الرقة بين فيدرالية الأكراد وإمارة داعش بقلم: زيد سفوك

  • 10/29/2016
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

الأكراد ورغم إعلانهم للفيدرالية ووضع الرقة ضمن خارطتهم، إلا أنهم يدركون تماما، أن الدخول إليها لا يأتي في صالحهم، والمعارضة التي تتبع لأجندات خارجية كتركيا لا تهمها هذه المدينة. العربزيد سفوك [نُشرفي2016/10/29، العدد: 10439، ص(9)] خمسة أعوام من الثورة السورية كانت كافية لإظهار السياسة الجديدة للإدارة الأميركية في منطقة الشرق الأوسط، ولا سيما بعد خسائرها في العراق في العام 2003 أثناء الاحتلال، الأمر الذي أدى إلى غضب الشارع الأميركي آنذاك على الإدارة الحاكمة والمطالبة بسحب جنودهم من المستنقع الدموي في العراق، وتلك تجربة استفاد منها الرئيس الأميركي باراك أوباما مع بدء ما سمي بثـورات الربيع العربي، حيث لـم تدفع الإدارة الأميركية بجنودها على الأرض كما كانت تفعل في الماضي في أغلب دول العالم التي شهدت صراعات متتالية. ورغم الدمار الهائل الذي تسبب به النظام السوري وحلفاؤه من الروس والإيرانيين ضد البنية الاقتصادية وهدم البلاد وقتل الشعب وتهجيره، ظل الأميركان في موقف مخجل يكاد يهز هيبة الولايات المتحدة أمام دول العالم وشعوبها، وما يهمها هو استخدام أصحاب القضية في سوريا كمقاتلين لها على الأرض لتصفية حساباتها وتنفيذ مصالحها من دون أن تتكبد هي أي خسائر بشرية على الأرض. ظلت محافظة الرقة مهملة منذ بداية الثورة السورية، وتم تسليمها من قبل النظام السوري لتنظيم داعش وعلى طبق من ذهب، أو إن صح التعبير استلمها النظام لكن بتسمية جديدة، حيث أن غالبية عناصر التنظيم هم في الأصل بعثيون وقيادات في الحزب الحاكم، فتنظيم داعش يتّبع سياسة الترهيب والمال معا في تجنيد مقاتليه، وبمجرد دخول بعض أمراء التنظيم لأي منطقة سرعان ما يتم انتساب غالبية سكانها لهم خوفا على حياتهم ولحاجتهم إلى المال نتيجة التحكم بالاقتصاد وطرق الاستيراد والتصدير للمواد الغذائية. وإهمال الرقة من قبل جميع القوى المتداخلة في سوريا أرغم سكان تلك المحافظة على تقديم الطاعة للتنظيم، حتى أصبحت عاصمتهم ومركز قوتهم، وما يجري الآن من تحضيرات لبدء معركة التحرير ما هو إلا تصاريح مفبركة وهشة، حيث أن الإعلان عن بدء المعركة ضد التنظيم في معقله جرى منذ أكثر من عامين من قِبل إدارة الرئيس أوباما، الأمر الذي يوضح أكثر أنه لا يوجد اتفاق على القوى التي ستسيطر عليها بعد تحريرها. فالأكراد ورغم إعلانهم للفيدرالية ووضع الرقة ضمن خارطتهم، إلا أنهم يدركون، تماما، أن الدخول إليها لا يأتي في صالحهم، والمعارضة التي تتبع لأجندات خارجية كتركيا لا تهمها هذه المدينة بناء على رغبة رجب طيب أردوغان الذي حدد مطامعه ومصالحه في سوريا. وبالتأكيد يبقى النظام الذي بات مستعدا لبيع الأرض وما تبقى من الشعب للروس والإيرانيين في سبيل بقائه وعدم محاكمته من قبل المحكمة الجنائية الدولية وضمان إغلاق جميع ملفات انتهاك حقوق الإنسان ضده. الرقة عاصمة تنظيم داعش الإرهابي مكشوفة الغطاء برا وجوا، ومعظم عناصر التنظيم متمركزون على الأرض، والأقمار الصناعية الأميركية والروسية والإسرائيلية تراقب جميع تحركاتهم وتوثق مصدر توريدهم للأسلحة، الأمر الذي لا يحتاج إلى أربعين دولة كبرى وعلى رأسها أقوى دولة في العالم للقضاء عليها، بل تستطيع أميركا لوحدها أن تقضي عليهم في مدة زمنية قصيرة، لكن الأمور تذهب لتوضح أكثر أن الهدف ليس داعش، بل هو استمرار حالة الفوضى ونشر ثقافة العنف في الشرق الأوسط وتشويه عقيدة الإسلام، بالإضافة إلى استنزاف دول الخليج العربي وثرواته، الأمر الذي استفادت منه موسكو وطهران بتوسيع رقع نفوذهما. والأكراد الذين باتوا بحاجة إلى غطاء دولي لحماية حقوقهم في ظل هذه الحروب أصبحوا جنودا تحركهم القوة العظمى متى ما أرادت عبر تمويلهم المالي والعسكري ضد داعش، ولو استخدم الأكراد قوتهم ضد تركيا وإيران اللتين تغتصبان حقوقهم القومية لكانت هناك دولة اسمها كردستان، فالرقة أصبحت الآن فريسة، ومن يحاول الدخول إليها سيضع في حساباته الكثير من التضحيات، ولن تنتهي الحرب بمجرد تحريرها، فطالما أن صانعي داعش ما زالوا مستمرين بتمويله ودعمه عبر تركيا الراعية لهم (الأمر الذي أكده كبار مسؤولي الدول الأوروبية) فإن الحرب ستبقى مفتوحة على مصراعيها إلى حين انتهاء ما تم التخطيط له مسبقاً من قِبل راسمي خارطة الشرق الأوسط الجديد التي لطالما تحدث عنها الأميركان أثناء احتلال العراق. كاتب وسياسي كردي سوري زيد سفوك :: مقالات أخرى لـ زيد سفوك الرقة بين فيدرالية الأكراد وإمارة داعش , 2016/10/29 الولاءات أخرجت الأكراد في سوريا من المعادلة, 2016/10/15 أرشيف الكاتب

مشاركة :