حريٌّ بنا أن نقرأ التاريخ، ونستأخذ عبره، وأن نغوص في انتصاراته، ونتفادى انكساراته، وإلا فإننا أمام عبرة جديدة لأجيالٍ قادمة؛ قد تظلمنا حتى في قراءة التاريخ، فلماذا نئد التاريخ وندفنه، ونئد فكرنا، ونقصي كل عبق للماضي بأصالته وتاريخه، ونحن من نقصي كل ما يربطنا بالماضي، فالحياة علَّمتنا ألا نُحدِّد النجاح أو الفشل بالمقاييس المادية، فكم من ناجحٍ فقير مغمور، وكم من فاشلٍ غني، تتغنَّى باسمه وبرسمه الأوساط والمجالس، ولأن الأمر كذلك، فإن العطاء ليس له حدود، لأن القوة في الاعتبار من التاريخ، والكذب سيُكشَف لا محالة، وسيقف الكاذب أمام التاريخ لا يملك حولاً ولا قوة، لأن الكذب يتآكل ذاتياً، فيما الحق يعلو ذاتياً، والإسلام حرّم الكذب، قال تعالى: (إنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ).. أعجب كثيراً لأولئك الذين يخرجون ليكذبوا ويُصدِّقون كذبتهم. عموماً، أنا لا أريد بهذه المقدمة أن أستعرض قدرة فلسفية، فنقيصة الكذب أكبر من أن نتحدث عنها في مقال، وأوسع من أن تمتطيه اللغة، ولكن ما دعاني للحديث عن قتل التاريخ ودفن الماضي، ما نضب إلى أسماعنا من الكذب والشعارات الرنَّانة التي سرعان ما تذوب وتتلاشى. ***** هل نعي قوله تعالى: (وَلا تَقْرَبُوا الفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ)، وقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ)، وقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إن تُطِيعُوا فَرِيقًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ يَرُدُّوكُم بَعْدَ إيمَانِكُمْ كَافِرِينَ)، أين نحن من معاني هذه الآيات.. لو تدبّرناها لكُنَّا صادقين مع أنفسنا، وهذه هي الحقيقة التي لا تُغطَى براحة اليد. ***** الندم له مفهومه الخاص، فهو يرتبط بنقاءِ السريرة، وصفاءِ النية، فهو يسمو فوق الملذّات، ويغادر خالصاً لله تعالى، ولابد أن يكون الندم مُتّسقاً مع العبادات حتى يعلن عهد جديد في صلة العبد بربه. يقول الحبيب صلى الله عليه وسلم: «إن كل عاملٍ سيقدم على عملهِ، ولا يخرج من الدنيا حتى يرى حسن عملِهِ وسوء عملهِ، وإنما الأعمال بخواتيمِها، والليل والنهار مطيَّتان، فأحسنوا السير عليهما إلى الآخرة، واحذروا التسويف؛ فإن الموت يأتي بغتة، ولا يغترن أحدكم بحلم الله عز وجل؛ فإن الجنة والنار أقرب إلى أحدكم من شِراكِ نعلهِ». * رسالة: أدرك أعداء الأمة أن ضرب الدين الإسلامي في جوهره الحضاري هو الحل الوحيد حتى يكسبوا معركة الصراع مع هذا الدين العظيم، فجاءوا للأجيال بتلك الأفكار التي تنبعث منها رائحة الغلو والتكفير وما شابه؛ مما ليس من ديننا، وليس من أخلاقنا. maghrabiaa@ngha.med.sa
مشاركة :