زمن الطيِّبين زمن «الخرطي»!!

  • 10/29/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

صحيفة وصف : خالد السيف لطالما تأذّينا من عبارة: «زمن الطيبين» إذ تعاملنا معها بوصفها حكاية عن زمنٍ لم نتبيّن جنّةَ جمالهِ إلا من بعد أن اكتوينا بنار زمانٍ هو مما كسبت أيدينا «وقد عفا الله عن كثير»!! كانت جملةُ: «زمن الطيبين» أو: «الزمان الجميل» أكذوبةً سمجة أخذنا نُردّدها في كلّ مناسبةٍ ومن غير ما مناسبة على النحو الذي غدت معه من أكثر الجمل تداولاً ومن كلّ أحد كبيراً كان أو صغيراً رجلاً أو امرأة.. وما لبثنا جراء كثرة التكرار لها أن تلقّيناها بقبولٍ مطلقٍ فأضفناها تالياً إلى: «المقدّس» من أقوالنا التي ما فتئت تُسبّح بحمد «الماضي» ولكأنه التنزيل الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.!! إلى ذلك المعنى يمكنني أن أتساءل: من قالَ إنّنا لا نمتّ بصلةٍ لذلك الزمان -القريب/ والبعيد- الذي لو لم يكن بائساً بطريقةٍ أو بأخرى لما كُنا الآن -وبتأثيرٍ منه- نرزح تحت نير شقاءنا في زماننا هذا! الذي تنعتونه بزمن: «الخبثاء» و: «الزمن القبيح»!! وبمعنىً آخر: هل نحن في الجملة إلا نتاج ذلك الزمان «الماضي» وجزءاً كبيراً من مخرجاته شاء من يُقدّس «الماضي» أو يأبى!! ولو عاد بأحدنا قدره إلى ذلك العهد «الجميل.. وزمن الطيبين» كما هو شأن الذي يستلذون بإعادة هذه الجملة وتكرارها لتمنّى العودة ثانيةً إلى ما نحن عليه اليوم مع ما فيه من سوء/ وعذابات!! إذن.. فليس من المنطق بأيّ حالٍ أن نشتغل سفهاً في الإزراء بزمانٍ أنتَ/ وأنا جزء لا يتجزأ من صناعته.. وليس يصحّ في حسابات «العقلاء» هذا الانفعال حماقةً بهجاء زمنٍ لئن توكّد فيه: «العيب» فأنت بالضرورة من أعمدة عيبه وأركان قُبحه.. وهل لزماننا عيبٌ سوانا؟!! أعي جيداً أنه ومنذ: «محاورات أفلاطون» وكثيرٌ من الثقافات لم تكن تجد أدنى حرجٍ من أن تنعتَ ماضيها بـ: «العصر الذهبي» وأنّ الأجيالَ تِباعاً ما برحت تتوارث عن «آبائها» بكائيات التحسر على: «عهودٍ» قد مضت غير أنّها لم تكن لتكتفي بـ: «رثاء» ما كان: «جميلاً» فيما مضى من عصورها السالفة وإنما ألفيناها تُحرّض على استعادة ما كان: «جميلا» عسى أن تتجاوز به بؤس: «حاضرها» وشقاء أهله. على أيّ حال.. فإنّ الغاية من هذه الكتابة هي التأكيد على ما يلي: * دعونا من لغة التعميم ذلك أنّه ليس كلّ ما كان في: «الماضي» جميلاً ولم يكن أهله كلهم على ذات الطّيبة التي تظنون بادي الرأي. * ما من زمنٍ إلا وهو يَجبُّ ما قبله ولو أجرينا على الناس – اليوم- قانون زمنٍ قد تولّى لتمنوا سُكنى باطن الأرض خير لهم من التسكع على ظاهرها. * من السّفه: «معرفيّاً» الحكم على الحاضر بكونه أسود قاتماً في حين يكون البياض الناصع حكماً نسبغه على: «الماضي» بإطلاق ؟! ذلك أن المسألة على هذا النحو النظري/ العاطفي لا تعدو أن تكون محض دعوى تفتقر لـ : «برهان» إن كنّا صادقين. * حاضرنا يشكون اختناقاً بفعل قبضتنا التي أحكمناها على عنقه فظل بأفقٍ مسدودةٍ ما اضطرنا بخذلانٍ مبين إلى أن نلتفت إلى الوراء ونرمقه بحسرةٍ وبشيءٍ كبير من تلهُّف.. الأمر الذي من أجله بتنا أسارى رؤية: «الماضي القريب/ وحتى البعيد» على أنه: «الجميل»! ولعله ليس كذلك لمن كانت لديه البصيرة أو ألقى معاذيره. (1)

مشاركة :