمل بعض الموازين الزنبركية بدون أذرع مثل الموازين المعلقة، أما الميزان (البندولي) ذو القرص المدرج فيستعمل قرصاً مدرجاً به (بندول) لتحديد الوزن، ويميل البندول إلى جهة واحدة ليزن الثِّقل الموضوع على المنصة، وتدور إبرة في البندول على القرص المدرج لبيان الوزن وتستعمل هذه الطريقة في كثير من أنواع الموازين في المجال الصناعي، كما تستعمل محلات الأغذية هذه الموازين لتحديد أوزان اللحوم والمنتجات الأخرى، أما الموازين الإلكترونية فقد أدخلت تِجاريّاً لأول مرة في الخمسينيات من القرن العشرين، وتستعمل طرقًا متنوعة لقياس وتحديد الوزن، ولمعظم الموازين الإلكترونية جهاز يسمى خلية قياس جهد الثقل ويقيس هذا الجهاز القوة التي يحدثها ثقل الحمل الموضوع في الميزان ويقوم الجهاز أيضًا بتحويل مقياس الجهد إلى إشارات إلكترونية، ومن ثم يتم إرسال هذه الإشارات إلى مؤشر الوزن الإلكتروني فيُحوِّل هذه الإشارات ليعطي القراءة الصحيحة للوزن، ويمكن للموازين الإلكترونية أن تزن الأثقال بصورة أسرع وبأقل تكلفة، وتعطي قراءة أكثر دقة للوزن من الموازين الأخرى، ولهذا النوع معالجات دقيقة (رقائق حاسوبية دقيقة) تُمَكِّن الميزان من أداء مهام أخرى بالإضافة إلى قياس الوزن، وتشمل هذه المهام تحديد عدد المفردات في الثقل، وحساب سعر الثقل، ونقل المعلومات إلى الطابعات والحواسيب، ومن مميزات الميزان الرقمي أنه سهل الاستعمال، ولا يتطلب مجهوداً مثل القديم، كما أنه يتميز بدقة عالية وفائقة ونسبة الخطأ تكاد تكون شبه معدومة. ميزان التمر قديما قبل ظهور الموازين الحديثة ميزان القفان يعلق في الأسواق قديماً من قبل الموسرين كـوقف خيري ميزان ذو الكفتين تلا ميزان القفان في الظهور واستخدمه أصحاب المحال التجارية قديماً ميزان زنبركي ظهر مع بداية تطور الموازين ميزان القفان أول الموازين التي استخدمها الناس قديماً الصاع احدى وحدات القياس المعروفة مجموعة من أثقال الميزان ذي الكفتين دقة الميزان الرقمي أغنت الناس عما قبله من الموازين حمود الضويحي
مشاركة :